من ناجي العلي إلى تيسير نظمي في (رجل الثلج) الضمير الثقافي دلالة حضارية
من
المتوقع لكتاب (رجل الثلج) الذي لا يزال تحت الطبع وقيد الإصدار من الكويت
أن يحقق أعلى مبيعات الكتب الأدبية في مجالي القصة و الرواية في معرض
الكويت للكتاب المزمع افتتاحه يوم الأربعاء المقبل
|
الضمير الثقافي دلالة حضارية للدولة المنتجة
/ من ناجي العلي إلى تيسير نظمي
منظمة حركة إبداع
لم يكن شهيد الحرية و شهيد الكلمة و حسب بل
كان ناجي العلي شهيد أمة قبل أن يكون شهيد القضية الفلسطينية التي آمن بها مثلما
آمن بها الكثيرون منهم الشهداء و بعضهم الأحياء سواء كانوا مرشحين عاجلين أو
مؤجلين للشهادة. و من سيرة حياته تدرج رسام الكاريكاتير ناجي العلي من كونه ضميرا
لمثقف بارز بدأ حياته العملية و الفنية في الكويت (غسان كنفاني) إلى ضمير القوميين
العرب الكويتيين عندما انتقل ناجي العلي من مخيم عين الحلوة في بيروت و مجلة الهدف
التي تصدرها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى مجلة الطليعة التي تصدر عن مجموعة الدكتور
أحمد الخطيب التي تضم يساريين وقوميين وشيوعيين وديمقراطيين كويتيين وعرب في
الكويت. و لأن ناجي نفسه أصبح ضميرا فقد انتقل للعمل في جريدة السياسة اليومية
الكويتية التي نقلته من ترميزه لمجموعة سياسية محددة إلى قطاع جماهيري أوسع نظرا
لكون الجريدة اليومية تطل على الناس بشكل يومي وبالتالي كان لناجي العلي موقفا
يوميا من الأحداث. وكما قال بنفسه في لقاء معه أجراه التلفزيون الكويتي : ( أتنقل
بين الكويت ولبنان حسب مساحات الحرية اللازمة لنشر كاريكاتيري اليومي و موقفي) .
وإذا كانت الدولة التي تتسع بها الحريات ليست دائما المنتج الأساس للضمير الثقافي
فهي على القل قد تكون راعية له كلما ارتقت بمؤسساتها درجة حضارية بالتزامها بحقوق
مواطنيها والعاملين فيها وبحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ذات الشأن. وإذا كانت النكبة
قد جعلت "حنظلة " يلجأ إلى لبنان فإن النكسة جعلت فتى من الضفة الغربية
يلجأ إلى الكويت و يكمل دراسته فيها ومن ثم يعمل بها معلما كما عمل غسان كنفاني و
صحفيا أيضا كما عمل ناجي العلي. و على رأي الدكتور أحمد الربعي طيب الله ثراه
" مخيم النقرة و حولي " المزود بمكتبة عامة تنشر الثقافة و تداول الكتب
لعامة الشعب و الوافدين العرب و غير العرب مجانا أنتجت كاتبا يدعى تيسير نظمي في
وقت مبكر جدا حيث أصدر أربع مجموعات قصصية في كتابين و عشرات القصص التي قيض لناجي
العلي قراءتها و رسم بعض الرسومات لها أثناء إخراجها في مجلة لرعاية الشباب بجامعة
الكويت منذ بدأ الكاتب الشاب آنذاك بنشر نتاجه في أعقاب استشهاد الكاتب غسان
كنفاني مباشرة صيف 1972. و في جريدة السياسة و مطابعها التقى الضميران واحد من قرية الشجرة الفلسطينية المحتلة عام
1948 و الثاني من قرية سيلة الظهر المحتلة عام 1967 و الأول من مخيم عين الحلوة
والثاني من مخيم "النقرة "
ولأنهما يمثلان الفقراء و العمال و الشغيلة
والفلاحين و المهمشين و اللاجئين فقد جرى تهديدهم علنا مع آخرين مثل الشاعر
والباحث محمد الأسعد سكرتير تحرير مجلة الطليعة الكويتية و هو من قرية أم الزينات
المحتلة عام 1948 و واحد من أكبر المثقفين المتميزين و الذي ما زال يكتب بعيدا عن
الأضواء و النجومية التي حظي بها كثيرون من كتاب بيروت و في ظل تواجد المقاومة
الفلسطينية بها.
ظل ناجي العلي في صدارة الموقف و على الجبهة
الأمامية بحكم كاريكاتيره اليومي المزعج لأكثر من نظام عربي بما فيها قيادات منظمة
التحرير الفلسطينية رغم إبعاده عن الكويت إلى كويت مصغرة هي يومية القبس التي تصدر
في لندن .
