ماذا وراء قرارات المنع والإلغاء للتفرغ الإبداعي في الأردن ؟ تيسير نظمي وصفها بثور هائج يتخبط بدمه أمام رايته الحمراء


على ذمة الراوي: تشير بعض الروايات المتسربة من ردهات وزارة الثقافة ورجال صنع القرار أن كهنة صنع قرار وزيرة الثقافة لانا مامكغ قد اطلعوا بدقة على قصتين من القصص التي كان يخفيها تيسير نظمي منذ سنة وقد كتبها مبكرا لتكون ضمن مشروع تفرغه الإبداعي الذي رفض من جهلة لا يقرؤون ، وأن اطلاعهم كان من صلب مسؤولياتهم عن مجلة أفكار – أي بحكم الصدفة والحذر من كاتبها – وأن صدمتهم كانت مريعة حيث لم يكتب كاتبا أردنيا من قبل بمستوى هذه القصص فنيا وفكريا ، فلما قارنوا بينه وبين من حصلوا من قبل على التفرغ الإبداعي في مجال القصة القصيرة أدركوا حجم الفضيحة الثقافية والإبداعية التي وقع جل مدعي الثقافة والإبداع في الأردن ضحيتها. فقصة (عصافير ملونة) نشرتها أفكار في عدد أيار/ مايو الماضي رقم 292  و قصة (أشجار هيرمان هسه) التي تأجل نشرها شهورا خمسة ! وسوف تظهر غدا أو بعد غد مع عدد شهر أيلول / سبتمبر عدد 296 بفارق أربعة شهور ! و عمليا خمسة شهور لأننا في نهاية أيلول ! ليس إجحافا وحسب بحق كاتب يفترض أن ينشر له في عدد والعدد ما بعد الذي يليه خاصة عندما يضطر الكاتب للنشر بقصد العيش من وراء مكافأة ال 75 دينارا ما قبل حسم الضرائب أي نحو (67 دينارا ) .. المقصود منها خنق وقتل الكاتب وإجباره على تصدير كتاباته للكويت أو دول الخليج للتمكن منه سياسيا حيث يتلقى تيسير نظمي أعلى رقم في الكويت مثلا (180 دينارا للصفحة الواحدة) كي يحاربونه من منطلق أنه يتعامل مع ثقافة النفط وهي اسطوانة مشروخة أمام من لم تتح لهم الأردن 35 سنة من الأحكام العرفية أن يقرؤوا كتابا في حياتهم. تيسير نظمي كانت تراهن أكثر من جهة على تصفيته بصمت فقد قال عنه وليد أبو بكر لمجموعة من الشباب الذين اتهموا تيسير بالفوقية والتعالي عليهم وعلى مثقفي الأردن أيام الفينيق ! أنه أخطر كاتب دخل الأردن ، وها هي النبوءة قد تحققت ولو بعد عشرين عاما ولدى إلياس فركوح (كناشر) ولدى جهاد أبو حشيش (كناشر أيضا) الخبر اليقين . فقد أصدر أمين عام وزارة الثقافة مأمون التل فرمانا بمنع دعم الكتب أو إصدار الكتب ليجبر فركوح أبو حشيش على التراجع عن إصدار كتب ومؤلفات من ينام في الشارع في الأردن منذ سنوات  أو كان ينام في سيارته. قرار التلهوني سبق قرار الوزيرة بأسابيع وهذا يوضح طبيعة الصراع الدائر بينهما على النفوذ وعلى التكتلات المتصارعة في الوزارة وخارج أروقة الوزارة. وموضوع تيسير نظمي ليس أكثر من أداة من أدوات الصراع بين وحوش السياسة والمال والأعمال في البلد. فوفق استراتيجية المخابرات لاغتيال كاتب خطر منذ أيام الكويت اعتمدت سياسات القتل البطيء: 1- خلق مشكلات اجتماعية للكاتب كي تشغله وقد انتهت ب( الدهس) و السجن 2- التدمير المعنوي والنفسي و قد انتهت بزيارة لمركز الطب النفسي الحكومي للفحص وأسفرت عن معالجة تيسير نظمي لأحد الأطباء الذين يعانون من اكتئاب ( تيسير نظمي صاحب نكتة ويقول عنه كامل نصيرات أنه أكبر ساخر في الأردن) 3- العزق به إلى خارج الأردن وقد أسفرت عن عودته من قطر خلال أقل من أسبوع بعد أن اكتشفت السلطات القطرية أن قطر المستقلة بلغت 26 عاما من عمرها وأن تيسير نظمي بلغ 47 من عمره و قد ساعدهم هو في هذا الإكتشاف!
