إسرائيل ترث نظام الأبارتهايد وتسيبي ليفني تلوح أنها ستتحجب للصلاة !
هل ورثت إسرائيل نظام الأبارتهايد الجنوب
افريقي
عوزي برعام
هآرتس 17/2/2014
حينما رأيت عضو الكنيست موتي يوغاف (من
البيت اليهودي) يثرثر في غضب غير منضبط وجهه الى رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتس،
خجلت. خجلت بصفتي انسانا وبصفتي إبن هذه البلاد. وسمعت جملة ‘الرب أعطانا هذه الارض
وهي ارضنا’. فعلمت أنه حتى رب العالمين لم يتوقع أن تُفسر هذه الجملة على هذا النحو
من الشعور بالسيادة والتعالي. فقد تحدث يوغاف وكأن فروضه الأساسية هي الفروض الأساسية
لسكان الاتحاد الاوروبي، وربما اعتقد أنهم سيبدأون ترديد ما يفكر به الى أن يقتنعوا
بأنه لا توجد هنا مشكلة، لا اسرائيلية ولا فلسطينية ولا اقليمية. إن يوغاف لا يتلقى
الوحي من رب العالمين فقط بل هو يمنح تصوره بعدا ليس فيه شيء قليل من الانسانية ولا
يميز هذا تصور اليهودية في جميع الازمان.
حينما رأيت صراخ يوغاف الوقح انتقلت بخيالي
دون أن أنتبه الى جنوب افريقيا في سنة 1993 وأستطعت أن أرى خطوط التشابه بين أناس كعضو
الكنيست يوغاف وقادة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. زرت جنوب افريقيا زيارة رسمية
في 1993 وكانت الايام آنذاك مليئة بالايمان مشبعة بالأمل، وتمت زيارتي قبل شهر من ترك
النظام الابيض مكانه للاكثرية السوداء.
جلست في وجبة عشاء عند سفيرنا آنذاك ألون
ليئال بالقرب من وزير داخلية بريتوريا. وهو شخص ابيض مليء بانتقاد اجراءات الرئيس الابيض
الاخير فريدريك ديكليرك الذي تنبأ لجنوب افريقيا بمستقبل اسود بعد التغيير. ودار الحديث
عن جذور الفصل العنصري وبيّن ذلك الرجل في إطالة مبلغ كون النظام عادلا وهو يحافظ على
تفوق البيض الذين هم أشد اسهاما في الدولة، وهو يدفع بالسود قدما بصورة تطورية.
وقال ذلك الرجل إن ‘ديكليرك خضع لضغوط خارجية
برغم أنه يؤمن بالفصل العنصري طريقة عادلة لجنوب افريقيا’. وتابع فبين لي دون أن نسأل
أن الشعب أظهر قدرة على الثبات قليلة في مواجهة العقوبات، وتحدث بصورة خاصة عن أن جنوب
افريقيا دولة منبوذة في العالم كله. ووقف عند المقاطعة الاقتصادية وأن دولته لا تستطيع
المشاركة في أي محفل رياضي في المنطقة أو في العالم.
لست أُماثل بين حكومة اسرائيل وحكومة الفصل
العنصري، فالمعطيات مختلفة. لكن شخصية يوغاف وتحديه الصبياني للضيف الكريم ذكراني بالعينين
البراقتين للوزير من بريتوريا الذي آمن بالتمييز العنصري ولم يكن له صبر على النقد
العام.
إن يوغاف كأنما خرج عن طوره لأن شولتس أثار
قضية حصص الماء وانتقد مشروع الاستيطان. لكنه لا يستطيع أن يحدق الى الواقع ليرى الظلم
والاضطهاد الواقعين على الفلسطينيين في كل أمر تقريبا. إنه لا يمكن مثل هذا التحديق
والاستمرار بعد ذلك على بناء بيوت اخرى في المستوطنات غير المخصصة لنا والتي لا مكان
لها في مستقبلنا. أنا أعلم أن يوغاف مثل نفتالي بينيت واوري اريئيل لن يتفقوا معي لأننا
من وجهة نظرهم لسنا محتلين بل عدنا الى وطننا، لكنهم يعلمون من فوق الغوغائية والشعبوية
أن حكومات اسرائيل وافقت على تقسيم البلاد وأن بنيامين نتنياهو ثبت هذه الموافقة بخطبة
بار ايلان.
لا أتمنى لنا واقع جنوب افريقيا لكن بينيت
ويوغاف يبذلان كل جهد لاتياننا به، وهما يفعلان ذلك بموهبة وقدرة على التوجيه مدهشة.
إن وجه الوزير من جنوب افريقيا المتجهم حاضر أمام عيني وكذلك ايضا التعليلات الفصيحة
التي سوغ بها التفوق الابيض.
