الكاتب تيسير نظمي (عضو رابطة الكتاب) يقدم استقالته بداعي التفرغ... !!!!
أقدم اليوم استقالتي كمواطن أردني بداعي التفرغ...
تيسير نظمي
4-2-2014
الفرق خلال أكثر من 66 عاما بيننا وبين الإسرائيليين (اليهود) أنهم لا
يكذبون على أنفسهم سواء تحت وطأة الشعار أو الأيدولوجيا أو حتى الميثولوجيا بينما
نفعل نحن عكس ذلك تماما.فهم واقعيون جدا ونحن غارقون أيضا جدا في الأوهام والخيال
والنص والدس والرخص كذلك.
من تولدوا في ظلال النكبة أو الناجون منها وهم في بطون أمهاتهم أصبح
اليوم عمرهم 66 عاما إن كتبت لهم الحياة حتى هذا السن . وما نحن غافلون عنه هو
التحولات الجماعية والفردية الطبقية والإقتصادية الي حلت بجيل النكبة الذي ولد
وإسرائيل قائمة والعلمان الإسرائيلي والأردني يرفرفان واحد فوق عقلية التطهير
العرقي (إيلان بابيه) و الآخر تحت عقلية التخلف والوصاية والتمييز والتفرقة
والغنيمة والإستفادة من الدور الوظيفي الموكل إليه منذ لقاءات عبدالله الأول
بجولدامائير التي تتكرر بصيغها الحالية بين صائب الأول و تسيبي ليفني أو بين
الثاني ونتانياهو (مع الإشارة للزميل الصحفي جيفري غولدبيرغ وأتلانتك ! ) .
وكما هو الفرق في الدين الذي أوضحته غير مرة بين اليهودية والإسلام
وأكرره اليوم : النص الديني أو السياسي أو الإقتصادي للأول أنه في خدمة اليهود
كبشر و نحن كبشر في خدمة النص أو الشعار.
أن تعيش 66 عاما في أية دولة بلا أية حقوق مدنية وسياسية وإنسانية بل وحتى دستورية معناه أن الدولة غير قائمة ومحكومة بعصابة من الرأسمال
والبيروقراط المتخلفين لأن الرأسمال والوضع الطبقي جاء من السماء مطرا أو ذهبا أو
دولارات النفط. وهذا ليس بالمقاومة أو الثبات أو الإيمان بالقضية وعدالتها بل مرده
وأصوله راجعة لعقلية القطيع سواء كان القطيع جمالا أو غنما أو بشرا يقودهم الراعي
مع شبابة أصبحت إذاعة وتلفزيون ونشيدا وطنيا الخ . فمخيمات الفلسطينيين ومن ثم
الأردنيين باقية مثل الحظائر أو أحزمة الفقر حول مكسيكو سيتي العاصمة كما هي عمان
الأردنية ! مع فارق أن المكسيك أو كارديناس لم يقل عنهم أنهم مستضافون منذ 66 عاما
ويريد تعويضات عن بؤسهم للراعي أو للثورة الخضراء في العقد الثاني من القرن الماضي
وقبل وعد بلفور و هنا : نكتشف أن الدولة السحرية (القوية) تستضيف مواطنيها ولا
تسدد أجور عملهم فيها كمواطنين منذ أكثر من 66 عاما حتى في المقابر عليهم أن
يدفعوا تكلفة القبر. وفي إسرائيل تبني الدولة مساكن لشعبها بينما لدينا تشرف الدولة
نفسها على هدم منازل مواطنيها أو تغرقها أو تطردهم منها بقرارات من المحاكم أو من
وظائفهم مع منعهم من العمل بتوصية من قانون الخدمة المدنية لمدة سنتين أو ثلاث
سنوات دون أن تفسر لنا كيف سيعيش الموظف المفصول من عمله !
حسنا حسنا .. الفلسطينيون أيا كانت جوازات سفرهم يريدون حقوقهم ليس من
إسرائيل وحسب بل من الأنظمة العربية التي استفادت من بقائهم قوى تشغيل رخيصة (كما
الخراف الإسترالية) وقضية لاجئين( ما تكفلت به الأونروا) تستجلب الدعم الخليجي
لدول الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة .. أي مقاومة تطلعاتهم بالحقوق الإنسانية
والإقتصادية والثقافية ناهيكم عن حقوق المواطنة بتوزيع الدخل والناتج المحلي
توزيعا عادلا أو حتى شبه عادل. لا تقل لي أن هنالك أحزابا تستحلب الشعار مقابل
خمسين ألفا لا توزع عليها بعدالة أيضا أو كما القومية والدينية تستحلب التراث!
( الذين ماتوا جوعا في مخيم اليرموك هل أطعمتهم البيانات والتصريحات
التي أدلت بها قياداتهم على اختلافها ؟ )
66 عاما كانت كافية لبناء الأردن العقارات والشوارع والفنادق ورؤوس
الأموال والبنوك والجيش والشرطة والمؤسسات لكنها لم تكن كافية لبناء وتحرير
الإنسان أو جعل صحيفة الحزب الشيوعي الأردني لا تصدر (مؤقتا) كل أسبوعين. 66 عاما
ونحن نعيش مؤقتا في البؤس والشقاء على أراض عربية لم نمتلك منها مساحة قبر لكل
منا.، فيالها من استضافة تلك التي يستضيف بها الراعي لغنمته أو حماره فيحمله جميلة
أنه يأكل العشب وقشور البطيخ دون أن يسأل نفسه كم مرة ركبه ليوصله إلى مزرعته أو
إلى واشنطن ونيويورك!
أنا المدعو تيسير نظمي المولود عام 1952 أريد اليوم أجري عن السنوات
التي اشتغلت بها مواطنا أردنيا برقم وطني أردني تم احتسابه عند تقديم المعونات
للأردن سواء من السعودية أو الكويت أو أميركا أو الإتحاد الأوروبي وبأثر رجعي
لأنني أقدم استقالتي اليوم وأريد التفرغ لفلسطينيتي شهيدا ( بغض النظر عن القاتل!)
في الطريق إلى الدولة المحترمة . أية دولة محترمة !
تعليقات