المعلم تيسير نظمي يكتب كلمة تهنئة لنقابة المعلمين الأردنيين بتارخ 4 تموز 2012 !!


صبحي غندور*

ثلاث مراحل مرّت فيها الصورة المشوّهة للعرب والمسلمين في الغرب عموماً، وفي الولايات المتحدة خصوصاً. فهناك مرحلة ما قبل سقوط "المعسكر الشيوعي" حيث كان التركيز السلبي على الإنسان العربي تحديداً (كهويّة قومية وثقافية دون التطرّق للبُعد الديني)، من خلال توصيفه عبر الإعلام وبعض الكتب والأفلام السينمائية بالإنسان الماجن والمتخلّف الذي يعيش في بلدان صحراوية ما زالت تركب الجِمال رغم ما تملكه من ثروةٍ نفطية.
  المرحلة الثانية، التي بدأت بمطلع عقد التسعينات، واستمرّ فيها التشويه السلبي للهويّة القومية الثقافية العربية لكن مع بدء التركيز أيضاً على الهويّة الدينية الإسلامية، حيث تجاوز تشويه العرب ليطال عموم العالم الإسلامي باعتباره مصدر الخطر القادم على الغرب و"العدو الجديد" له بعد سقوط "المعسكر الشيوعي".
  في هاتين المرحلتين، لعبت (وما تزال إلى الآن) الجماعات الصهيونية وقوى عنصرية ودينية متعصبة ومتصهينة، الدور الأبرز في إعداد وتسويق الصور المشوّهة عن العرب والإسلام. بدايةً، لإقناع الرأي العام الغربي بمشروعية وجود إسرائيل (مقولة شعب بلا أرض على أرض بلا شعب)، وبأنّ العرب شعب متخلّف ولا يمثّل الحضارة الغربية كما تفعل إسرائيل!. ثمّ أصبح الهدف في المرحلة الثانية (أي في مطلع التسعينات) هو تخويف الغربيين من الإسلام والمسلمين كعدوٍّ جديدٍ لهم، وفي ظلّ حملة واسعة من الكتابات والكتب والمحاضرات عن "صراع الحضارات". 
  المرحلة الثالثة ظهرت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 وما لحقها من أعمال عنفية في بلدان مختلفة جرت تحت أسماء جماعات إسلامية وأصبح يُرمز اليها، اختصاراً لمفاهيمها وأساليبها، بجماعات "القاعدة" رغم عدم  تبعيتها لقيادة واحدة.
  وخطورة هذه المرحلة الثالثة أنها حوّلت ما كان مجرد كتاباتٍ في عقد التسعينات عن "العدو الجديد للغرب"، إلى ممارساتٍ ووقائع على الأرض، كان المستفيد الأول منها إسرائيل والمؤسّسات الصهيونية العالمية، التي كانت تُروّج أصلاً لمقولة "الخطر القادم من الشرق"، والتي لها أيضاً التأثير الكبير على صناعة القرارات السياسية في أميركا والغرب.
  وكانت إدارة جورج بوش الابن هي الحاضنة والمنفّذة لكلّ السياسات التي وضعها، في أواسط التسعينات، جملةٌ من "المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة بالتنسيق مع معاهد وشخصيات معروفة بعلاقتها الوطيدة بإسرائيل، بل كان لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دورٌ مباشر فيها آنذاك من خلال ما يُعرف باسم وثيقة: «الانفصال عن الماضي: إستراتيجية جديدة لتأمين الأمن» *Clean Break التي صاغها في العام 1996 ثمانية من كبار "المحافظين الجدد" والذين حاز بعضهم على مسؤوليات كبيرة في الإدارة الأميركية السابقة، وكان لهم القرار في الحرب على العراق وفي إطلاق مقولة "الحرب على الإرهاب" في العالم الإسلامي.
***
من المهمّ الإشارة هنا إلى أنّ أول من بدأ بطرح مقولة "الصراع بين الإسلام والغرب" في التاريخ المعاصر هم الغربيون أنفسهم. ودعاة هذا الطرح في الغرب لا يستطيعون القول: دينٌ مقابل دين، لأنّهم بأكثريتهم ينتمون لمجتمعات علمانية لا يُفترض للدين فيها دور في حركة المجتمع أو في تطوّره، وبالتالي يختار – هؤلاء الدعاة - كلمة "الغرب" لتعبّر عن جملة خصائص.. فهي تعبّر أولاً عن مضمون اقتصادي (نظام الاقتصاد الحر)، وهي تعبّر ثانياً عن مضمون سياسي (النظام الديمقراطي العلماني)، كما تعبّر ثالثاً عن مضمون جغرافي كان لفترةٍ طويلة رمزاً لحالة المواجهة في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، وتعبّر أيضاً عن كتلةٍ لها مضمونها الأمني بما يُعرف بحلف "الناتو" أو الحلف الأطلسي، وهي أيضاً – وهذا الأهم- تعبّر عن كتلةٍ أصبح لها مجموعة من المفاهيم الحضارية الخاصة بها تريد تعميمها على باقي دول العالم، كما تعبّر ضمناً عن تراثٍ ديني هو مزيجٌ من تراث المسيحية واليهودية معاً.
طبعاً، كلمة "الغرب" لا يجب أن تُستبدَل بالمسيحية، لأنّ هذا الاستبدال من شأنه أن يوقع الجميع في محظور لا يجب الوقوع فيه. فمشكلة العالم الإسلامي ليست مع المسيحيين في الغرب، لأنّ العالم المسيحي نفسه عانى من صراعاتٍ دموية حصيلة الصراع على المصالح بين حكّام الدول الأوروبية، فقد شهدت أوروبا الغربية في القرن العشرين حروباً لم يشهد لها العالم من قبلُ مثيلاً، جرت بين دولٍ أوروبية مسيحية، يجمع بينها الموقع الجغرافي الواحد كما يجمعها الدين الواحد والحضارة الواحدة.
إذن، فإن الذين سوّقوا لفكرة وجود صراع بين الإسلام والغرب أرادوا فعلاً بهذه الدعوة جعل الغرب كلّه بحالة جبهة واحدة متّحدة ضدّ "الإسلام" كموقع جغرافي غني بالثروات، وقلب هذا الموقع الجغرافي هو الأمّة العربية وثرواتها.
على الجانب الآخر، ما المقصود بتعبير "الإسلام" في هذه المقولة: هل الدين كعقيدة؟ هل المسلمون أنفسهم كأفراد وهم بمئات الملايين؟ هل حكومات العالم الإسلامي ومعظمها هو "صديق" للغرب؟ أم نتحدّث عن الموقع الجغرافي وثرواته فقط..؟ وهل نعني بالعالم "الإسلامي" كتلةً واحدة اسمها "الكتلة الإسلامية"، كما كانت "الكتلة الشيوعية"، وهل هذا بصحيح!؟ هل هناك انسجامٌ أصلاً بين طبيعة الأنظمة في العالم الإسلامي، وهل هناك موقف سياسي واحد يجمع بين حكوماته؟ الجواب لا طبعاً، بدلالة كل ما يجري من صراعات وحروب بين وداخل دول العالم "الإسلامي".
ليس هناك جبهتان: غربية وإسلامية، بل هناك كتل متنوعة وقوًى متصارعة في كلٍّ من الموقعين، ولهذه التسميات المفتعَلة أهدافٌ سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية. هذه الأهداف مرتبطة بقوّةٍ كبرى هي الولايات المتحدة الأميركية التي أرادت أن تقود وحدها العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وبعد انتهاء الصراع على أساس شرق/غرب بالمفهوم الشيوعي/الرأسمالي. لذلك، كان المطلوب لدى من حكموا أميركا من "المحافظين الجدد" بديلاً لهذا الطرح، فوُضع شعار "الخطر الإسلامي" منذ التسعينات كطرحٍ بديل ليُقبَل أولاً داخل أميركا والغرب قبل أيّ مكانٍ آخر، وليبرّر سياسات وحروب لم تكن لاحقاً لصالح أميركا، ولا لدورها القيادي الأوحد المنشود، بل استفادت منها فقط شركات ومصانع ومصالح خاصة، إضافةً إلى ما جنته إسرائيل من توظيفٍ كبير لهذه السياسات والحروب الخاسرة. ولا شكّ أيضاً بأنّ أساليب الإرهاب والعنف المسلح بأسماء جماعاتٍ إسلامية، خدم بشكلٍ كبير هذه السياسات وإن تصارع معها شكلاً في أكثر من ساحة!.
لقد أصبح العنف ظاهرة بلا ضوابط، وهذا نراه الآن حتّى في مجتمعاتٍ تسعى للتغيير، ممّا يجعل أمور هذه المجتمعات تسير من سيءٍ إلى أسوأ. فالتغيير القائم على العنف المسلّح والقتل العشوائي للناس يؤدّي حتماً إلى تفكّك المجتمع، وإلى صراعاتٍ أهلية دموية، وإلى مبرّراتٍ لتدخّلٍ إقليمي ودولي يُكرّس تقسيم المجتمعات ويُدوّل قضاياها.
لقد عاشت المنطقة العربية في العقد الأول من هذا القرن الجديد حقبةً خضعت الأحداث فيها لمتطرّفين دينيّين وسياسيين تولّوا حكم أكبر قوّة في العالم (الولايات المتحدة)، وأكبر قوّة إقليمية في الشرق الأوسط (إسرائيل)، بينما ارتفعت سمة التطرّف الديني والسياسي أيضاً في العديد من الدول العربية والإسلامية.
السّمة المشتركة بين كل جماعات التطرّف هنا وهناك أنّها تستغلّ شعاراتٍ دينية وتستخدم العنف المسلّح، ممّا يجعل معارك هذه الأطراف يخدم كلٌّ منها الآخر عمليّاً، وإنْ ناقضه نظريّاً!.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن


منابع القاعدة
بقلم / توجان فيصل
 29 أغسطس 2012
حذّر كتّاب أردنيون مما كشفه قادة السلفية الجهادية في الأردن من دخول أكثر من مئة "مجاهد "من أتباعهم لسوريا ضمن "جبهة نصرة أهل الشام" المعروف ارتباطها بالقاعدة. والتخوف هو من انتقام سوريا ومن وجود تنظيمات أردنية مسلحة تعمل علنًا. والأمر الثاني هو الأخطر باعتبار أن هؤلاء سيعودون للأردن حتمًا وينقلون إليه معركة "دينية" وليست سياسية.
ويلمح الكتّاب لكون التسلح وأيضًا العبور لسوريا لا يتأتى دون مباركة أو غض طرف رسمي. وهو ذات ما يستشفّ من مقالات وتقارير إعلاميّة غربيّة تتحدث عن دور أردني و"عبر أردني" شبيه بالدور الذي لعبه الأردن في الحرب على العراق. وهنا نتوقف عند أهم صلة بين الحدثين وهو دور الحكومات الأردنية في تغذية منابع القاعدة بتأزيم نابع من استماتة على إرضاء الغرب مقابل معونات شحيحة آلت لجيوب تلك الحكومات, لتزيد بضعة ملايين على مليارات نهبت بالمقابل (مثال : تهريب نفط العراق قبل الحرب ثم أمواله نقدًا بعدها) عبر غض طرف التحالف الغربي.
تاريخيًا تمثل "معان" ثيرموميتر الحرارة الشعبية في أي موضوع داخلي أو إقليمي , ولهذا كانت نقطة انطلاق انتفاضة نيسان عام 1989. وهو ما يؤيده تقريران لمجموعة معالجة الأزمات الدولية صدرا في شباط وتشرين أول 2003 ,والتقرير الثاني يعيدنا للحاضر كونه بعنوان " تحديات الإصلاح السياسي: الدمقرطة الأردنية وعدم الاستقرار الإقليمي". والتأزيم الرسمي تناوله حينها مقال لسكوت جرينوود في " مدل إيست جورنال "بعنوان " "صفقة الأردن الليبرالية الجديدة ".
ينقل الكاتب ما أوردته الواشنطن بوست من سماح الحكومة الأردنية لقوات أمريكية بالتواجد على أراضيها وباستعمال مجالها الجوي في عمليات ضد العراق مقابل حصول الأردن على مدفعيات باتريوت و150 مليون دولار معونة إضافية محتملة !! ويفند الكاتب تكذيب وزيرالإعلام الأردني للخبر بكون الحكومة اعترفت بوصول فرق أمريكية لتشغيل الباتريوت أوائل شباط 2003.