إن عضو الكنيست يوغاف هو صنع يدي التمييز
والاستكبار اللذين كأنما يتلقيان مباركة خالق العالم، دون أن تصدر عنه قط ولو اشارة
صغيرة الى أن ذلك هو رأيه.
خرقة صلاة تسيبي ليفني
يوسي احيمئير
معاريف 17/2/2014
إحدى الرسائل الاكثر شهرة لزئيف جابوتنسكي
ارسلت الى دافيد بن غوريون في 2/5/1935، وفيها الجملة التالية: ‘لو تبين لي ان لا سبيل
الى الدولة الا الاشتراكية أو حتى أن هذا سيسرع فقط خلق الدولة في جيل واحد فأنا جاهز
وحاضر، بل وأكثر، دولة متزمتين، يأكلون (جعبلتع بيش من الصباح وحتى الفجر، فإني موافق’.
تذكرت هذه الرسالة، لقراءتي النبأ الذي نشره زئيف كام في ‘معاريف’ واقتبس فيه جملة
عن وزيرة العدل على مسمع من رئيس الوزراء: ‘من أجل السلام أعتمر حتى خرقة الصلاة’.
وكما هو معروف، فقد جاءت تسيبي لفني من بيت اصلاحي ويبدو أن ليس صدفة ان هذا القول
يذكر، بالمعنى، قول رئيس بيتار قبل 79 سنة.
مع فارق واحد، شديد المعنى: جابوتنسكي كان
مستعدا لتنازلات شخصية شديدة (أكل جعبلتع بيش!) على أن تقوم الدولة اليهودية التي من
أجلها كرس كل جهده وماله. اما لفني، فباستعدادها لاعتمار خرقة الصلاة وضم الاصوليين
الى الحكومة أرادت ان تشدد كم هو مهم (لها بالطبع) ان تسارع لاقرار وثيقة كيري.
الصهيوني السياسي جابوتنسكي كافح في سبيل
أن تقوم دولة يهودية على ضفتي نهر الاردن وفيها أغلبية يهودية. وخلافا عنه بألف خلاف،
‘الاميرة’ من بيت لفني تحلم بدولة يهودية لا تتضمن لا ما وراء النهر شرقا ولا يهودا
والسامرة. فأي مسافة اجتازتها هذه الابنة لـ ‘العائلة المقاتلة’ من ارث البيت الوطني
الذي تربت فيه. لفني هي فقط واحدة من الجهات التي تمارس هذه الايام على رئيس الوزراء
الذي هو ايضا من بيت اصلاحي صرف ضغوطا شديدة لاتخاذ قرارات تتعارض وضميره الايديولوجي،
للقيام بما قام به من فعل شارون الراحل، تحطيم الليكود و ‘الدخول الى التاريخ’. بكلمات
اخرى عقد اتفاق تتراجع فيه اسرائيل عن مواقفها وتخلي بواطن حياتها.
وتأتي الضغوط قبل كل شيء من وزير الخارجية
الامريكي جون كيري ومن الرئيس براك اوباما. ويغلف الضغط بتهديدات المقاطعة والعزلة
بشكل مباشر وغير مباشر. كما يمارس الضغط من جانب سياسيين، كُتّاب رأي وكُتّاب من داخلنا،
ممن يشخصون ربما ضعفا ما لدى نتنياهو ويدعونه الى التذبذب كما يقول المتذبذب ايال مغيد.
ساحات اسرائيل مليئة باليافطات الضخمة التي
من جهة تمتدح رئيس الوزراء: ‘يا بيبي، انت وحدك تستطيع!’ ومن جهة اخرى تقول ‘دولة قوية
توقع على اتفاق’ هذه الصياغات تظهر ايضا في الاعلانات في كل الصحف دون أن يعرف الجمهور
من يمولها. الاعلان في الصحيفة يلعق (نعم هذه هي الكلمة)، بشكل رخيص لنتنياهو: ‘نحن
الى جانبك يا رئيس الوزراء، لانك انت وحدك تستطيع!’ ويوقع عليه شخصيات اقتصادية رفيعة
المستوى ممن لم يؤيد اي منها على ما يبدو نتنياهو في الانتخابات.
ما هو ثمن الاتفاق؟ – هذا ما لا يوضحونه.
وهم سيقولون اننا لن نتنازل عن شيء واحد أمن اسرائيل. مشوق أن نعرف كيف، من ناحيتهم،
يتم الحفاظ على الامن عندما تعود الحدود لان تكون 15كم عن نتانيا؟ ينبغي الامل في أن
يصمد رئيس الوزراء في وجه كل الضغوط بالتحلل من الذخائر ويقول للفني: ‘اذا كنتِ تحاولين
ان تسوقي لي من يجلب السلام فانا سآكل خرقة صلاتك’.
تعليقات