الروائي تيسير نظمي يكتب المشهد الأخير من نوفوليتا 2016 Noveleeta 2016
من المشهد الأخير من نوفوليتا 2016
قبل إطلالة القطار لبضع دقائق على البحر الأدرياتيكي من مرتفعات
تريستا لم يشعر سائق القطار ولا دار بخلد أي من الركاب أن واحدا فقط كان يركض فوق
سقف القطار العابر لتريستا من طرفها الجنوبي لولا أن انتبهت إلزا الصغيرة التي
كانت تراقب المشهد من النافذة لسقوط جسم أشبه بالطائر أو إيكاروس من السماء محلقا
كنسر من النسور في الهوة الكحلية الداكنة ولشدة سرعة القطار لم تتبين إلزاه
الصغيره ارتطام الكائن في الماء أو الأحمر بالكحلي فسرعان ما اختفت الهوة الأدرياتيكية
عن عين الناظر إليها من مرتفعات تريستا المحاذية للبحر ، وما هي إلا لحظات حتى
انتبهت الصغيرة لوحدتها فنهضت كالمذعورة تبحث عن والدها في ردهات القطار.
عندما ركض على سطح القطار يسابقه إلى البحر قاذفا بنفسه إلى أعلى
كطائر يحاول التحليق في السماء منحرفا بجسده نحو الجهة اليسرى لضمان عدم ارتطامه
بالأرض أو بطرف القطار لا يعرف كيف تصاعدت التراتيل واختلطت باغاني فولكلورية
لأهالي تريستا تزايدت صخبا قبل سقوطه في الأدرياتيكي وانطفاء شعلته إلى الأبد .
قالت أدلهايد روزن والدمع يغالب عينيها: لقد خطط لسنوات لطريقة
انتحاره . كنت أشك أحيانا بوجود مخطط ما في رأسه لكن ميله للسخرية وروحه الفكهة
تزيل هذه الشكوك بسرعة مذهلة. الآن يتبين لنا العمق الغائر لأحاسيسه وقدرته على
إبقاء شخص آخر خفي يعيش لسنوات طويلة بداخله قبل أن يظهر و عندما أوشك هذا الشخص
الخفي على الظهور العلني للناس صرعه الشخص الضاحك وماتا سويا في فضاء من التراتيل
الدينية يصعب توحده إلا بارتطامه بصخور الأدرياتيكي شديدة القتامة .
في تلك الأثناء وقبل أن تكتب الصحف الإيطالية أو تنفي الخبر وقبل أن
ترد الصحف اليوغسلافية كانت إلزا تركض داخل القطار باكية تبحث عن أبيها الذي
اختفى.
تيسير نظمي – عمان – 23-4-2014
لماذا تركت جناحيك بعيدا
تيسير نظمي
لماذا تركت جناحيك بعيدا
وبكيت قبل السفر
لم تأخذ إليك حقيبتك اليتيمة
ولا صليت
عاريا في فضاء وبحر
ترى طيور السماء والأسماء
وتعرف من مات ومن انتحر
فلماذا كنت ولماذا كان السفر؟
تيسير نظمي – نوفوليتا 15-11-2013
ها هنا حطت يمامة
وهاهنا جدل
فلا أنت مقتول تماما
ولا أنت من قتل
ألم تعرف بعد سر الموت من الضجر
والجائعين في لجة يومهم
والساهرين في السحر
فقل لي بعد المغيب ما لم تقله عاما فعاما
أي النساء ملأتك حبا وهياما
وأي النساء نسيت وقد ذهبن غماما
وقل لي شيئا عن الليمون
فقد مللت الحديث عن البرتقال
وعن الحرب وعن القتال
وعن الجنون
قل لي يا قلبي المعصور
حتى آخر قطرة
قل لي ولو مرة
لماذا تثور
والناس نيام
لا أنت كوكب ولا أنت نيزك
ولا أنت من هذي المجرة
بعد أن صار كل شيء هباء
وصارت الثورة فكرة
لا أنت هنا ولا أنت هناك
ولا أنت أسد ولا أنت جرة
قل لي قبل أن تمضي قانتا إلى حيث تموت
هل فلسطين مجرد فكرة ؟
لا جناحين مجددا بالقلب تخفق أو تطير
ولا حولك حقائب للسفر
والناس تناقصوا
في هذا السعير
بين ممنوع وبين من عبر
والناس بلا حقائب أسمال
والأوطان لمن ظفر
نوفوليتا 15-11-2013
الواحدة ظهرا
تعليقات