عباس: سننصاع ونعترف بـ "يهودية اسرائيل" شريطة اعتراف الأمم المتحدة بها
عباس: سننصاع ونعترف بـ "يهودية اسرائيل" شريطة اعتراف الأمم المتحدة بها
23/02/2014
ألقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس
الكرة في ملعب الأمم المتحدة، فيما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"،
حيث أعلن أنه "سينصاع" ويعترف بـ "الدولة اليهودية" لو تم الاعتراف
بها من قبل الأمم المتحدة.
وأشار مختصون بالشأن الفلسطيني أن موقف
الرئيس عباس "الجديد" فيما يتعلق بـ "يهودية إسرائيل"، والذي كان
يرفضه في السابق، يُعتبر "أول اعتراف علني بذلك"، فقط زاد عليه شرط موافقة
الأمم المتحدة على ذلك، حسب تقديرهم، وهو أمر تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية بقوة.
واستدرك المختصون حديثهم بالقول "إذا
كان صاحب الشأن (السلطة الفلسطينية التي تمثل شعبها كما يتم التعامل معها في الأمم
المتحدة) موافقة على الاعتراف بـ "يهودية إسرائيل"، فهل من حق الدول التي
ليس لها علاقة بذلك أن تُعارض، لا سيما وأن أثر ذلك هو على الفلسطينيين وليس على غيرهم".
اعتراف .. مرهون باعتراف
الرهان على الأمم المتحدة في الوقوف بوجه
الاعتراف بـ "الدولة اليهودية" يراه الكثير من المراقبين، الذين تحدثت إليهم
"قدس برس" نوعًا من التمهيد للاعتراف الفلسطيني والدولي بما تسعى إليه تل
أبيب والتي تعمل حاليًا إلى إقرار قانون أساس حول الأمر، ويكون عزاء السلطة الفلسطينية
حينها بأن الأمم المتحدة "خذلت القضية الفلسطينية من جديد، وأن الوقوف في وجه
العالم أجمع سيكون نوعًا من الانتحار السياسي"، كما يتوقعون.
جاء في نص تصريح الرئيس الفلسطيني خلال
لقائه الشهير مع وفد طلاب الجامعات الإسرائيلية يوم (الأحد)، أنه "في عام
1993 اعترف (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات) أبو عمار بدولة إسرائيل، ومنذ ذلك
التاريخ وحتى 2009 كنا نقول دائما نحن نعترف بدولة إسرائيل، وإذا أرادت إسرائيل أن
نعترف بيهودية الدولة فليذهبوا إلى الأمم المتحدة، وليطالبوا بقرار دولي، وعند ذلك
نحن سننصاع له"، على حد تعبيره.
بعد اللقاء بأيام قليلة؛ خرج الرئيس الإسرائيلي
شمعون بيريز بتصريح أكد فيه أن عملية المفاوضات الرامية للتوصّل إلى اتفاق تسوية سياسية
مع الجانب الفلسطيني تصب بشكل أساسي في مصلحة تل أبيب التي تسعى إلى الاعتراف بها كـ
"دولة يهودية".
وقال بيريز، الذي جاء تصريحه خلال استقبال
رؤساء منظمات يهودية أمريكية في القدس المحتلة (الجمعة)، "إن إقامة دولة فلسطينية
تصب في مصلحتنا؛ فالهدف من المفاوضات مع الجانب الفلسطيني هو الحفاظ على إسرائيل كدولة
يهودية"، مشيدًا في الوقت ذاته بالجهود الأمريكية الساعية لإبرام اتفاق تسوية
سياسية بين رام الله وتل أبيب، "يضمن المصالح الإسرائيلية".
عجز منذ ستة عقود
يرصد الفلسطينيون ويتذكرون أن الأمم المتحدة
عجزت منذ أكثر من ستة عقود، ومازالت، في تطبيق أي من القرارات التي اتخذتها فيما يتعلق
بالقضية الفلسطينية، فقد كانت أولى قرارات الأمم المتحدة تبني توصية تقسيم فلسطين من
قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947.
يقول الدكتور لطفي زغلول من نابلس في إحدى
مقالاته المنشورة على موقعه؛ إن ما تمناه الشعب الفلسطيني من الأمم المتحدة شيء، والواقع
شيء آخر، فتحت ظلال الأمم المتحدة كابد الشعب الفلسطيني معاناته التاريخية على صعيدين؛
أولهما مأساته المتمثلة في اغتصاب كامل تراب وطنه وتهجيره الى الشتات عبر سلسلة من
الحروب شنت عليه في كل مكان تواجد فيه. أما الصعيد الثاني فيتمثل في مجمل علاقاته مع
الأمم المتحدة، وهي علاقة أورثته المزيد من المعاناة. فالقضية الفلسطينية أصبحت حالة
مزمنة ومستعصية في أروقتها، وبرغم عدالتها وشرعيتها باعتراف قراراتها، فإن واحدًا من
القرارات المناصرة لها لم يجد وسيلة حقيقية لإخراجه الى حيز التنفيذ، وظلت هذه القرارات
حبرا على ورق.
وأضاف زغلول أن الفلسطينيين يدركون وعلى
خلفية ردود أفعالها منذ حرب حزيران في العام 1967، أن الأمم المتحدة قد وقعت رهينة
الهيمنة الأمريكية التي عطلت كل قراراتها المستحقة، فأصبحت دون أدنى شك في المدار الأمريكي،
وها هي الولايات المتحدة الاميركية تنفرد بالاستحواذ على هذه القضية، وتخضعها لمنظورها
السياسي بكل حذافيره، وهكذا فإن سياسة هذه المنظمة أصبحت تتقاطع مع مجمل السياسات الأمريكية
المنحازة انحيازا استراتيجيا قلبًا وقالبًا إلى إسرائيل.
"لغة سياسية"
إلا أن عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير
الفلسطينية، نبيل عمرو، قد اعتبر كلام الرئيس محمود عباس حول "يهودية الدولة"
أمام الوفد اليهودي في مقر الرئاسة برام الله بأنها "لغة سياسية لا أكثر ولا أقل،
وهو متأكد أن الأمم المتحدة لن توافق".
وقال عمرو لـ "قدس برس" إن الفلسطينيين
يعتبرون أن موضوع الدولة اليهودي "كمين لهم" من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية
بنيامين نتنياهو كي تفشل المفاوضات الحالية ويتحمل الفلسطينيون مسؤولية ذلك أمام العالم.
وأضاف: "عندما نرفض نحن الفلسطينيين
يهودية الدولة، سيكون معنا جيش كبير من الرافضين لذلك الأمر، وفي مقدمتهم ربما الأمم
المتحدة التي لا تستطيع أن تقبل طرح كهذا، ولا يمكن بأي حال أن يقبل على النطاق الدولي".
وبيّن عمرو أنه: "من المستحيل على
الأمم المتحدة أن تأخذ قراراً بهذا الشأن، وإن عرض التصويت على الجمعية العامة للفصل
على هكذا قرار، فمن المستحيل على إسرائيل أن تحصل على الأصوات الكافية التي تقر وضع
من هذا النوع".
ماذا يعني الاعتراف بـ "دولة يهودية"؟
كشف السفير الأمريكي لدى تل أبيب دان شابيرو
النقاب عن أن اتفاق الإطار الذي يعمل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على إعداده لطرحه
على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، من أجل التوصل إلى تسوية سلمية، سيتضمن الاعتراف
بإسرائيل كـ "دولة يهودية".
وقال شابيرو للإذاعة العبرية في نشرتها
يوم (الجمعة) "إن اتفاق الاطار سيتضمن اعترافا باسرائيل دولة يهودية، مشيرًا إلى
أن "الولايات المتحدة رأت دومًا أن إسرائيل هي دولة يهودية ويجب ان تبقى كذلك"،
على حد تعبيره.
إن صح حديث السفير الأمريكي؛ فماذا يعني
الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، هل يقتصر الأمر على اعتراف سياسي فقط،
أم أن له مدلولات تاريخية وواقع على الأرض.
حاول الباحث في الشؤون الإسرائيلية عبد
الحفيظ محارب الإجابة على هذه التساؤلات في مقال نشره في مجلة "شؤون فلسطينية"،
الصادرة عن مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي مجلة فصلية فكرية تعالج
أحداث القضية الفلسطينية وشؤونها المختلفة، بالإشارة إلى أن من بين مدلولات الاعتراف
بـ "الدولة اليهودية" نسف الرواية الفلسطينية للصراع مع الاحتلال والإقرار
بملكيته التاريخية للأرض.
ويقول الخبير محارب، في مقاله الذي نشرته
كذلك وكالة الأنباء الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية قبل نحو عام: "إن مرمى
وأهداف الجانب الإسرائيلي من وراء مطالبته الطرف الفلسطيني الاعتراف بطابع إسرائيل
كدولة يهودية؛ نجد أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى جانب مسؤولين
إسرائيليين آخرين، يرمي من وراء ذلك تحقيق أهداف أربعة، وهي الأخطار المتأتية عن الاعتراف
بيهودية الدولة، اثنان منها مكشوفان، وتعرّضا لأضواء ساطعة من قبل أشخاص عديدين.
الخطر الأول، كما يقول الباحث، هو التعرّض
لحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الذي كفلته الأمم المتحدة وفق القرار 194، والسعي
للالتفاف حوله لإفراغه من مضمونه. أما الثاني فيكمن بالمس بمكانة المواطنين العرب في
إسرائيل (فلسطينيو 48)، سواء عن طريق الطرد، أو عبر التبادل السكاني، علماً أنهم مواطنون
في دولة، تخرجهم هي من إطارها بتعريفها لذاتها كـ "دولة اليهود"، هذا فضلاً
عن شرعنة الواقع التمييزي الذي يتعرضون له منذ الإعلان عن إنشاء هذه الدولة.
والخطران الآخران المستتران، كما يرى محارب،
الاعتراف بالفكرة الصهيونية، والاعتراف بالرواية الصهيونية لموضوعة الصراع العربي الإسرائيلي،
مشيرًا إلى أن هذين الخطرين لم يحظيا بأضواء ساطعة، وإن كانت بعض الأضواء الخافتة قد
لامستهما.
وبحسب دراسة وضعها طال بيكر عضو الوفد الإسرائيلي
إلى عملية أنابوليس في العام 2012، بعنوان "مطلب الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة
يهودية – إعادة تقييم"، أن الاعتراف الفلسطيني بـ "الدولة اليهودية"،
يلحق بالفلسطينيين، في جميع مواقع تواجدهم، أضراراً بالغة ومتعددة الأوجه، منها: نسف
الرواية التاريخية الفلسطينية للصراع، استباق المفاوضات حول قضية اللاجئين الفلسطينيين،
بما يُلزم برفض أي حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين التي من شأنها أن تهدد الصبغة اليهودية
لإسرائيل، كما يأتي هذا الطلب بـ "الاعتراف الصريح من قبل الفلسطينيين بحق تقرير
المصير لليهود"، في الوقت الذي لا تعترف إسرائيل بحق تقرير المصير للفلسطينيين
الذين شُرِّدوا من ديارهم بغير وجه حق.
تعليقات