حكومة علي أبو الراغب افتعلت أزمة معان خريف عام 2002 خدمة لتلك الصفقة. يقول جرينوود : "الحكومة الأردنية حاصرت من تشكّ بأنهم مسلحون قبل نشوب الحرب. وأكثر هذه العمليات درامية جرى في معان. والقصة الحكومية الرسمية هي أن الجيش استدعي لوقف "عصابة من الخارجين على القانون " ترهب سكان المدينة. ولكن تقاريرصحفية دولية وتصريحات لمسؤولين أمنيين لم يشاؤوا ذكر أسمائهم, وصفوا العملية بأنها هدفت لأن تضع في السجون أولئك الذين يمكن أن يتسببوا باضطرابات في حالة شن الحرب على العراق". أما " استعمال القوة المفرط في معان " فيفصله تقرير معالجة الأزمات الأول بقوله " قاتل فيه آلاف من رجال الشرطة والجيش والقوات الخاصة داخل وحول المدينة.. وخلّف ستة قتلى والعديد من الجرحى والمعتقلين".. الذين قدموا لمحكمة أمن الدولة , وأبرزهم "أبو سياف" الذي بلغت حماية أهل معان له أن أطلقوا سراحه بمهاجمة مخفر الأمن .. فاعتقل في النهاية على طريق معان بكمين ضخم.
التهمة التي وجهت للمعتقلين في محكمة أمن الدولة هي "التخطيط لارتكاب جناية مخلة بأمن الدولة, بالاعتداء على القوات الأمريكية في مناطق الأزرق والجفر والصفاوي والرويشد وياجوز". وجاءت حكومة فيصل الفايز بعد أكثر من عام لتعلن عن " توجه ملكي لطي ملف معتقلي معان ", لتقوم محكمة أمن الدولة بالحكم على من اعتبروا رموزًا قيادية (منهم أبو سياف) بأحكام تصل لخمسة عشر عامًا أشغال شاقة , وبالمقابل تحكم بعدم مسؤولية كافة المتهمين بتهمة التخطيط للاعتداء المزعوم بالذات لأن "ركن ضرب قوات أمريكية على الأراضي الأردنية مستحيل لانتفاء وجود هذه القوات في المملكة, بدليل تصريحات جلالة الملك المنشورة في جريدة الدستور بتاريخ 12-7-2002 والتي تضمنت ألا وجود لقوات أمريكية في الأردن"!!! فأين كان الادعاء العام العسكري حين أعلن الملك هذا قبل أربعة أشهر من أحداث معان, وكيف يجري اعتقال وتوجيه تهم التآمر لارتكاب جنايات ضد أهداف "غير موجودة" ؟؟!!
وهذا يثبت أن " أحداث معان " بكل ما صاحبها من عسف مفرط وصولاً لمحاكمات تصل هذا الحد من الاستخفاف بعقول الناس قبل حقوقهم , كانت فعلاً لخدمة صفقة تلك الحكومة التي يفاخر رئيسها أمام الصحافة ويتحدى الشعب ليومنا هذا بقوله " أنا المسؤول عن أحداث معان " , بما يؤكد أنه بعد عقد كامل ليس هنالك في الدولة من يحاسب.. بل إن تدخلاً مشابهًا يجري في سوريا, فيما ذات الإنكار الرسمي يجري لوجود قوات أومتدخلين آخرين ,ولو باستغلال أبو سياف وجماعته التي تنامت في ظل تعاطف شعبي مبرر في ضوء ما جرى لهم.
الكاتب و المترجم و الصحفي و المعلم تيسير نظمي في نقابة المعلمين التي حرموه منها 

الرئيس المصري يصل طهران للمشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز 

المعلم تيسير نظمي يكتب كلمة تهنئة لنقابة المعلمين الأردنيين بتارخ 4 تموز 2012 !!

مأساة المثقف الفلسطيني بين مجتمعه
بقلم: خباب مروان الحمد

حينما يطْمَح المُثَقَّفُ أن ينفعَ مُجتَمَعه، ويبذلَ الكثيرَ مِنْ أجْلِ ذلك، ولا يجد مِنَ المجتَمَع إلاَّ الصَّدَّ والردَّ، والنَّقْضَ والنَّقْدَ، بِقَصْدٍ وبدون قصْدٍ، فإنَّه سيُصْدَمُ بصدمةٍ في ناصيته قد تُؤثِّر في مستوى اندِماجِه النفسي والسلوكي مع هذا المجتمع!
ذلك هو المُثَقَّف الفِلَسْطيني المُلْتَزِم الذي يرنو إلى خدمةِ مُجْتَمَعِه، والدِّفاع عن هُويَّة أمَّته وحضارتها، ومُعارضة الباطل ومُراغَمَته، وتجديد معالِم الدين لدى أبناء شَعْبه، مِمَّن انطمست لديهم كثير من معالم الدين وارتباطها بحضارتهم وثقافتهم الإسلامية...
يعيش المثقَّفُ الفلسطيني هذه الأيام في حالة اغتراب شديد، تَصِل إلى حدِّ (التراجيديَّا) واجترار الأحزان؛ لأنَّه يرى أنَّ ما يغترفه مِن بَحْر العلم، وكُنوز المعرفة، وعالَم الثقافة، محاولاً أن ينفعَ به مُجتمَعَه ويبلغه رسالته، فلا يُقابَل إلا بحالةِ إِعْراضٍ كُبْرَى عن حضور مجالسه، واهتمام نادر من أبناء الشعب الفلسطيني للنهل من المصادر الثقافيَّة، ويتأسَّى حينما يرى أنَّ غالب اهتمامات كثير من الشعب الفلسطيني في المُتع الدنيوية واللذة وجني الأموال والاستهلاك والتفكير بالسياحة والسفر!!
ويستحثُّه الألم كذلك وهو يرى أنَّ كل ما يَبْذُلُه مِن جهدٍ لا يساوي عشر مِعْشار ما تبذله فتاة (مغنية وراقصة)، تأتي لبعض الأماكن الثقافيَّة؛ فتُغَنِّي وتطرب وترقص؛ مِنْ أجل عيون الآلاف المحتشدة أمامها؛ لأنَّها قد شاركتْ في برنامج (ستار أكاديمي)! فهي إذًا تستحِقُّ أنْ تفتحَ لها بوابات الجامعات، وتشارك مِنْ أَجْل ترفيه الشباب والفتيات، ولربما يوصد الباب أمام كثيرٍ مِن المثقَّفين الذين يرغبون في أن يقدِّموا لمجتمعهم الفلسطيني باقَةً من الأفكار الرائعة، وطاقة ثقافية تَهْديهم سواء السبيل!
وليس بِمُستغرب عندما يشاهد ذلك المُثَقَّف الفِلَسْطيني حالةَ الانحدار الأخلاقي، وانتشار الفساد والسوء والمجون في الشارع والمدرسة والجامعة، وليس بإمكانه أن يُقدِّم نفعًا لأمَّته إلا في جهد محدودٍ، فهو وإن شَعر بِوَخْزِ الضمير على ما يراه مِن معصية لله تعالى تَجْرِي فوق أرض الرباط دون نكير، فسيكون ذلك مَدْعاةً لبعض المُثَقَّفين لأن يلتحفوا بلحاف ثخين، ويبتعدوا عن مجتمع الناس وحركة حياتهم، قابعين في صومعتهم الفكريَّة وأحلامهم الورديَّة!
ولعلَّ بعضهم ينشد قائلاً:
ولَمَّا رأَيتُ الجهلَ في النَّاسِ فاشِيًا *** تَجَاهَلْتُ، حتى ظُنَّ أَنِّيَ جَاهِلُ
وهو ما يؤدي ببعضهم لأن يصل إلى درجة الإحباط، واليأس من حالة الإصلاح الثقافي للمجتمع، مع أنَّه حري بالمثقَّفِ ألاَّ تعتريه هذه الحالة؛ لأنَّه مُصلِحٌ ولابدَّ للمصلح من طريق المعاناة!
وإن كان المُثَقَّفُ الفلسطيني ملتزماً يُريدُ أن يقدمَ لأمته نفعًا، وكان شخصًا مُستقلاً في تفكيره، فإنَّه سيُبْتَلَى أول ما يُبْتَلَى بالكثير مِنْ ضيِّقِي الأُفق من المنْتَسِبين للأحزاب والجماعات الفلسطينيَّة كذلك!
لأنَّهم يَرَوْن في الشخص المثقَّف المُلْتَزِم المستقل حالةَ شُذُوذ عمَّا ألِفُوه في مُجْتَمَعِهم المحزَّب المُسيَّس، ولربما يختلف عن الطراز العام مِن عُمُوم الشعب الفِلَسْطيني المتحَزِّب لفئة، أو المؤيد المطلَق لِجِهَةٍ ما دونما تحزب، فهو متَحَيِّز لا مُتَحَزِّب!
وحين تتحدَّث للمثقَّف عن سبب فتوره في سبل الإصلاح الثقافي فإنَّه سيقول لك والحزن باد على وجهه: ها نحن نشعر أنَّ مُجتمَعُنا الفِلَسطيني قد قلَّتْ لديه الجوانب الإيمانيَّة، وضعف اهتمامُه الثقافي بتاريخ قضيّته وثقافتها، وتأصَّلتْ فيه النوازع الحزبيَّة، فكانتْ أحكامُ كثير منهم (سطحيَّة)، وفي الوقت نفسه (فوقيَّة)؛ بمعنى أنَّهم لا يمكنهم أن يُغَيِّروا مِنْ رأيِهم!
بل قد يُخبرك المثقَّفُ الفِلَسْطيني المستَقِل أنَّه قد عانى كذلك من بعض إخوانِه (الإسلاميين)، فهو عندما يريد أن يتقدَّم بأفكارٍ يطمح لتقديمها ونشرها، فسيرى التواءً عجيباً في التجاوب والتفاعل معه مِمَّن يكونون في سدَّة تلك المناصب، فتارة يعتذرون له، وأخرى يتهرَّبون من إجابته، أو يذكرون له أعذاراً أوهى من بيت العنكبوت؛ فيَحُولُون بينه وبين الجماهير؛ وذلك لأنَّ طريقتَه وتفكيرَه يختلف عنهم وعن مستوى تَفْكيرهم وطريقتهم وتصوراتهم!
وفي الوقت نفسِه، فهو يُعاني مِن بعض جهات السُّلطة، التي لا تُعطيه قَدْره، ولربما تَمْتَحِنُه بين فَيْنةٍ وأخرى، وتضْغَطُ عليه بأسلوبٍ أو بآخرَ؛ لكي يضعفَ أو ينثنيَ عن ممارسةِ نشاطه الثقافي في بلاده، أو تكسبه لصالحها، مع أنَّه ليس له في الأحداث السياسيَّة ناقَةٌ ولا جَمَلٌ، ولكن ما دام أنَّه مُثَقَّفٌ ومُتَدَيِّنٌ، فسيبقى تحت دائرة المجْهَر!
•        المُثَقَّفُ وطُمُوحَاتِهِ: هل سَتَصطَدِمُ بِالوُاقِعِ؟
إِلامَ يهدفُ المثَقَّف الفِلَسْطيني إلاَّ أنْ يُشاركَ في بناء الأمَّة الفِلَسْطينيَّة، ويُقَدِّم أعلى ما لديه مِن إمكانات فكريَّة؛ لِخِدْمة المجتمع الفِلَسْطيني الذي لطالَما تحدَّت المثقَّفُ مع نفسه في بدء طلبه للمعرفة والثقافة، أنَّه سيكون من بناة النهضة والوعي في فكر الأمَّة الفلسطينيَّة بمنهجٍ ثقافي أصيلٍ مُعاصِرٍ، ويكون متَجَرِّدًا حقًّا مِنْ كُلِّ علائقَ دونيَّةٍ، إلاَّ بالارتباط بربِّه أولاً، وعلاقتِه الحسنةِ مع مجتَمَعِه الفِلَسْطيني ثانياً، وهدفُه أن يقدِّمَ لمجتمعه شيئًا مِمَّا علَّمه الله، ويبتعد عن النظام الرتيب، والتقليد البليد، في وسائل التعلُّم والتعليم، بل يُبدع ويُجَدِّد ويَجْتَهِد في كلِّ وسيلةٍ لإيصال رسالته وفكرته.
لو جلستَ مع أيِّ مُثقَّفٍ فِلَسْطيني ينْتَمي لدينه وأمته بحق، لَوَجَدْتَه حزينًا وهو حسير على ما آلتْ إليه الأحوالُ في بلاده، فهو يرى أنَّ اهتمامَ الشارع الفِلَسْطيني بمُشاهدة مُباريات الفريقَيْن الإسبانِيَّيْن (ريال مدريد) و(برشلونة) أكثر مما يهتم بِحُضُوره للصلاة، بل إنه سيَتْرُكها؛ لأنَّ الأولويات عندهم تؤكِّد ضرورة تقديم الأهم (مشاهدة كرة القدم) على المهم (صلاة الجماعة)، فإن كان هذا تعامُل جمهرة واسعة من الطيف الشبابي الفِلَسْطيني، فيَسْتَحِيلُ أن يثنوا ركبهم عند القراءة والمطالَعة ومُشاهدة البرامج الفكريَّة والعلميَّة، أو أن يحضروا دُروسًا علميَّة، ومحاضرات ثقافية في بعض الندوات والمؤتمرات - على قلتها كذلك!
نَتَحَسَّر معشَرَ المثقَّفينَ عندما نرى في شهر رمضان المبارك عددًا هائلاً من الأمسيات الرمضانية، والتي يُحْيِيها الفنانُ والمغني والموسيقار! أمَّا أن نجدَ أُمْسِيَةً رمضانية إيمانية يجتمع فيها عدَدٌ من مثقَّفِي الشعب الفِلَسْطيني الملتزم بدينه، غير المتَفَلِّتِ أخلاقيًّا - فلن يكون، وإن أردتَ إيجادَه فلن تستطيعَ أن يكونَ ذلك إلا بشقِّ الأنفس، بل قد يُظَنُّ بك ظَنُّ السوء، وتخرج بعد ذلك بخُفَّيْ حنَيْن!
كم يتألَّم المثقف الملتزم المُفكِّر بحال شعبه الفلسطيني عندما يرى أنَّ ثلَّة من شباب فلسطين يكون هدف الواحد منهم التسجيل في معاهد تعلم (الموسيقى)، وتراه يتخايل بمشيته الطاووسيَّة في السوق والشارع، وقد حمل القيثارة على كتفه أو بيده؛ لكي يتَّجه إلى تلك المعاهد فيخرج لنا بعد سنة أو أقل أو أكثر موسيقاراً كبيراً، وكأنَّ الشيء الذي ينقص من تقدمنا الفلسطيني هو تشجيع افتتاح هذه المعاهد الموسيقيَّة، مع أنَّ هنالك ما هو أولى منها من قبيل تشجيع فتح المؤسسات العلميَّة، والملتقيات الثقافيَّة، ومراكز الأبحاث والدراسات، وربط الشباب والفتيات أكثر فأكثر بمراكز تعليم وتدبر القرآن الكريم، فهي التي ستخرج لنا جيلاً واعياً حضارياً يعيش واقعه ولا يعزف على الألحان فيعيش الأوهام والأحلام!!
وأمَّا شأن النِّسْوة والفتيات: فقد بِتْنَ يَقُمْنَ الليل بِمُشاهدة المسلسلات التركية وغيرها، وتراهنَّ يرتبن لذلك موعداً، ويهيئن الجو المناسب، فَيُحضِرنَ (القهوة) و (الشيوكلاتة) وشيئًا من (الموالح)؛ لكي يستمتعْنَ بقضاء ليلٍ جميل مع ذلك المسلسل التركي أو الرومانسي اللطيف، ويكون التطبيق الفعلي بين بعض نسوة وفتيات فلسطين في الجامعات والأسواق، من خلال اللباس والموضة والأزياء، أو تعارف الجنس اللطيف (الفتيات) على الجنس الخشن (الشباب).
ولا غرو أن نجدَ المُحْتَلَّ الصِّهْيَوْنِيَّ يَتَنَدَّرُ بِمِثْل هذه التجمُّعات الشبابيَّة والنسويَّة في الجامعات، ويقولون - كما قال لي أحدُ المُحَقِّقينَ اليهود معي في سجن (الجلمة) -: إنَّ جامعاتكم انقلَبَتْ من أن تكونَ جامعات الفكر والمعرفة إلى أماكن للمُلتقيات والغَزَل بين الشباب والفتيات!
وصَدَق وهو كَذُوب!
ويَهُولُكَ ما تراه من تلك المؤسسات النسويَّة والمراكز الثقافيَّة المخصَّصة للمرأة، التي تستقي دعمها من جهات غربيَّة لا يمكن أن نظنَّ بها خيراً، فتزرع في عقول الفتيات مفاهيم خاطئة، مجانبة للحقيقة، مجافية للصواب والدين والتقاليد والأعراف الاجتماعية الصحيحة، وتخرج بعض الفتيات في بلادنا مفتونة بأولئك المتحررات، ويرددن ما ردده أسلافهنَّ من قبلهنَّ: بضرورة تحرير المرأة، ويسردن عدداً من البنود التي تحملها تلك المدارس النسويَّة التغريبيَّة، ويكون عندنا بصمات منهنَّ يَسِرنَ على طريقة (هدى شعراوي) و(نوال سعداوي) و(صفيَّة زغلول) وغيرهنَّ من دعاة التغريب في مصر!
وأغرب ما تُشاهده في بلادنا وخصوصاً لدى (عرب الداخل) : انتشار فكر التطبيع والتساوق الثقافي مع المحتل الصهيوني، وكأنَّ شيئاُ لم يكن! وكأنَّ المحتل ما دخل بلادنا واحتلَّها! لا بل هو مُرحَّب به لانخداع بعضهم بأساطير يهود وأنَّ لهم الحق في التعايش معنا! ولربما ترى مجموعة من الشبَّان والفتيات الفلسطينيات، والفتية والفتيات اليهوديات، في مطعم أو متنزَّه وهم في حالة مرح ومسامرة وضحك ومواكلة! وما الإشكال في ذلك في عرفهم ما دام أنَّ الفلسطيني جار لذلك اليهودي، وقد نسوا أنَّه محتل لبلادهم!
تلك هي حالة موجودة في شعبنا الفلسطيني، فلماذا نكذب أيها السادةُ ونُحاوِلُ أن نُمَنِّي أنفسنا بمجتمع مُختَلِفٍ عمَّا رسَمَتُهُ لكم، وقول الحق لا شكَّ أنَّه مُرّ، ووصف الداء من الطبيب للمريض شديدٌ عليه، ولكنَّ المشكلة لا بُدَّ أن تُذكَر لكي نعرف حقيقةَ حالِنا، وبَدْء العلاج يكونُ من ذِكْر الداء، وهذه هي الحقيقةُ!
إنَّني حينما أتحدَّث عن هذا الواقع المزري، أعلم أنَّ هنالك من يشاركني الهمَّ والحنو على مجتمعه، وأنَّ هنالك كثير من الشباب والفتيات مِمَّن ثبتوا على قيمهم ودينهم وثقافتهم الأصيلة، وابتعدوا عن أي مصدر ثقافي يضر بهم، وكان لهم قدم صدق في التعلم والمعرفة، وقصب سبق في العمل والعطاء، ولكن كم هم من بين سائر شعبنا الذي صار يغلب عليه الفتور والتراخي، والكمون والركون والسكون، والانشغال بالملهيات عن مصادر الثقافة، بل الترحيب بالنتوءات الفكريَّة، وتضييع الأوقات فيما لا فائدة فيه؟!!
•        المثقف الفلسطيني: غربة في الواقع وألم في الداخل:
أحس أني بأرض ليس يسكنها *** غيري وأني سجين بين أسوار
من كان مثلي غريبا سوف يفهمني *** من يقبض الجمر يروي مثل أخباري!
إنَّ ملاحظة المُثقَّف الفلسطيني لمثل تلك المآسي الواقعيَّة في بلاده التي تتنكَّب طريق الثقافة، تجعله يشعر بأنَّه شخص غريب عن ذلك المجتمع، فتفكيره بعيد عن تفكيرهم، واهتماماته مختلفة عن اهتماماتهم.
إنَّه يجب علينا قبل الولوج للحديثِ عن سُبُلِ التصحيح الثقافي أن نُدرِكَ أنَّنا نعيش حالةً مُزريةً من التآكُل الثقافي، والضعف العلمي، والهشاشة الفكريَّة.
إنَّ مِما يُرثى له أن قضيَّةُ تعليم الناس وتحسين مستوى تفكيرهم ودَعْوتهم للمنتديات الثقافية قد باتت من الأمور الثانوية أو الهامشية لمجتمعنا، بل ليس لها مجالٌ ونصيبٌ للتفكير به حتَّى على مستوى الأكاديميين في الجامعات، يُقابِلُها كذلك تدنِّي اهتمامات الكثيرين من شباب وفتيات الأمَّة الفِلَسْطينية؛ حيث باتَتْ تَنْجَرِف وتنْحَدِر إلى متابعة الأفلام والمسلسلات والموضة والأزياء والمباريات.
قديماً قال المُفَكِّر الجزائري مالك بن نبي - رحمه الله -: "إنَّ الكُتُب والأفكار التي تؤثِّر في التاريخ؛ إنها العواصِفُ التي تُغَيِّر وجه العالم"، وإن أردت أن ترى مجتمع ( الرأي قبل شجاعة الشجعان) فما عليك إلاَّ أن تذهب للمكتبات ومعارض الكتاب وترى كم هي الفئة القليلة في بلادنا التي تهوى وتحب القراءة والمطالعة، وما عليك إلاَّ أن تدخل بعض مكتباتنا في مُجْتَمَعنا الفلسطيني وستُصْعَقُ حينما ترى أنَّها من أقل الأماكن التجارية مبيعًا واستهلاكًا لعموم المُشْتَرين – هم يقولون: بسبب الأوضاع الماديَّة!!-، بعكس الأماكن التي تبيع الأثاث والسيارات ولو بالتقسيط المريح، ولو كان على مدى خمس سنوات، أمَّا أن يشتريَ الشابُّ أو الفتاةُ كتابًا أو ينتفع بمجلة، أو يغدو ويروح لحضور درس علم أو مجالسة عالم أو مفكر، فهذا أمرٌ دونه خَرْطُ القَتَاد!
لئن كان المُثَقَّف يعيش حالة اغتراب في بعض دول الإسلام، فإنَّه يعيش في حالة اغتراب قصوى في فِلَسْطين، فقلَّةٌ قليلة من أهل هذه البلاد يهتمون بالشؤون الثقافية والعلميَّة والمعرفية، ولربما إن تحدَّثَ بَعْضُ المثَقَّفِين أو المتخَصِّصينَ مِنْ طلَبَةِ العلم في بعض الجوانب المُهمَّة علميًّا ومعرفيًّا، لَقَالَ بعضُ الناس - وقد يكونون مِن قِياداتٍ وطنيةٍ أو إسلامية - (لا تَتَفَلْسَف)؛ (هنالك ما هو أَوْلَى)؛ (لا تخدروا الأمة بأَوْهامِكم)، (لا تغرقونا بالجزئيات)؛ (البلاد مُتَدَهْوِرة، وأنتم تتحدثون في مسائل لا تهمُّ)، طبعاً - لا تهم بحسب رأيهم!
وكأنَّ أولئك القومَ حينما يتحدثون ذلك الحديث، حَرَّرُوا بلادَنا مِن جرائم المحتلِّ، أو صَنَعُوا لنا دولةً تخافُها أُمَمُ الشَّرق والغرب، ولربما أسْقَطُوا خلافاتهم وأخطاءَهم على الآخرين مِن أبناء شَعْبِهم!
وبعيداً عن حسناتها فإنَّ مِن أكبر مشكلات تنظيماتنا الفِلَسْطينيَّة: أنَّ هذه الأحزابُ السياسية قد انشغلَ بعضُها ببعض بكلام سياسي تافه؛ لا يرجع لأمَّتنا الفلسطينية مجدها وعزها تجاه عدوها الذي يتربص بها بين فينة وأخرى! وأنَّها أُغْرِقَتْ بشكلٍ كبير في العمل السياسيِّ والنِّضالي، كما أنَّها ركَّزتْ في طريقَتِها الحركية على التَّلْقِين الحزبي لأتباعها، وبناء هياكلها التنظيميَّة والإدارية، دون أن يصنعوا جيلاً وكوادِرَ قادرةً على أن تنفع مجتمعها، ويكون لها دور فريد في إنقاذ الشعب من مصائب تلمُّ بهم، وأزمات تحيط بهم، وأن تجتمعَ تلك القيادات المُثقَّفة بمُثَقَّفِي الشرق والغرب، ويكونَ لها اسمُها وثِقَلُها في المحافل الدوليَّة وفي المؤتمرات العالمية كشخصيات علميَّة وثقافية ناضِجة في حالتها المفاهيميَّة المفيدة لِشَعْبِها ووطنها وأمتها الإسلامية كذلك.
•        خطوات على طريق النجاح الثقافي:
إنْ كُنَّا قد تحدثنا عن وصْفِ حالتنا الفِلَسْطينيَّة البائسة في التردِّي الثقافي، والهزل العلمي، فلابدَّ من طليعة ثقافيَّة تضع نصب أعينها عدَّة جوانب؛ لكي نستعيدَ البناء الثقافي لأمتنا الفِلَسْطينية المؤمنة من جديد بشكل رائد ومتَقَدِّم، وهذا دور المثقف حيث ينتهز الفرصة في وقت الأزمة ويكون كما قال طرفة بن العبد:
فإن قِيل مَن فتى خِلتُ أنني *** عُنيتُ فلم أكسل ولم أتبلدِ
وليس هنالك مِن حلٍّ تجاه تلك الأورام والأمراض المتداخلة مع شعبنا الفلسطيني إلاَّ ببناء مجتمع متماسِكٍ مِنْ قِبَلِ المُثَقَّفِ الفِلَسْطيني المؤمن بربه، والمنسجم مَع واقِعِه، وتحمل الأذى والاضطهاد والصبر على أذى الناس لقاء ما يريد بذله مِن مفاهيم وأدوات؛ لِزَرْع حقول معرفيَّة في مجتمعه، ونشر ثقافة المحبة والتواصل بين المجتمع، ومُحاولة الضغط على مؤسسات السُّلْطة لإتاحة مساحة مِن الحرية، تَقْضِي بالإذن بفَتْحِ نوادٍ ثقافيةٍ ومراكز علميَّة؛ لكي يكون هنالك مجالٌ للتدارس والتلاقح الثقافي والمعرفي، فكما هو معروف: العقولُ ينقح بعضها بعضًا، وعلى المثقف الفِلَسْطيني أن يحاولَ التفكير الجاد في سبُل تذليل الصعوبات التي تُواجِه أمَّته.
وعليه أن يحاولَ طَرْقَ مِثْل هذه الموضوعات في عدَدٍ مِنَ المدارس والجامعات، وشجع على الازدياد من المطالعة، وحث المجتمع على القراءة، وأن يوجد بين كافة أطياف المجتَمَع الفِلَسْطيني وعيٌ تامٌّ يقضي بأن خنق الإبداع الثقافي الملتزم سيخلق لدينا جيلاً هزيلاً هشًّا في المجتمع بدون مروءة ولا كرامة ولا عزة، ولربما خَلَقَ لدَيْنَا تجمُّعات تمارس العُنف؛ لأنَّها لم يؤذن لها أن تمارسَ النشاط الملحوظ أمام أعين الناس وعلى الملأ وتحت ظل الشمس وفوق الطاولة، فيتكون عندنا أناسٌ كارهون لمن يحول بينهم وبين ممارسة حقِّهم الفكري والثقافي، ويتحول إلى شخصٍ مُنْدَفَع تقودُه العاطفة لا المعرفة، والاندفاع لا الدراسة، والتطرُّف لا الاعتدال، وحينها لن نجني من الشوك العنب!
•        إلى المثقف الفلسطيني: دعوة للعمل وحذار من الكسل:
إنَّ المثقف هو قلب الأمَّة النابض الذي يشعر بهموم الأمة، ولا بدَّ أن يكون له موقف ديني وأخلاقي تجاه ما يحدث من أزمات؛ لكي يكسب رضا الله فيرضى عنه الناس ويمنح التخليد في التاريخ.
إنَّ على المثقف الفلسطيني دور كبير بتبصير شعبه بالحقوق والواجبات، وتسليحهم بالعلم والمعرفة؛ فإنَّ أمَّة تعيش على الاهتراء الثقافي، والنسيان أو التناسي لقيمها وهويتها فضلاً عن التنكر لذلك، مصيرها محتوم بالفشل وتكون بذلك قد حجزت لنفسها مقعداً بين الأمم المتخلفة وابتعدت عمّا من شأنه أن يرقى بفكرها وثقافتها.
إنَّ على المثقف مواجهة عواطف الجماهير بروح تجمع بين المعرفة والحكمة والموقف، خصوصاً أنَّ العاطفة تكون سيدة الموقف في كثير من القضايا، فهو في خطاباته لا يشحن العواطف ويحركها فحسب ، بل إنَّه يواجهها بعقلانيَّة وعمل مثمر بنَّاء ، وتسخير للطاقات في خدمة دينها وأمَّتها.
المثقف صاحب فكر وهدف ، باحث عن الحقيقة، شجاع في اكتشاف المجهول، لا يرديه قول قائل، ولا تخذيل مخذل، بل يجهد نفسه للوصول إلى المطلوب، ليحقق طموحاته وأهدافه، ومع ذلك فإنَّه يحذر وينتبه إن أراد رضا الله عنه وعزَّته أمام الخلق أن ينجرف فيكون بوقاً لأحد سواء أكان بوقاً لسلطة أو حزب أو مناطقيَّة، فيكون كما كتب المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله في يومياته ، بتاريخ 18 ديسمبر 1962، ما نصه: ( هناك مجتمعات يعتبر الوعي فيها أرخص من الخبز، والمجتمع المسلم واحد من هذا المجتمعات، والسبب في هذه الوضعية بسيط، خيانة النخبة المثقفة والسياسية، فالخيانة تسكن وعي الزعيم والشيخ والمثقف)....