4- لم يكن بدا من قبوله معلما لعل التدريس ينهكه ويدمر له التخلف أعصابه لكنها وإن أسفرت عن خروجه من المصيدة ثلاث مرات لكنها برهنت على أنه معلم متميز دونما شهادة من ملكة لم تمارس التعليم .
5- تجفيف مصادر رزقه ووسائل عيشه وانتهت بتغريق بيته تارة وإخلائه منه تعسفيا بالتحايل على القانون ولكنه انتقل لشارع الملك طلال لينقلب السحر على الساحر . فعمل بالقطعة لدى العرب اليوم وانتهى الأمر بمنع المتعاملين بالقطعة من الكتابة بها وانتهت بإغلاق الجريدة.
كل ما سبق أعلاه وأكثر مثل محاولات زجه في حياة زوجية او عاطفية أفشلها بنفسه وظل يكتب ويكرس وقته لحركة إبداع والنشر الإلكتروني والذي أدى بالأجهزة لدعم انشاء أكثر من مئة موقع و القطاع الخاص أيضا ساهم بغباء بإنشاء 400 أخرى وانتهى بالمنع لظاهرة لو لم يكن تيسير نظمي لما تفاقمت فكلها يريد إثبات شجاعته ولو بطرق رخيصة أما تيسير نظمي فشجاع حيث تستوجب الشجاعة: نشر ما لا تريد الأنظمة نشره و فقس موقعه مئات المواقع .
وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم .. هي ذي إرادة الثوار . الكهنة أخيرا أدركوا (تيسير سيموت ولكن كيف لنا أن يموت في قصصه و سيرة حياته من ذاكرة الشعب ؟) قرار آخر : إلغاء التفرغ الإبداعي لأنه الآن بات استحقاقا وفضيحة لأن تيسير نظمي يبدع دون نقود ولن تتم عملية احتوائه أبدا .. من قال لا لمخابرات الزرقاء وقال لا لمخابرات عمان منذ وصل الأردن لن يقول نعم لتصفية القضية الفلسطينية مهما حاولنا تشويه صورته فالأجيال المقبلة سوف تتعامل مع ما كتبه وليس مع ملابسه الداخلية إن كانت طاهرة أم مليئة بسائل الرجولة والحياة .


أشجار هيرمان هسه
كثر هم الذين أشاروا الليلة بأيديهم لي بالتحية ، هززت رأسي للبعض ولوحت بيدي لبعضهم الآخر ، غير مستغرب تحياتهم المفاجئة قبل بداية المسرحية ، في مسرح دائري ، ليس لأنهم مشتاقين لي أو يفتقدونني بل : أولا لأنني تكاسلت بصحبة السيدة الجميلة أن أتقدم الصفوف الأمامية التي هجرها كبار الضيوف و السفراء والفنانين الكبار والنجوم فأقعيت حيث هي اختارت مكانا علويا يشرف على الجميع بحيث ترى أي سيدة جميلة وقع تأثيرها عندما تجلس بقرب رجل معروف أو مثير للاهتمام و فضول النساء وأسئلتهن الدائمة : منذ متى يعرفها ؟ هل بينهما علاقة ؟ أين صديقته القديمة ؟ أين صديقها القديم ؟ هل ستتطور العلاقة بينهما ؟ شعرها جميل و لكن فستانها عادي غير مثير هذه الليلة ؟ قميصه جديد و أنيق ومزاجه الليلة متعكر ..كنت أعرف هذه الحقيقة وثانيا وثالثا من الأسباب،  وربما هي أيضا بجانبي تعرفها و تحب أن نتبادل عن قرب الحديث و ربما الهمس بحيث تلامس خصلات شعرها وجهي و بحيث تقترب أنفاسي من حلمة أذنها كي لا يسمعنا أحد ممن هم خلفنا أو ممن هم بجوارنا . كنت متأكدا أن الأمر الذي يعنيهم ليس بالضرورة يعنيني، فكم من الصديقات جالست أو جاملت وربما أطريت وانتهينا إلى ما يشبه النسيان . تحياتهم لم تكن تماما لي وإلا لماذا لم أتلق أية تحية الليلة من أنثى ؟ حتى بعض من أعرف منهن كن عابسات قليلا عندما جال بهن بصري دون أن تنبادل الابتسامات ، لا شيئ جديدا في المسرحية ، انتهى العرض ففوجئت بمن تجالسني عن قرب تنهض و تصفق ، نعم تصفق بحرارة لعرض ساذج و غاية في السطحية لم يستدع نهوضي عن المقعد . هذا الفارق الأول بيننا و الذي لو أدركه رتل المحييين لي لما وجه بعضهم التحية . لا جديد في حياتي ومن الصعب أن يكون هنالك جديد لكثرة ما افتقدت ممن جالستهن و كن يجلسن بقربي و كلانا يحس بالزهو والنشوة لتلك المجالسة التي تفصح عن حب أو مشروع حب أو علاقة يتوجها الحب المشهر على الناس لمجرد رغبة الطرفين في اشهاره و متعة أن يتحدث عن أحدكما الناس أكثر مما يناقشون المسرحية . لا شيئ عاد يثير انتباهي،  لا من أجالسهم أو أرد لهم التحية ولا الموضوع المسطح أمامي على الخشبة و الذي يتحفتل حوله المخرج والممثلون . لكن ما اكتشفته الليلة فاق توقعاتي فتساءلت : عندما تكون المرأة ورقة خضراء من ورق الشجر أو غصنا تتدلى من صدره الفاكهة أو كزهر اللوز مزدانة بها الشجرة .. و على كثرة من عرفت من ورق الشجر والثمر و الأجاص الشهي و تين الشفتين المحلى بالعسل ..لماذا الليلة تحديدا غدوت شجرا عاريا من الورق في خريف هيرمان هيسه ؟ و هل ينتظر الشجر الموت بلا رهبة منه أو من مناشير و سواطير التجار و الحطابين ؟ و أي مشروع أعد به اليوم ؟ غرفة نوم فاخرة و أثاث مكتبي لحالمة ببيت وعرس وليلة من الشهوة العابرة ؟ لم أدرك فداحة وجه الشبه بيني و بين هيرمان و الشجرة الخريفية إلا عندما تذكرت كيف انهارت الزيتونة الرومية التي في ساحة الشجر أمام بيتنا في سيلة الظهر و كيف لم يعد حول منزلنا توت أو تين أو كرز أو حتى صبار أو مشمش . و خلال غيبوبتي نظرت حولي لمن كانت تجالسني بسعادة غامرة فإذا بها لم تعد بقربي ولا أنا انتبهت متى غادرت دوني منسلة لخارج المسرح .

عمان - 4 – أيلول 2012


في آخر لقاء - ما قبل الانتخابات- بين الكاتبة إنصاف قلعجي و الكاتب تيسير نظمي شكرت إنصاف الكاتب نظمي بحرارة على أنه عرفها بسبب من قصته (أشجار هيرمان هسه) بذلك الكاتب الذي شرعت تقرأ له رواية (دميان) :::: تقول الناقدة ديما خليل عن تلك القصة التي ظهرت اليوم في العدد 296 من مجلة أفكار : فضلا عن أن كاتب قصة (أشجار هيرمان هسه ) لخص لنا فهمه كناقد لمجمل حياة هيرمان هسه الألماني الأصل السويسري الإقامة والجنسية ! مازجا حياته الشعرية كشاعر ورواياته كروائي في قصة قصيرة جدا إلا أنه أيضا تكلم عن نفسه كفلسطيني الأصل ويعيش في الأردن أو الكويت بقصة تجلت بها عبقرية ونضج الناقد والقاص والشاعر . وقد أدرك سنكريز (تيسير) أن الهدف من الحياة هو المعرفة وأن لكل إنسان رسالة وهي العثور على الطريق نحو نفسه ؛ أن يعرف مصيره هو لا كيف مصير غيره ويكون مخلصا لنفسه؛ وغير ذلك ما هو إلا هروب وتملص وخوف.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا