ما زرعته إسرائيل تحصده الآن باطلاق الصواريخ



ما الذي ظنناه بالضبط؟
إن ما زرعته إسرائيل في السنين الماضية من قهر واضطهاد لسكان غزة تحصده الآن باطلاق الصواريخ
جدعون ليفي
JULY 10, 2014

هل أن تعتقل اسرائيل بقسوة على أثر اختطاف ثلاثة فتيان اسرائيليين في المناطق وقتلهم، نحوا من 500 مدني فلسطيني وفيهم اعضاء من المجيش التشريعي وعشرات ممن أفرج عنهم بصفقات لم تكن لهم أية صلة بالخطف والقتل؛ وأن يلقي الجيش الاسرائيلية رهبته على الضفة كلها بعملية بحث واعتقالات جماعية هدفها المعلن «تحطيم حماس»؛ وأن تهيج حملة تحريض عنصرية في الشبكة وتفضي الى احراق فتى فلسطيني وهو حي؛ وأن تخرج اسرائيل في حملة عقاب مضادة لمحاولة انشاء حكومة وحدة فلسطينية كان العالم مستعدا للاعتراف بها؛ وأن تنكث اسرائيل التزامها الافراج عن سجناء؛ وأن تفضي الى انهاء المسيرة السياسية وأن تقعد فوق كل ذلك مكتوفة اليدين لا تقترح أية خطة أو رؤيا – ثم يقبل الفلسطينيون ذلك بتسليم وطاعة وسكون نفس ويبقى الامن يسود مدن اسرائيل؟.
هل أن تستمر غزة على العيش أبدا في ظل نزوات اسرائيل (ومصر)، فاذا شاءتا أرختا الطوق قليلا، واذا شاءتا عززتاه حتى الألم؟ أوَ أن يستمر أكبر قفص في العالم على كونه قفصا؟ أوَ أن يبقى مئات آلاف سكانها مقطوعين أبدا؟
أوَ أن تمنع اسرائيل عشرات آلاف العاملين في سلطة حماس من دفع أجورهم اليهم؟ أوَ يُمنع التصدير من غزة ويحدد صيد السمك؟ وعلى أي شيء بالضبط يعيش مليون ونصف مليون من البشر – هل يستطيع أحد أن يقول لماذا يستمر الحصار ولو الجزئي لغزة؟ وألا يُطرح مستقبلها ألبتة للنقاش؟ أوَ أن يحدث كل ذلك وتقبل غزة ذلك بالتسليم؟ إن كل من كان يظن ذلك ضل في أوهام خطيرة ندفع الآن جميعا ثمنها.
ينبغي فقط ألا نتظاهر بالدهشة؛ وينبغي فقط ألا نقلب العالم لأن الفلسطينيين يطلقون عبثا صواريخ على مدن اسرائيل – فهذا الترف لم يعد مقبولا. إن الرعب الذي يشعر به مواطنو اسرائيل الآن ليس أكبر من الرعب الذي شعر به آلاف الفلسطينيين حينما كانوا ينتظرون في رهبة في الاسابيع الاخيرة الجنود الذين يحطمون ابواب بيوتهم ويداهمونها تحت جنح الظلام لللبحث والتقليب والهدم والاذلال وخطف واحد من أبناء البيت. وليس رعبنا أكبر من الرعب الذي يشعر به الاولاد والشباب الفلسطينيون الذين قتل عدد منهم عبثا بنار الجيش الاسرائيلي في الاسابيع الاخيرة. والرعب الذي يشعر به الاسرائيليون أقل من ذاك الذي يشعر به سكان غزة الذين لا يملكون إنذار «اللون الاحمر»، ولا «مكان وقاية» ولا قبة حديدية لتخليصهم، ولا يوجد سوى مئات الطلعات الجوية المخيفة لسلاح الجو الاسرائيلي في السماء تنتهي الى قتل مدنيين أبرياء وفيهم شيوخ ونساء واطفال كما قد حدث في هذه العملية.
وقد تبجح ضابط اسرائيلي أمس بأن الدمار في القطاع هذه المرة أكبر مما كان في عمود السحاب.
أصبح يوجد للعملية إسم صبياني هو «الجرف القوي». لكن الجرف القوي بدأت وستنتهي ككل سابقاتها لا جرفا ولا قويا. تريد وسائل الاعلام والرأي العام الآن دما وخرابا فلسطينيين، واليسار والوسط يؤيدان بالطبع، ومن المؤكد أنهما يؤيدان كما في كل البدايات – أما ما يلي ذلك فقد أصبح مكتوبا منذ زمن في تاريخ كل عمليات غزة على اختلافها الدامية التي لا أمل منها. والشيء المدهش أنه لا يتم تعلم شيء ولا يتغير شيء سوى الوسائل القتالية، من عملية الى أخرى.
تصرف رئيس الوزراء هذه المرة بضبط للنفس حقا ووضعت التيجان على رأسه – وما كان يمكن ضبط النفس في مواجهة القذائف الصاروخية من غزة. ويعلم الجميع أن بنيامين نتنياهو لم يكن معنيا بهذه المواجهة. أحقا؟ لو أنه لم يكن معنيا بها حقا لكان يجب عليه أن يُحدث مسيرة سياسية حقيقية، لكنه لم يفعل ذلك ولهذا من الواضح أنه كان معنيا بالمواجهة. وقد صرخ العنوان الرئيس في الصحيفة التي تعبر عن رأيه أمس بالكلمات التالية: «إمضوا حتى النهاية»، لكن «النهاية» الهوجاء التي تدعو اليها صحيفة «اسرائيل اليوم» لن تحرزها اسرائيل أبدا ولا سيما بالقوة. قال دافيد غروسمان أول أمس في مؤتمر اسرائيل للسلام: «لا سبيل للتهرب من العقاب على ما أحدثوا مدة خمسين سنة تقريبا». وكان ذلك قبل بضع ساعات من وقوع العقاب التالي في سلسلة الجريمة والعقاب على مواطني اسرائيل، ويا لهم من ضحايا غافلين أبرياء.
هآرتس 10/7/2014

جدعون ليفي

لا تساعدوا الأردن
صحف عبرية
آريه إلداد
هآرتس 7/7/2014

إن الانطلاق السريع لقوات داعش الظلامية في العراق وسيطرة إخوتهم من جبهة النصرة على أجزاء من سوريا يفضي بكثير من المحللين في منطقتنا الى اعلام الاردن باعتباره الهدف التالي لمتطرفي الاسلام في الشرق الاوسط. ويذكر عدد منهم أيضا أن اسرائيل ستكون التالية. ولا حاجة الى التعمق في الكتابات اللاهوتية لهؤلاء البرابرة الجدد، بل يكفي أن نفهم المعنى الجغرافي السياسي للحروف الاولى من «داعش»: الدولة الاسلامية في العراق والشام. فالشام هي سوريا الكبرى ويتعلق ذلك بوجهة نظر الناظر أو بالفترة التاريخية التي استُعمل فيها المصطلح منذ عهد بني أمية الى أيامنا – وهي التي تشمل سوريا ولبنان والاردن واسرائيل في الحدود المعروفة اليوم.
إن الاردن دولة صديقة في ظاهر الامر، ولنا معها معاهدة سلام وهي تقاتل الارهاب وهي «جزيرة استقرار» في الانفجار في الشرق الاوسط. واذا كانت المملكة في خطر من قبل الاسلام المتطرف الذي هو عدونا ايضا – فما هو الشيء الأكثر طبيعية من أن نمد لها يد الدعم في وقت الازمة؟ ولما كان استمرار وجود العائلة المالكة الهاشمية مصلحة واضحة لصديقتنا الولايات المتحدة ايضا، فمن الواضح أن اسرائيل ستهب للمساعدة.
لكن ينبغي أن نتذكر قبل أن نهب عددا من الدروس التاريخية نميل الى نسيانها وقت الهستيريا. ينبغي أن نتذكر هباتنا التاريخية السابقة في محاولة للتدخل في اجراءات في داخل دول عربية. منذ أيام المساعدة الهادئة لكردستان الى المغامرة اللبنانية النازفة في حرب سلامة الجليل، ومنذ أيام قتل عبد الله الأول الى قتل أنور السادات ـ إن العناق الاسرائيلي قد يحكم على المعانقين بالموت. والمسارات «الطبيعية» في الدول العربية والاسلامية أقوى مما تستطيع اسرائيل أو تكون مستعدة لفعله، وأنا آمل أن يكون كبار اصدقاء العائلة المالكية الهاشمية في بلاط حكومة اسرائيل يقصدون فقط مساعدة استخبارية واستراتيجية ولوجستية – ولا يرون في خيالهم دبابات المركباة الاسرائيلية تنطلق نحو حدود الاردن والعراق وسوريا لتحمي عبد الله من قبائل «الهون» الجديدة.