اللهم لا تجعلنا منهم !!!


Morsiarrives in Tehran, in first visit by Egyptian leader to Iran in decades

Tehran cut diplomatic relations in 1979 because of Egypt's peace accord with Israel. Since the 1979 Islamic revolution, Iran has considered Israel as its arch foe.

By The Associated Press         | Aug.30, 2012
Egyptian President Mohammed Morsi attends the opening of the Organization of Islamic Conference in Mecca, Saudi Arabia, August 14, 2012. Photo by AP
Egypt's President Mohammed Morsi arrived in Tehran on Thursday in the first visit by an Egyptian leader to Iran in decades.
The Egyptian president was attending a summit of the Nonaligned Movement, and is supposed to transfer leadership of the 120-nation bloc to Tehran.
Iran's state TV in a live broadcast showed Morsi being received by Iranian President Mahmoud Ahmadinejad at the summit conference hall in Tehran.
Tehran cut diplomatic relations in 1979 because of Egypt's peace accord with Israel. Since the 1979 Islamic revolution, Iran has considered Israel as its arch foe.
Iran's leadership welcomed the 2011 uprising in Egypt that ultimately brought Morsi, an Islamist, to the presidency.
Representatives from more than 100 countries are attending.
Tehran has an ambitious agenda for the summit, including the launching of a peace effort including Egypt, Iran, and three other countries to help resolve the crisis in its key regional ally, Syria. But anti-regime fighters have dismissed any role for Iran in a plan they and some others say has little hope of succeeding.



تفاصيل خطرة حول انقلاب "الضمان الاجتماعي"
الخميس, 30 آب/أغسطس 2012
فهد الخيطان
بدا التغيير في مؤسسة الضمان الاجتماعي مفاجئا وغير متوقع. فبالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء فايز الطراونة، عن نية الحكومة استئذان الملك لإضافة مشروع قانون الضمان الاجتماعي على جدول الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، أجرى الطراونة تغييرا شمل أهم منصبين في "الضمان"؛ مدير المؤسسة، ورئيس الوحدة الاستثمارية.
نائب المدير العام ناديا الروابدة، حلت مكان المدير السابق الدكتور معن النسور الذي شارف عقده على الانتهاء. وعرف عن النسور تشدده وممانعته لمحاولات التدخل الحكومي في سياسات المؤسسة وقراراتها. نائبته التي احتلت مكانه تعمل في المؤسسة منذ ربع قرن تقريبا، وتدرجت في السلم الوظيفي إلى أن وصلت منصب المدير العام. ويأمل الكثيرون أن تسير على درب النسور. ولكونها ابنة رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة، يؤكد المقربون منها أنها ورثت عن والدها القدرة على الإدارة الحصيفة والذكية.
التغيير الملفت وربما "الخطير"، على حد وصف خبراء في مؤسسة الضمان، هو الذي طال منصب مدير وحدة الاستثمار المعنية مباشرة بإدارة استثمارات بمئات الملايين، ويملك مجلس إدارتها القرار الاستثماري في المؤسسة. الوحدة التي تدير مدخرات الأردنيين، وتعد الصندوق السيادي الأول والأخير في الأردن، دانت إدارتها لرجل أعمال من القطاع الخاص هو هنري عزام، الذي حل مكان أستاذ الاقتصاد الدكتور ياسر العدوان.
لم يكن العدوان من أنصار المدرسة النيو-ليبرالية في الاقتصاد، والتي غزت الإدارة الأردنية في السنوات الماضية. يمكن القول إنه محافظ، ولذلك لم يكن مستعدا للمغامرة في قراراته الاستثمارية، وقاوم ضغوطا حكومية، سواء لجهة التخلي عن حصة الضمان الاجتماعي في استثمارات ناجحة كبنك الإسكان وبيع أسهم المؤسسة إلى مجموعة استثمارية خليجية، أو تقديم قروض ميسرة لجهات حكومية.
المدير الجديد للوحدة الاستثمارية هنري عزام، من دائرة الأصدقاء المقربين لرئيس الوزراء، فقد تزاملا على مقاعد الدراسة الجامعية. عزام كان من قبل مديرا لشركة أموال "إنفست"، ثم مديرا لبنك دوتشي بنك في إحدى دول الخليج لفترة قصيرة.
سبق لرئيس وزراء سابق أن عين عزام في نفس المنصب، لكنه تراجع عن قراره في اللحظة الأخيرة، بعد أن سُجلت اعتراضات عليه من جهات عديدة.
يؤكد خبراء في الضمان الاجتماعي أن التغيير في قيادات المؤسسة سيجعل القرار من الآن فصاعدا في يد الحكومة. وثمة مؤشرات قوية على أن التغيير في الوحدة الاستثمارية سيفتح الباب من جديد لإتمام صفقة بيع حصة الضمان الاجتماعي في أحد المصارف لمجموعة استثمارية. وفي المعلومات أيضا وعود بمناصب تم التفاهم عليها بين رجل أعمال والمجموعة الإستثمارية الطامحة بزيادة حصتها في أحد المصارف، وذلك خلال زيارة قام بها رجل الأعمال "المسؤول" إلى دولة خليجية قبل أسابيع. وفي هذا المجال، هناك تفاصيل مثيرة للغاية لا يمكن نشرها قبل التأكد من صحتها. إضافة إلى ذلك، يتوقع الخبراء ذاتهم تسوية ملفين استثماريين عالقين، تحفظت عليهما إدارة الوحدة الاستثمارية ومديرها السابق.
لا نقول إن أموال الضمان الاجتماعي في خطر، لكن من الطبيعي أن نشعر بالقلق عندما يتولى رجل أعمال يهوى المغامرة إدارة الوحدة الإستثمارية، وكذلك حين يتوسط رجل دولة لدى إدارة المؤسسة لتعيين سائقه عضوا في مجلس إدارة إحدى الشركات التي يساهم فيها "الضمان الاجتماعي"؛ وهذه ليست نكتة إنما واقعة حقيقية.

 
button-black-Scom.png
button-black-us.png
button-black-tn.png
button-black-tay.png
button-black-jeeran.png
RenderedbOMO.png
red-flower.JPG 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا