المصري: استمتعنا بـ60 سنة استقرارا ونتمنى أن يستمتع أبناؤنا بمثلها !




19/02/2014

اعتبر رئيس مجلس الأعيان السابق طاهر المصري أن الأيام القادمة "تاريخية ومهمة وصعبة" على الأردن، في ظل "المتغيرات" في المعادلة الدولية والإقليمية، مؤكدا أن ذلك يتطلب "تضامنا وتماسكا داخليا، وبحثا عن قواسم مشتركة". مشيرا الى أن مشروع وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتحريك ملف المفاوضات "غير واضح حتى الآن"، فيما عبر عن تفهمه للقلق في الشارع الأردني مما يطرح حول مشروع كيري.
واستعرض المصري، في محاضرة له أول من أمس في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، وأدارها الوزير الأسبق د.عادل الشريدة، الوضع والموقف الأردني من التطورات الإقليمية والدولية الحالية.
واعتبر أن الوضع العربي "في أسوأ" حالاته، "تمزقا وصراعات دموية عنيفة"، فيما دخلت القوى الدولية مرة أخرى إلى المنطقة، وقال "هناك تحالفات تنسج في الواقع من قبل روسيا، وأميركا عادت بتعدياتها وأخطائها من جديد، فيما الأردن ما يزال واقفا على رجليه، رغم كل هذه المتغيرات، ولكن نحن من المنطقة ونتأثر بأحداثها".
وأضاف المصري، أن "المنطقة تغيرت بعد الربيع العربي، وهناك أقواس، ترتب من خلالها تحالفات عميقة"، ورأى أن ثمة "حزاما/ تحالفا أمنيا يمتد من ايران إلى العراق إلى لبنان، بقيادة روسيا، يتم ترتيبه، وقد اتضح هذا الحزام في مؤتمر "جنيف 2"، وهو قوي"، لافتا أيضا الى أن "هناك تحالف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمعارضة السورية، فيما السعودية والإمارات والأردن قريبون من هذا الخط الأخير".
وبين أن "الأردن يحرص أن يمر من هذه الأزمة (السورية)، دون تداعيات"، لافتا الى أن "روسيا تجري تفاهمات حاليا مع مصر، والأمور تسير بسلاسة مع الجانبين".
ورأى المصري أن "أميركا ليست بحاجة إلى النفط العربي، ووضعها في تحسن اقتصادي، وأموال الخليج كلها مودعة في الغرب، كما أنها بدأت تفاهمات مع إيران، حول الملف النووي، واعتبارها قوة إقليمية، ما أدى إلى اختلاف النظرة لإيران من قبل دول الخليج". متوقعا أنه في حال "تم الاتفاق الإيراني الأميركي فسوف يزعج إسرائيل، فيما أميركا لا تريد ذلك، لأنها ستؤلب الكونغرس على الرئيس الأميركي باراك أوباما، لذلك تسعى إلى تسوية القضية الفلسطينية".
وتابع المصري "في مؤتمر "جنيف 2" كان الوفد السوري الرسمي واثقا من وضعه على الأرض، والروس كانوا مرتاحين، لأنهم استعادوا الشرق الأوسط، وكانت مسألة ترشح الرئيس السوري بشار الأسد مرة أخرى واردة، وحرص الأميركان على أن يحفظوا ماء الوجه، والآن يعملون على التمديد للأسد بطرق قانونية دون إجراء ترشح" حسب تقدير المصري.
واستذكر أن "روسيا مرت بظروف سيئة، عند انهيار الاتحاد السوفيتي، وأهين الشعور القومي الروسي بالسرقات والمافيات، ومرت 22 سنة، لكن القيادات الفكرية الروسية بدأت تفكر، إما بالتحالف مع النصف الآسيوي (الصين وإيران)، أو مع نصفهم الأوروبي (الاتحاد الأوروبي)، أو إعادة بناء مجد روسيا القيصرية، وبدأ الرئيس الروسي بوتن الطريق على هذا الأساس، لأن روسيا صارت غنية، وكل أوروبا تعتمد على الغاز الروسي، ولكن لا يكفي أن تصبح دولة، ذات نفوذ خارجي، إلا إذا كان لك موقف في العالم".
وزاد "الملف السوري أعاد لروسيا كرامتها وقوتها، بعد أن خدعوا في ليبيا"، مشيرا الى تصريح لوزير الخارجية الروسي لافروف قبل سنتين قال فيه "سندافع عن سورية كأنها روسيا، ولروسيا في سورية مصالح بعيدة المدى".
وتحدث المصري عن جولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة، وقال "كيري زار الأردن قبل سنتين، كرئيس للجنة العلاقات الخارجية، والتقيناه آنذاك، حيث قلت لكيري حينها، إن السقف الأميركي لا يتجاوز السقف الإسرائيلي في موضوع القضية الفلسطينية".
وتابع "الأيام القادمة تاريخية ومهمة وصعبة على الأردن، في ظل هذه المتغيرات"، مؤكدا أنها "تتطلب التحفيز والتضامن والبحث عن قواسم مشتركة، مع ما يجري خارج الأردن وفي داخله".
وقال "لنا حق، كأردنيين، بأن نقلق من موضوع خطة كيري، حتى لو كان قلقا تكتيكيا، ويجب أن يعرف كيري، أن هناك رأيا عاما أردنيا، وموقفا سياسيا للشارع الأردني، وليس فقط رسميا، ويهمنا أن يفهم المجتمع الأردني هذه المخاطر، وأن يقوم بالتماسك، ويجب أن يتم حوار بين الفئات والمجموعات السياسية، وأن تحضر مؤسسات المجتمع المدني لتحريك الرأي العام".
وأضاف "نحن كأردنيين، حكومة ومجتمعا، ومهما كانت مشاربنا السياسية، متفقون على حق العودة والقدس والحدود، لكن إسرائيل لن تتساهل، وستصر على مطالبها، لاعتقادها أن هذا الوقت مناسب لإقامة فكرة يهودية الدولة، وإلغاء الحق التاريخي للعرب والمسلمين في فلسطين والمسجد الأقصى، والسعي للعبث بالديمغرافيا" الفلسطينية.
وتابع المصري "كيري زار المنطقة عدة مرات، ولم يقدم ورقة واحدة. كان يستمع لآرائنا فقط، ولم يقدم شيئا، والآن لم يعد القرار الدولي مرجعية، بل ما يتفق عليه المسؤولون في الإدارة الأميركية، ويطرحونه، ولم يعد هناك حديث عن شرعية دولية".
ولفت الى أن مشروع كيري "للآن غير واضح، لذلك لا يمكن مناقشته، ولكن ما يسرب، أن كيري سيقدم إطارا للحل، ممثلا بقيام دولة فلسطينية، على حدود 67، مع تبادل أراض"، وزاد "أما في موضوع القدس، وحسب ما يتسرب من خطة كيري، فستكون عاصمة دولة فلسطين (في القدس)"، معتبرا أن "هذه مفاهيم تحتاج لوقت طويل لتحديدها والتفاهم عليها".
وفي موضوع اللاجئين، رأى المصري أن هذا الموضوع، "وهو أول بند يهم الأردن، هو الأوضح، فحق العودة بالنسبة لأميركا وإسرائيل غير مقبول بتاتا، ويبحثون عن صيغة. مقدرا أن كيري "سيقول إن هناك 2.200 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن، معهم جنسيات، وقد حلت مشكلتهم، وإن هناك مليونين في فلسطين، وليس لديهم مشكلة على أرضهم، وهناك لاجئون في لبنان، فعلا عندهم مشكلة، وسيتم حلها".
وحذر المصري من خطر الانقسام الوطني، وقال "يجب الانتباه ونحن نتحدث عمن يتآمر على الهوية الأردنية"، و"أن لا نصطدم كأردني وفلسطيني في حرب أهلية". وأشار الى أن هذا "يتطلب أن نتحاور كمؤسسات مجتمع مدني، ونوصل رسالة للعالم، أننا مجتمع عاقل، ويجب أن نساعد الدولة الأردنية لأن تقوي موقفها".
وردا على مداخلات الحضور، لم يستبعد المصري أن يكون كل ما حدث في المنطقة العربية، وتفكيك الدول العربية، "جاء بهدف تصفية القضية الفلسطينية". داعيا الى "عدم السماح لأن تتكرر الفوضى في الأردن، كما في بلاد العرب" وقال "استمتعنا بـ60 سنة استقرارا، ونتمنى أن يستمتع أبناؤنا بمثلها".