ذات مرة – في ايلول الاسود في 1970 – أنقذت اسرائيل الملك حسين بانذار لسوريا بأنها اذا تدخلت في الحرب الأهلية في الاردن لصالح ياسر عرفات وفتح فستضطر الى مواجهتنا. وهزم الحسين عرفات وطرده الى لبنان، ومنذ ذلك الحين وكثيرون يلعبون بـ «لو». فلو تركت اسرائيل الفلسطينيين يستولون على الاردن أكان وضعنا اليوم أفضل أم اسوأ؟ وهل كنا سنواجه «جبهة شرقية» خطيرة أم نوجد في وضع فيه للفلسطينيين من وجهة نظر العالم دولة في الاردن وتضعف جدا مكانتهم باعتبارهم شعبا مسكينا «ذا حق في تقرير المصير»؟ إن ألعاب «لو» كهذه لا يمكن أن تفضي الى استنتاج قاطع لا لبس فيه. لكن لا يمكن أن نتهرب منها في كل مرة نتعلم فيها فصلا من التاريخ.
كان كل زعماء اسرائيل من اليمين واليسار حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي بصور مختلفة من التعبير، وكان بعضهم يفعل ذلك بصورة صريحة تماما، كانوا يرون أن الاردن هي دولة الشعب الفلسطيني؛ من مناحيم بيغن الى اسحق رابين، ومن اريئيل شارون الى موشيه ديان ويغئال ألون. وقال الملك حسين ايضا للصحيفة العربية «الحياة» التي تصدر في لندن (في 26 كانون الاول 1982) إن «الاردن هو فلسطين وفلسطين هي الاردن، وكل من يقول غير ذلك فهو خائن»، لا أقل من ذلك. وأصبحت تلك التصريحات غير شرعية مع التوقيع فقط على اتفاق السلام مع الاردن. وفي كل مرة كنت أقول فيها ذلك في الكنيست كان سفير اسرائيل في الاردن يُستدعى الى حديث توبيخ. ولا يدور الحديث هذه المرة عن كلام، فالبرابرة آتون الآن.
لا شك في أنه اذا سيطر الاسلام السني المتطرف على الاردن فستصبح حدودنا الطويلة الهادئة معها حدودا دامية. ولا شك في أن ولادة «الجبهة الشرقية» المضادة لنا مرة اخرى ستكون تهديدا. لكن البديل وهو استمرار الضغط الدولي من الخارج وضغوط المستسلمين في الداخل، للاعتراف بانشاء دولة فلسطينية في اراضي يهودا والسامرة وغزة، أخطر من ذلك. وهذه مسألة جغرافيا، ومسألة حق في وطننا، ومسألة أمنية ومسألة اقتصادية ايضا. والأحمق الذي يعتقد أن دولة فلسطينية كهذه ستكون أكثر ثباتا في وجه احتلالات الاسلام من سوريا أو العراق أو الاردن هو ساذج أو يدعي السذاجة. فقد أصبح للقاعدة اليوم عدد من الخلايا الفاعلة في غزة ويهودا والسامرة يفوق عددها في الاردن. والذي يخشى دولة القاعدة في الاردن يجب أن يخشى أكثر بأضعاف دولة كهذه في يهودا والسامرة.
وعلى ذلك لا ينبغي لنا أن نحاول إنقاذ الملك عبد الله اذا أغرقته عصابات داعش المسلحة. وسيكون مآل خلافة داعش الانتقاض وأن تتحول الى كيانات عرقية قبلية.

وتحتاج اسرائيل الى عنصر جديد في معادلة الانتحار التي هي «دولتان للشعبين غربي الاردن». يجب عليها أن تستبدلها بالمعادلة الجديدة وهي: «دولتان للشعبين في ضفتي الاردن».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا