عادت جريدة العرب اليوم الأردنية للصدور ولكن ...!!
درس «مفلح» ؟!!
صالح عبدالكريم عربيات
القصة على مرارتها معروفة ومتداولة بشكل
واسع الا ان لا حياة لمن تنادي.. تقول الحكاية: كان هناك طفل في احد الصفوف الابتدائية
اسمه "مفلح"، وكان هذا الطفل مشاكسا وثيابه دائما متسخة، ولا أحد من الطلاب
او المدرسات يحبه، وكان مستوى علاماته متدنيا جدا، وكانت معلمته "حليمة"
دائما ما تصرخ في وجهه، وكان لديها قناعة تامة ان "مفلح" راح "يجلطها"
في يوم من الايام.. في احد الايام حضرت أمه الى المدرسة للسؤال عنه، فأخبرتها المعلمة
ان ابنها حالة ميئوس منها!! لكن، الام لم تسمع لها وقررت ان تترك البلدة وتغادر الى
مدينة اخرى..
بعد عشرين عاما دخلت المعلمة حليمة المستشفى
بسبب مشكلات في القلب، وقرر الاطباء انها بحاجة الى عملية زراعة قلب مفتوح.. وبالفعل
دخلت الى المستشفى واجريت لها العملية التي تكللت بالنجاح.. وعندما أفاقت المعلمة شاهدت
طبيبا وسيما يبتسم لها.. ولانها تحت تأثير المخدر لم تستطع الكلام ولكنها حاولت ان
تشكره بيدها.. او على الاقل هذا ما اعتقده الطبيب.. لكنه بعد ان ركز جيدا في وجه حليمة
الذي بدأ يكتسي باللون الازرق الداكن وهي تحاول ان تصيح وتؤشر بيدها وشفتاها ولكن من
دون فائدة.. الطبيب يحاول جاهدا ان يفهم ما تريده حليمة لكن دون جدوى.. ووقف مصدوما
يلاحظ التغييرات المتسارعة في تدهور صحة " حليمة"، فها هي قد بدأت تلفظ انفاسها
الاخيرة بشكل مفاجئ .. سكنت حركة حليمة والطبيب لا يحرك ساكنا من هول ما يحصل امامه
ولا يستطيع ان يستوعب ما يجري الى ان فارقت "حليمة" الحياة.. لغاية هذه اللحظة
غالبية شعبنا الاردني الطيب صاحب الاحلام الواسعة سيعتقد ان "مفلح" ابو سبع
" كمالات" هو الطبيب.. لكن بعدما التفت الطبيب الى الخلف واذا بـ "مفلح"
عامل التنظيفات كان قد فصل الكهرباء عن جهاز الانعاش ليشغل المكنسة الكهربائية لتصدق
تنبؤات المعلمة قبل وفاتها!! "مفلح" ذو القدرات العقلية المحدودة الذي لافائدة
مرجوة منه حتى لو تبنته جامعة "هارفارد" الا ان الاردنيين بطيبتهم وعفويتهم
لم يغسلوا ايديهم بعد من "مفلح" وربما توقعوا للحظة انه هو الطبيب.. تعود
القصة نفسها لتكشف لنا ان "مفلح" هو نفسه "كيري" الان.. فرغم علمنا
المسبق "بدهائهم" الا اننا نستمع اليه وننظر على ان "الحل" بيديه
ولن نصحو كالعادة من خيبتنا الا بعد ان تطفأ القضية الفلسطينية.. و"مفلح"
هو نفسه الذي يدافع عن الشعب الان .. فرغم علمنا المسبق بأنه محدود "القدرات"
الا اننا لا نزال نجعله يتحكم بأهم القرارات، ولن نصحو من فاجعتنا الا بعد ان يطفأ
علينا كل المنجزات..
و"مفلح" هو نفسه الذي في احد
مواقع المسؤولية الان.. ورغم ان هذا صورة محسنة بعض الشيء من "مفلح" أي ان
لديه قدرات "دهلزة" وليس لديه قدرات "محاسبة".. هذا بالذات لن
نشعر بحجم الفاجعة الا بعد ان يطفأ علينا الفساد.. في كل مرة لا نعتبر من درس
"مفلح".. ولا نغسل أيدينا مبكرا من " مفلح".. لا نجد انفسنا الا
وقد أصبحنا من ضحايا "مفلح"؟!!
«ملوخياتكم وعلى كندا..»
أسامة الرنتيسي
في هذه الايام، على السياسيين ان يزنوا تصريحاتهم
بدقة ومن دون تعميم، لان ما يعرفه السياسي المسؤول ليس بالضرورة معروف لدى العوام.
فليس مستحسنًا ان يخرج وزير ويخاطب وسائل
الاعلام بقوله: «كما هو معروف في العالم بان الموقف الاردني….»، فهذا خطاب اعلامي تعميمي
وقد يجد مؤوّلين كثيرين، يتحدثون بعكس هذا الموقف او ذاك، كما قد يجد اطرافا اخرى،
اسرائيلية تحديدا، تعمم بالقول: «اننا والاردن متفقون على ….».
لاحظوا خطورة تعامل الاعلام مع تصريحات
سياسية فيها تعميم واعتقاد ان كل من يطلع على العنوان بالبنط العريض يدرك خلفيات هذه
التصريحات.
قبل يومين وفي مؤتمر صحافي مشترك وقف الرئيس
الفلسطيني محمود عباس مع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في رام الله، وقال: «إن كندا
ستلعب دورا مهما في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين».
من يقرأ هذا التصريح؛ فإن اول ما يخطر في
باله، هو ترحيل اللاجئين الفلسطينيين الى كندا لتوطينهم هنالك، مع أن هذا ليس هو مغزى
التصريح، ولا الهدف من اطلاقه، ولم يبحث هذا الموضوع بين عباس وهاربر.
وللدعابة، فقد ابلغني احد الاصدقاء من اللاجئين
ان صفحته على الفيسبوك قد امتلأت تعليقات كثيرة يوم امس، كان اكثرها سخرية «يلّا لمّوا
ملوخياتكم وعلى كندا…».
الذي يعرفه عباس، ويعرفه سياسيون، ولا يعرفه
العامة، انه انبثق عن مؤتمر مدريد في عام 1991 قرار بعقد مؤتمر دولي متعدد الاطراف
من 16 دولة برئاسة كندا ناقش قضية اللاجئين، وعالج قضية تعويض اللاجئين كما جاء في
القرارات الدولية، واقر التعويض لثلاث دول تستضيف اللاجئين؛ (الاردن وسورية ولبنان)
ولمنظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الولاية على اللاجئين في الضفة وقطاع غزة، ولهذا
فإن قضية تعويض اللاجئين وديعة الآن لدى الكنديين.
هاربر؛ (المنحازة بلاده كثيرا للموقف الاسرائيلي)
أكد في رام الله «التزام بلاده بحل الدولتين لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة،
ومواصلة تقديم المساعدات اللازمة للفلسطينيين لبناء دولتهم المستقلة»، لكنه لحس كلامه
عندما كان في حضرة نتنياهو في القدس، وقال: «ان يهودية دولة اسرائيل امر غير قابل للتفاوض».
في رام الله استمع هاربر من عباس الى كلام
آخر حول «يهودية الدولة» ومن المعلومات فإن القيادة الفلسطينية ابلغت الادارة الاميركية
عدم امكان الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل، لان هذا القرار متعلق بقضيتين لا يمكن تجاوزهما،
حق العودة للاجئين، ومستقبل فلسطينيي الارض المحتلة في عام 1948.
قصة الهندي الأحمر
بسام البدارين
لا يستطيع الغرب الاستمرار في الادعاء بأن منطقتنا
العربية هي منبع الإرهاب والتطرف والتشدد، لأن المتشددين منا الذين يرفضون الآخر ويكفرون
المجتمع والدول والحكومات يقتلون المسلمين من أبناء جلدتهم أيضا.
وبالتالي يمكن القول بأن الضحايا من كل
الأديان يتساوون بالغرم والكلفة عندما يتعلق الأمر بمن يعتقدون أنهم يمثلون السماء
والله.
القتل في شعوبنا لم يعد يحتاج للتطرف الديني
في بعض الأحيان، فقد أثبت الربيع العربي أننا قوم "أشداء على أنفسنا رحماء بالغرباء"
وأي باحث سيؤرخ للربيع العربي سيكتشف ادلة على أبشع ما في البشر في حلب وحمص وميدان
رابعة والفالوجة وغزة وسيناء وبنغازي وهي الأدلة نفسها المرتبطة بالميراث الهندي في
أمريكا الشمالية.
ومازلت أذكر ذلك الفيلم الأمريكي الذي يقف
فيه أستاذ جامعي بحدة وهو يخاطب الممثلة قائلا: أنت تقفين الآن على رصيف بَنَتْهُ حكومة
فوق 40 مليون جثة لهندي أحمر.
معنى ذلك؛ أن الغرب سبقنا بأجيال في اختراع
فكرة العنف والقرون الوسطى وما حصل في اوروبا شاهد على ذلك.
لكن الفارق؛ أن ألمانيا برمتها مصدومة اليوم
بعدما إكتشفت بان 20 شابا من أصل ألماني نقي يقاتلون في سورية، بينما لا ترمش جفوننا
إطلاقا عندما نكتشف أن 70 فلسطينيًا من الساحل غادروا للجهاد في سورية من دون أية إلتفاتة
للعدو الصهيوني الذي ابتلع وطنهم ثم أصدر لهم أذونات سفر.
الغرب غرق في الدم، بالماضي، لكنه تجاوز
ودخل نطاق الحضارة.. نحن حصل معنا العكس تمامًا، فقد كنا ننير العالم وعدنا إلى البهائمية.
ولدينا شواهد على همجية الأمريكي والإسرائيلي
على أسوار دير البلح وجدران ملجأ العامرية، ووحشية الإيطالي في الصومال وقبله البريطاني
في كل مكان من دون ان ننسى الفرنسي.
في العراق وفلسطين تصرف الجيشان الأمريكي
والإسرائيلي كمرتزقة عندما قدما تغذية مؤثرة للمتشددين ولصناعة عملية التطرف عبر عشرات
الجرائم التي ارتكبت بحق الشعبين العراقي والفلسطيني بلا رحمة.
إسرائيل كانت وما زالت ذريعة للارهاب وهي
أصل البلاء، وبسببها يتألم العالم وتتعذب المنطقة، وهي اليوم مصرة على استكمال مسلسلها
الإجرامي بيهودية الدولة التي تعني قبل كل شيء السماح بقتل الآخر دوما وأبدا.
السبب الرئيسي للإرهاب في منطقتنا هي إسرائيل
وبعض قاطعي الرؤوس ومقتلعي الحناجر في بلادنا تمولهم أنظمة عربية حليفة لواشنطن والعشرات
من المجموعات المدربة على الكراهية صنعت ومولت من قبل اجهزة الاستخبارات الغربية التي
تتذوق اليوم المرارة نفسها، وهي تستعد "للعائدين" من سورية وأفغانستان من
مواطنيها بعدما تدربوا على الكراهية والرفض والقتل أيضا.
لذلك تبدو وسائل الإعلام الغربية مهووسة
بالبحث عن تفصيلات رعاياها الموجودين في سورية يقاتلون الى جانب تنظيمات القاعدة حيث
يوجد 500 بريطاني ونحو 200 فرنسي ومئة ألماني وإيطالي والمئات من الأمريكيين.
باسم السماء أيضا هاجم رئيس أمريكي مهووس
هو "بوش الإبن" منطقتنا بجيش جرار في غزوة لا تختلف من حيث أهدافها وبشاعتها
عمّا سمي بغزوة نيويورك.
منبع التطرف والإرهاب والتشدد ورفض الآخر
هو واحد، وحصريًا تلك المساحة التي يعتقد فيها أحد ما بأنه يمثل سيف العدالة الإلهية،
وأنه يملك الحق والحقيقة.. بوش كان كذلك ورموز التطرف الديني جميعا كانوا كذلك وإسرائيل
كانت وما زالت كذلك. والتشدد مازال لا دين له ولا طائفة ولا مكان.
والعَودُ أحمدُ
الياس جريسات
نعود إلى "العرب اليوم" بعد وقفة
إجبارية، لم نكن نرغب فيها، ولا نتمناها، فرضتها ظروف قاهرة، خاصة وعامة. عملنا طيلة
الأشهر الماضية على معالجتها بما استطعنا الى ذلك سبيلا.
نعود بعد دراسة متأنية، واستشارة خبراء،
فواقع الصحافة الورقية صعب للغاية، ولن تستمر المؤسسات الصحافية صامدة على نهجها، ان
لم تجر معالجات صعبة، وتتبنى سياسة اعلامية مختلفة، حديثة وعصرية ومتطوره، تتناسب مع
الجمهور المستهدف من الرسالة الاعلامية.
كانت "العرب اليوم" وسوف تبقى،
مشروع حياة، لن نبخل يوما في دعمه وتطويره، وازالة العثرات من امامه، حتى يستمر من
دون تعثر، وعلى هذا النهج عملنا في الاشهر الاخيرة.
استقطبنا كفاءات جديدة، واستثمرنا في الخبرات
الموجودة، واستعنا بكتاب عرب وصلوا الى العالمية، سوف ترون انتاجاتهم في الايام المقبلة،
كل ذلك من اجل حماية مشروع "العرب اليوم" وخطها السياسي والمهني، والمحافظة
على استقلالية قرارها.
أكدنا اهمية العمق العربي للاردن، لهذا
توسعنا في رسالة "العرب اليوم" لتصل الى العواصم العربية من خلال شبكة مراسلين
محترفين، سوف ينقلون لـ "العرب اليوم" ما يحدث في العواصم الساخنة، وفي عواصم
صنع القرار.
ثوابت "العرب اليوم" راسخة، لن
تغيرها ظروف ولا مستجدات على اي صعيد، فعشق الاردن شعبا وقيادة وأرضا لا خلاف عليه،
والايمان بالعرش ونهج جلالة الملك عبدالله الثاني قناعة ثابتة، ودعم مؤسسات الوطن الرسمية
والشعبية لا مزاودة عليها، وتكريس الوحدة الوطنية وضرورة الشراكة والمشاركة عصارة فكرنا،
واستقلالية الرسالة الاعلامية، والابتعاد عن الشخصنة واغتيال السمعة نهج عملنا.
نعود في "العرب اليوم" بقلوب
مفتوحة، وعقول متفائلة، ودون غضب على احد، من ساعدنا في تجاوز الازمة، او من عمل ضدنا،
ونقول "الله يسامح الجميع…".
• الناشر ورئيس هيئة المديرين
تعليقات