وزاد "الآن على الدولة المحافظة على الأمن والاستقرار، بشكل يؤدي إلى الدولة الحديثة، وآن الأوان للجهاز الإداري في الدولة، أن يتجاوز حالة الضعف والترهل، وأن يعيد تقييم كل سياساتنا، فنحن تراخينا في السابق، وبرزت الآن نتائج التراخي وهناك تراكمات".
وردا على مداخلة أخرى، رأى المصري أن تطبيق الدستور الأردني نصا وروحا "أمر كاف لتحقيق الاستقرار والتحديث"، وقال "مضى على حكم الملك عبدالله الثاني 15 سنة، و30 % من مجموع السكان، نشأ في هذا العهد، في زمن المعلومات المفتوحة والإنترنت. وهذا الجيل عاش ظرفا معيشيا صعبا، وهو قلق على مستقبله، وشهد الاعتداء على هيبة الدولة، ونظرته سلبية اتهامية للمسؤول، وهذا الجيل هو من سيصنع المستقبل، وآن الأوان لنضع خطة استراتيجية شاملة لإعادة بناء الإدارة الأردنية".
وفيما يتعلق بموقف الأردن من الأزمة السورية، أشار المصري الى أن "وزير خارجية إيران شكرنا على مواقفنا، في بعض الأمور، فيما يخص سورية، ونحن متوازنون، ولن نكون مع طرف على حساب الآخر، نظاما ومعارضة".
وفي مداخلات لأعضاء الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة وعدد من الحضور، دعا متحدثون الى "مؤتمر وطني" للبحث والتصدي للمؤامرات التي تهدد الوطن، تم التشكيك في جدية الولايات المتحدة في حل القضية الفلسطينية. فيما شدد آخرون على ضرورة "تمتين الجبهة الداخلية".
فيما ختم رئيس الجمعية المهندس سمير الحباشنة الندوة، بالدعوة الى "تكريس فكرة أنه لا تعارض بين المصالح العليا للدولة الأردنية، ومصالح الشعب الفلسطيني"، محذرا من أن "سياسيين يوظفون معاني كبرى، كالوحدة الوطنية، ويركبون على صهوة هذه المسألة".
وفيما يخص المسألة السورية، رأى الحباشنة أن "الدولة الأردنية، حتى الآن، وبقيادة الملك، تعيش في حالة الحياد النسبي تجاه هذه القضية، ويجب أن ننتقل إلى الحياد الإيجابي، في المسألة السورية، حتى لا يقع علينا ما يقع على الأشقاء".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا