لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران
وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
اليكس فيشمان
يديعوت أحرونوت 21/2/2014
حينما بدأت هذا الاسبوع المحادثات بين القوى
العظمى وايران وضع على طاولة القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل تقدير مُحدث
لـ ‘أمان’. تقول شعبة الاستخبارات إن ايران لم تتخل عن حلمها الذري. وبعبارة اخرى اذا
بقي النظام الحالي في طهران على حاله ولم يحدث تغيير حاد في الجو الدولي فقد تتوصل
الى قنبلة ذرية.
لكن هذا جانب واحد من جانبي قطعة النقد.
إن جهات الاستخبارات في اسرائيل تعرض ايضا نصف الكأس الملآن ذلك أن ايران روحاني التي
تواصل السباق الى القنبلة الذرية هي ايضا ايران التي غيرت ترتيب أولوياتها الداخلي
وجعلت رفاهة المواطن في المركز. ويقولون في اسرائيل إن لهذا التحول آثارا مباشرة على
قوة المحور المتطرف لايران وحزب الله وسوريا. إن حصة كبيرة من الموارد التي أُنفقت
الى الآن على نشر الثورة الاسلامية ودعم نظم حكم ومنظمات متطرفة توجه الآن الى داخل
ايران.
كان على روحاني كي ينجح في مسار تحويل الموارد
الى الاقتصاد الايراني السيء الحال أن يمس شيئا ما بقوة حرس الثورة وكان هذا اجراءا
حظي بتأييد من الزعيم الروحاني خامنئي برغم ما في ذلك من العجب. وهكذا فقدت المنظمة
التي تتقدم المعركة السرية على اسرائيل باستعمال منظمات ارهابية وتهريب كثيف للسلاح،
شيئا من ميزانيتها ومن قوتها ايضا. وقد نجح روحاني ايضا في الاشهر الثمانية الاخيرة
في أن يزيح عددا من رجال حرس الثورة عن مناصب رئيسة رفيعة في الاقتصاد والجيش والاستخبارات
والعلاقات الخارجية الايرانية. وكان من نتيجة ذلك أن أخذ يقل الدعم الاقتصادي والعسكري
الذي تعطيه ايران لسوريا وحزب الله.
إن سوريا وحزب الله بحسب التصور الامني
الايراني هما الخط الدفاعي الامامي في مواجهة اسرائيل. وعملهما أن يصدا ويردعا كل قصد
اسرائيلي الى ضرب ايران وأن يضعفا قوة اسرائيل. لكن هذه الجبهة أخذت تضعف. وهذه بشرى
خير بالنسبة لاسرائيل ولا سيما على خلفية تهديدات الجهاد العالمي والفوضى الاقليمية
وعشرات آلاف الصواريخ الموجهة عليها والمشروع الذري الايراني الذي لا يُصد. وهذه ‘فرصة
تاريخية’ كما عرفها رئيس ‘أمان’ اللواء افيف كوخافي في محاضرة له في معهد بحوث الامن
قبل اسبوعين.
إن المحور المتطرف تؤيده دعامتان أخريان
سوى الدعم الايراني أخذتا تتضعضعان هما: الاولى مكانة الرئيس الاسد، والثانية قوة حزب
الله. إن الجهات الاستخبارية في اسرائيل لا تشك في أن الاسد لن يبقى في الحكم في اطار
أي تسوية في سوريا. فهذا الرجل بحسب تقديرات الاستخبارات في اسرائيل فقد شرعية حكمه
لشعبه.
إن صورة الوضع في ‘الدعامة السورية’ للجبهة
المتطرفة هي صورة ازمة لا رجعة عنها، فقد انقسم الجيش السوري نصفين فبقي من جيش
كان فيه نحو من 400 ألف جندي بعد ثلاث سنوات من الحرب الاهلية، بقي نحو من 200 ألف
شخص فقط. والمعطى الأكثر حدة هو مقدار الخسائر التي أصابت الجيش السوري في هذا
القتال التي بلغت 30 ألف قتيل و90 ألف جريح وهو عدد اكثر من عدد كل المصابين
الذين مني بهم في مواجهاته مع اسرائيل على مر السنين. وأما الضرر المعنوي فيصعب تقديره.
وما عادوا يتحدثون عن علاج منظم للمصابين في المستشفيات، وإن عشرات آلاف الجرحى
من الجيش السوري يعالجون في منشآت مؤقتة ولا يوجد ما يكفي من المعدات الطبية لا للجنود
ولا للمواطنين. إن الناس يموتون كالذباب وذلك قبل أن تبدأ الأوبئة التي تحذر جهات
المساعدة الدولية منها. وقد تجاوز العدد الرسمي للقتلى في
سوريا من المدنيين والجنود 150 ألفا. ويقترب عدد الجرحى
من 400 ألف وأصبح أكثر من 4 ملايين انسان لاجئين.
برغم قصص النجاح في معارك محلية، فقد الاسد السيطرة
على 75 بالمئة من مساحة سوريا. وأخذ يقل عدد الصوارخ والقذائف التي يستطيع
اطلاقها. إن الروس ينقلون في كل اسبوع مقادير ضخمة من السلاح والذخائر عن طريق ميناء
اللاذقية لكن هذا المدد لا يستطيع أن يجاري معدل الاطلاق.
إن الجيش السوري لا يهدد اسرائيل في الحقيقة.
إن له قدرة نارية بعيدة المدى وله قدرات في مجال الدفاع الجوي في صورة البطاريات الجديدة
من طراز ‘إس.إي 17′ التي باعه الروس إياها لكن عيني الاسد ما عادتا موجهتين الى اسرائيل.
وقد أزال جزءا
كبيرا من جيشه في هضبة الجولان وجبل الشيخ لاجل القتال في داخل المدن السورية.
إن اسرائيل بحسب وجهة النظر السورية لا
تنوي أن تحارب سوريا، والذي يمكن أن يورط سوريا هو مواجهة عسكرية بين اسرائيل وحزب
الله. وإن دين السوريين لحزب الله كبير فاذا اشتعلت الحدود بين لبنان واسرائيل فسيجب
على الاسد أن يهب لمساعدة نصر الله. لكن الرغبة السورية في اشتعال حريق في مواجهة اسرائيل
ضئيلة جدا.
صورة مرآة
يوضع على طاولات رئيس الوزراء ووزير الدفاع
ورئيس هيئة الاركان مرة في كل ثلاثة اشهر تقرير استخباري سري جدا هو بمثابة ‘صورة مرآة’:
، وهذا التقرير يشرح رؤية العدو لإسرائيل، ويمكن ادخال هذا التقرير ايضا تحت عنوان
‘مقياس الردع الاسرائيلي’. ويتبين هناك أن وضعنا جيد.
تصور هذه التقارير القيادة الاسرائيلية
بأنها قيادة مصممة جدا وغير متوقعة جداً في المجال الامني ، وتستطيع أن تتخذ قرارات
لا تناسب فيها على استعمال النيران. وإن جيراننا في الشمال على يقين من أنه اذا نشبت
ازمة مثلا بين اسرائيل وحزب الله فان الجيش الاسرائيلي سيزرع في لبنان دمارا أوسع مما
كان في أي وقت مضى. وينبغي أن نفرض أن هذه التقارير فيها تناول العدو لتدريبات الجيش
الاسرائيلي وتسلحه ولتصريحات ضباط كبار وقادة اسرائيليين. ولا شك في أنه يرد هناك ايضا
تطرق الى نشاط الجيش الاسرائيلي الكثيف السري في الدول الجارة. وليس من الداحض أن نفرض
أن العدو يحاول بمساعدة خبراء اجانب مثل الايرانيين مثلا أن يدرس هذا النشاط ويشمل
ذلك التقنيات ووسائل القتال التي استعملت فيما يسمى في الصحف الاجنبية ‘هجمات غامضة’
لسلاح الجو الاسرائيلي في سوريا. إن القدرات غير المفسرة ستقلق وتهم العدو دائما. فاذا
كان الانجاز المطلوب من جيش هو أن يردع العدو أولا بلا حرب فمن الصحيح الى الآن أن
الجيش الاسرائيلي يفي بذلك بحسب هذه التقارير على الأقل.
ويزيد قطرة على نصف الكأس الملآن اجراء
التحلل من السلاح الكيميائي في سوريا برغم تعويقات اخراجه للقضاء عليه خارج حدود الدولة.
وقد نبع التعويق الى الآن من مشكلات لوجستية كالنقص في وسائل النقل الملائمة وصعوبات
تأمين القوافل التي يفترض أن تنقل المواد الى ميناء اللاذقية. وحينما حُلت هذه المشكلات
بدأ الاسد ينفذ حيل تأخير تسليمه لكسب الوقت لأن نظام حكمه مؤمن ما ظلوا يشغلون أنفسهم
بالسلاح الكيميائي. لكنهم في اسرائيل يُقدرون أن هذه الحيل لن تستمر وقتا طويلا وذلك
في الاساس لأن الروس يضغطون على الاسد. ويُنتظر الآن نقل نحو من 800 طن من مواد القتال
الكيميائية. ويُقدرون في اسرائيل أنها ستُخرج الى مواقع القضاء عليها في البحر بعد
شهرين أو ثلاثة.
جنازات في منتصف الليل
إن ‘الدعامة الثالثة’ للمحور المتطرف والعدو
المركزي للجيش الاسرائيلي هي حزب الله. والكأس هنا ايضا غير فارغة تماما. فعلى حسب
الصورة التي تصور في اسرائيل يمر حزب الله الآن بواحدة من أقسى الفترات في تاريخه.
وبرغم انجازه الحالي بادخاله 8 وزراء الى الحكومة الجديدة
في لبنان، أخذت مكانته في لبنان والعالم العربي تضعف. والذي يتابع موقع الشيخ
القرضاوي في الشبكة، وهو أعظم الفقهاء المسلمين تأثيرا في العالم، يستطيع أن يشاهد
هناك مطر الشتائم التي يمطر حزب الله بها.
لم يضعف حزب الله في الرأي العام فقط بل
ضعف ايضا لأن الايرانيين أصبحوا يحولون اليه قدرا أقل من المال ومن الوسائل القتالية.
واذا لم يكن ذلك كافيا فان الاوروبيين انضموا الى الامريكيين
وأعلنوا أنه منظمة ارهابية وهو شيء لا يزيده قوة.
إن حزب الله متورط اليوم في جبهتين. فهو
متأهب في جنوب لبنان لامكانية مواجهة عسكرية مع اسرائيل ويدير معركة في جنوب بيروت
وفي البقاع اللبناني ايضا. وفي مقابل ذلك أرسل الى سوريا الى
الآن بين 3 آلاف الى 5 آلاف مقاتل هم 20 بالمئة من عدد لابسي البزات العسكرية في المنظمة.
وفي كل ليلة يدفن حزب الله موتاه الذين
قتلوا في الجبهة السورية. وهو يفعل ذلك في الظلام بعيدا عن عدسات التصوير كي يخفف الانتقاد
في الداخل. وقد قتل بضع مئات من رجال حزب الله في السنة ونصف السنة التي شارك فيها
في القتال في سوريا. ويتحدث أحد التقديرات عن 400 مقاتل هم
10 بالمئة من القوة التي أرسلتها المنظمة الى المعركة. ويحارب نصر الله لاستمرار
ولاية الاسد الذي هو دعامته الرئيسة حتى وقد اصبح واضحا أن الاسد لن يبقى.
إن ما يبدو اليوم طريقا مسدودا ايضا في
الساحة الفلسطينية حول مبادرة كيري لن يفضي الى انتفاضة عامة بالضرورة. فهم في قيادة
المركز يؤمنون بأنه كلما كان الوضع الاقتصادي اكثر معقولية أصبح احتمال الانفجار العسكري
أقل. ولهذا يوصي المستوى العسكري المختص المستوى السياسي
بأن يرخي الحبل للفلسطينيين شيئا ما في مجال التنقل واعطاء رخص البناء وتطوير المناطق
الصناعية وتوسيع صلاحيات ما للسلطة الفلسطينية في المنطقتين ج و ب. وأصبحت حماس
في غزة الآن على الأقل أكثر اشتغالا بالصراع على حكمها من السعي الى مواجهة عسكرية
مع اسرائيل. والباعث الرئيس عند الغزيين ايضا اقتصادي، فقد تركهم الايرانيون وضعف الاتراك
وأصبح المصريون يرون غزة عدوا. إن غزة تستطيع أن تشتري
سلعا من اسرائيل لكنها تكلف هنا اضعاف ما تكلفه في مصر. وعند قيادة الجنوب
ايضا سلسلة توصيات بتسهيلات في مجال نقل السلع ومواد البناء. إن الجيش يوصي لكن المستوى
السياسي هو الذي يجب أن يقرر هل ينتهز هذه الفرص التي تُمكنه من أن يكسب الهدوء.
الصلة السعودية
وفي الوقت الذي تضعف فيه الجبهة المتطرفة
أخذ يقوى المحور العربي المعتدل. وفي اسرائيل يعدون اربعة مواضيع مشتركة على الأقل
لنا مع المحور العربي المعتدل ولا سيما السعودية ومصر وهي: محاربة الاخوان المسلمين،
ومحاربة الجهاد العالمي، وإقرار الوضع في سوريا، وزحزحة قدمي حزب الله. ويبدو أنه تجري بين
اسرائيل والسعودية اتصالات وتُنقل رسائل بواسطة جهات غير رسمية. ويشترط السعوديون
شرطين لتنتقل الاتصالات الى سبل أكثر رسمية الاول أن تعلن اسرائيل أنها تقبل المبادرة السعودية
في 2002؛ والثاني أن يحدث تقدم ما في التفاوض مع الفلسطينيين.
واذا لم يكن عند اسرائيل الكثير مما تفعله مع الفرصة الاستراتيجية التي يعرضها المحور
المتطرف فلا يجوز لها أن تبقى ساكنة في مواجهة الفرصة التي يعرضها عليها المحور المعتدل.
فلا شك في أن علاقات بين اسرائيل والسعودية هي مرساة استراتيجية تستحق أن تُدفع عنها
أثمان سياسية في ميادين أقل احراجا مع الفلسطينيين مثلا. لكن المسافة ما زالت كبيرة
بين هذه الاقوال والخواطر التي تُسمع في ديوان رئيس الوزراء ايضا وبين العمل بالفعل.
إن الجهات الاستخبارية تشير للمستوى السياسي الى التهديدات والى
الفرص. فأما التهديدات فان الترويج لها أسهل فهي تصنع عناوين صحفية والجيش هو الذي
يعالجها آخر الامر. وأما الفرص فلا تُصور دائما والساسة هم الذين يجب عليهم أن يعتنوا
بها، فلا عجب أن تكون درجة مشاهدتها منخفضة.
تعليقات