وبالمثل ظل تيسير نظمي أسيرا لما كانه و لما
أصدره أو ترجمه من كتب بعد مغادرته الكويت إلى الأردن صيف 1992 حيث كان آخر موقع
له في قسم فكر وفن بجريدة الوطن اليومية . و في الأردن أمضى سنوات طويلة من عدم
الاستقرار و التشرد و التمرد قبل أن يصدر له رفاقه في الكويت الكتاب السادس بعنوان
" رجل الثلج " و هو الكتاب الذي يعلن موت ضمير كثير من المثقفين
الأردنيين و الفلسطينيين على حد سواء الذين وجد هذا الكاتب بينهم زهاء ربع قرن دون
أن ينال أبسط حقوقه بأن يواصل العمل معلما أو صحفيا أو كاتبا أو مترجما . بكلمات
أخرى تعرض نظمي للتصفية بالتعتيم و في حياته اليومية لتصفية مبرمجة لولا أن أرسل
له رفاقه الكويتين بقارب النجاة ممثلا بكتاب " رجل الثلج " و ما احتواه
هذا الكتاب من قصص لا تحب المؤسسة الرسمية الأردنية مجرد السماع بها و ليس نشرها
أو قراءتها. و من أمثلة التصفية بالتعتيم من كتاب فلسطين الكاتب الشاعر والروائي
فواز تركي الذي ترجمه تيسير نظمي إلى العربية عام 1984 و لم ينشر الشاعر الكبير
محمود درويش في مجلة الكرمل سوى فصل واحد من رواية تركي المازال معتما عليه و
عليها رغم أنه على قيد الحياة في أميركا بعد نيله للجنسية الأسترالية.
فواز تركي من مخيم برج البراجنة في بيروت
وروايته الصادرة بطبعتها الثانية عام 1974 عنوانها " المجتثَون : يوميات منفى
فلسطيني " – The Disinherited : A journal of a Palestinian Exile
".
عودة إلى عنوان هذه المقالة : "الضمير
الثقافي دلالة حضارية للدولة المنتجة"
هل و جد الضمير الثقافي للدولة الأردنية بعد
عناء 35 سنة من الأحكام العرفية و الحظر حتى لرابطة الكتاب الأردنيين في
الثمانينيات ؟ و هل وجد الضمير الثقافي لدى مثقفي سلطة أوسلو في رام الله حتى ولو
لتقديم اسعافات أولية بالنشر لبعض أهم كتابها قيد التصفية ؟ و ماذا عن أنظمة
ومؤسسات تدعي ثقافة المقاومة والممانعة ؟ يبدو أن المجلس الوطني للثقافة والفنون و
الآداب في الكويت بات معني اليوم بتقديم الإجابة و ما ترويه سيرة حياة تيسير نظمي
بين الزرقاء و مليح و عمان و شوارعها وأرصفتها و فيضاناتها و محاكمها من أجوبة و
للحديث بقية ...
رسالة
الوفاء الأولى : نفس المطابع التي كان هديرها يعلو فوق صمت الأنظمة
العربية الاستبدادية منها والرجعية و الملكية العرفية و المتخلفة و في ذات
المطبعة التي طبعت رسومات ناجي العلي و حيث التقى تيسير نظمي بناجي العلي
أول مرة وبدأت بينهما صداقة لن تنتهي بالإغتيال ، لناجي بالرصاص الغادر و
لتيسير بالإقصاء والتعتيم والتشريد و الفصل التعسفي والملاحقة ، نفس
المطبعة هدرت ثانية بعد أكثر من ربع قرن لتقول : نحن أوفياء و نحترم
الأوفياء و نحن عرب وسنظل عربا ولو قست علينا العروبة و نحن نؤمن بغد أفضل
لشعوبنا و تطلعاتها .
Tayseer Nazmi
رفضت
هيئة تحرير مجلة "أفكار" الحالية و رئيس تحريرها الدكتور زياد أبو لبن
رئيس رابطة الكتاب المنتخب الحالي وقبل انتخابه استكمال نشر قصة (رجل
الثلج) دون ابداء الأسباب بعد أن أجبرت كاتبها على تقسيمها على أربع دفعات
نشرت منها القسمين الأول والثاني في عددين
متباعدين في أفكار تفصل بينهما نحو أربعة أو خمسة شهور . مع العلم أن
المجلة شهرية و ما جرى للقصة أكثر من قتل واغتيال حيث النسخة الأصلية ما
تزال محجوزة ضمن أثاث وموجودات منزل الكاتب الذي أخلي منه وحجز على
موجوداته في 26 - آذار - مارس - 2009 بالقوة الجبرية و بقرار محكمة تعسفي و
يعتبر تحايلا على القانون و ما يزال بكل محتواه الفكري و الإنساني في مخزن
لقريب المالك و نسيبه حيث أن القانون الأردني يفترض رجلا محايدا في الحي
وعلى مسافة متقاربة من المتخاصمين في قضايا الإيجار و هذا ما تم تجاوزه
والتعدي عليه من قبل المحامي شقيق المالك و بتأثير من ذوي النفوذ يا محافظ
العاصمة عمان و يا معالي سلامة حماد !
تعليقات