المكون الفلسطيني يتحول إلى ‘رجل أسود’ بسبب الإقصاء



مكاشفات جريئة في أعماق النخب الأردنية: المكون الفلسطيني يتحول إلى ‘رجل أسود’ بسبب الإقصاء والمحرضون على مقاطعة الإنتخابات من ‘جماعة النظام’
بسام البدارين
JANUARY 20, 2014
عمان ـ ‘القدس العربي’: عندما استقبل العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني قبل نحو ستة أسابيع ثلاثة من نواب التمثيل الفلسطيني في برلمان بلاده تطرق الحديث بوجود نخبة من كبار المسؤولين في القصر إلى حملات المقاطعة التي انطلقت قبل الإنتخابات العامة الأخيرة في أبرز مدن الكثافة السكانية وهي الزرقاء.
النواب الثلاثة هم محمد حجوج ومحمد هديب ومحمد ظهراوي تحدثوا عن مشاعر أهالي المخيمات في المملكة تجاه الدولة والملك وشغفهم بالإستقرار والأمن في الأردن بالتوازي مع تطلعاتهم في العودة لفلسطين.
وجهة نظر رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة في ذلك اللقاء الذي ناقش ملفا محددا أن ‘الأخوان المسلمين’ الذين تنظر لهم التيارات المحافظة في الحكم باعتبارهم حزبا فلسطينيا من حيث التعبير في الأردن هم المحرضون على مقاطعة الإنتخابات في الزرقاء وغيرها.
فوجئ الحضور بالملك شخصيا يتدخل ‘لتصحيح’ المعلومة التي أدلى بها مستشاره الأكبر مشيرا الى أن تحريضات المقاطعة للإنتخابات لم تنطلق من الأخوان المسلمين بل من شخصيات ومراكز ثقل محسوبة على الدولة ومؤسسة الحكم ‘من جماعتنا’ كما قال أحد المسؤولين.
لم يكن القصد التحدث بأثر رجعي عن الإنتخابات بقدر ما كان الخوض في مناقشة تفصيلية حول اتجاهات التصويت عند الوسط الفلسطيني في الأردن بخصوص المقاعد التي يتيحها قانون الإنتخاب وتقسيمات الدوائر لتمثيلهم.
هذا الجدل يتوقع أن يعود بقوة إلى الواجهة مع الإيقاعات التي فرضها على الشارع الأردني مشروع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خصوصا مع تنامي التقارير التي تتحدث عن سيناريوهات الوطن البديل مجددا في إسرائيل وفي عمان حيث صدرت بيانات بالخصوص تحذر من العواقب.
مثل هذه البيانات هي التي قفزت مجددا وعلى أعلى مستويات القرار واللعبة السياسية بملف ‘المكون الفلسطيني’ مجددا خصوصا وأن الإعتراضات التي أثارها البعض على مسألة من طراز الحقوق المدنية لـ’أبناء الأردنيات’ ساهمت بدورها في تعطيل وتسويف التزام حكومي سابق أمام مجلس النواب بإقرار هذه الحقوق رغم أن المسألة طرحت منذ سنوات طويلة وبعيدا عن كيري الذي’لا ينام ويحلم بأبناء الأردنيات’ على حد تعبير النسور نفسه.
كيفية التصرف مع ملف المكون الفلسطيني سؤال حاضر بقوة على مستوى النخبة في الأردن هذه الأيام في تأثير طبيعي ومتوقع للهجمة التفاوضية التي يقودها كيري وبسبب طرح سؤال ‘التمثيل’ بصورة علنية من قبل مسؤولين كبار بينهم النسور ورئيس ديوان الملك فايز الطراونة.
في اجتماع مغلق تخلله بعض الإنفعال أعرب النسور عن إنزعاجه من مستوى الضغط على حكومته برلمانيا بخصوص أبناء الأردنيات ففوجئ بأحد أركان البرلمان يجادله على النحو التالي: دولة الرئيس نخشى أن يتحول المكون الفلسطيني في بلدنا إلى ‘الرجل الأسود’.. لاحقا سأل البرلماني نفسه: أنظر للدوائر الإعلامية.. أين التعبير الإجتماعي الأردني عن المكون الفلسطيني فيها؟.
وجهة نظر عضو البرلمان الأسبق مازن القاضي كما سمعتها ‘القدس العربي’ عدة مرات تحدثت مليا عن عبثية تجاهل الحالة الوجدانية التي تمثلها الوحدة الوطنية في صورة الأردن عبر الغرق في لعبة إقصاء بعض المكونات فالأردن- يشرح القاضي- كان ولا زال لكل مواطنيه وأي كلام خارج السياق بذريعة المخاوف السياسية ينطوي على سذاجة فالفلسطينيون جزء أساسي من نسيج المجتمع الأردني والواقع يقول بأنه لايمكن جمعهم بشاحنة وإلقاؤهم عن الجسور.
مثل هذا الطرح يستجلب بالعادة إتهامات معلبة ضد أركانه ورموزه من الوطنيين الأردنيين حيث أن هوية المجتمع الأردني واضحة الملامح ولا يمكن نكرانها كما شدد رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت عندما حاورته ‘القدس العربي’.
لذلك إقتنص الرئيس النسور الفرصة السبت الماضي وأعاد تعريف ما تفكر فيه الدولة الأردنية بخصوص جدل المكونات وهجمة التفاوض المفترضة بقيادة كيري فالأردنيون من أصل فلسطيني سواء كانوا لاجئين أو نازحين لا يملك أحد الحق في تمثيلهم في أي مفاوضات تتعلق بالتعويض حصرا إلا الأردن الذي ‘لن يمثل’ مواطنيه بالخصوص عندما يتعلق الأمر حصريا بـ’حق العودة’.
بالدرجة نفسها من الإصرار لا يمكن السماح أردنيا لأي جهة بالتشكيك بـ’مواطنة’ الأردنيين من أصل فلسطيني وحقوقهم الدستورية التي يحميها الدستور وتمثلها ‘دولتهم’.
النسور أضاف بحضور ‘القدس العربي’ جملة تجاهلها الإعلام المحلي تماما: ‘عندما أقول لا أحد يتدخل بـ’أردنية’ أبناء الدولة الأردنية أقصد لا أحد فعلا بما في ذلك الأمريكيون والأخوة في منظمة التحرير والسلطة وبطبيعة الحال قبل الجميع إسرائيل’.
هذا الكلام برأي وزير الإتصال الناطق الرسمي محمد مومني منطلق ويتمأسس على قرارات الشرعية الدولية. وهي مسألة ثبت عمليا أن خطاب النسور ينطلق منها وأنه لا صحة عمليا لكل الإجتهادات ‘المتسرعة’ صحافيا التي تحدثت عن ‘تناقض’ بخصوص مسألة التمثيل بين المسؤولين الأردنيين.
‘القدس العربي’ سألت النسور مباشرة عن التصريحات والتعليقات التي يدلي بها بعض السياسيين من خارج نطاق ‘الولاية العامة’ والتي تثير الجدل والتشويش سواء عبر محاضرات ـ كما فعل البخيت – أو عبر لقاءات مغلقة- كما فعل الطراونة.
تحت إلحاح ‘القدس العربي’ وأمام رؤساء التحرير المحليين تجنب النسور الإشارة لمراكز قوى أخرى في الدولة وأجاب مباشرة على السؤال المرجعي شارحا الموقف الرسمي الثابت والمؤكد كما أفاد.
الموقف على الأساس التالي: الأردن يقف مع حق العودة لجميع اللاجئين لكنه لا يزاحم لتمثيلهم وفقا لمنطوق قانوني مرتبط بالشرعية الدولية يقول بأن حق العودة ‘فردي تماما’ بمعنى أنه لا الأردن ولا أي جهة أخرى تملك أصلا إمكانية التفاوض على حقوق فردية بموجب القانون الدولي.
في الوقت نفسه طمأن النسور المكون الفلسطيني بأن الدولة الأردنية ستتابع تحصيل حقوقهم المنصوص عليها بـ’التعويض’ بإعتبارها حقوقا لمواطنين أردنيين يتمتعون بكامل الأهلية الدستورية على أساس أن الدولة مؤسسة تملك القدرة على تحصيل هذه الحقوق وهي أيضا للأفراد ومختلفة عن حقوق الدولة الراعية.
معنى ذلك أن الدولة الأردنية ولأسباب متعددة تخاطب مكونها الفلسطيني مع ضمانات بأفضل عملية تفاوض ممكنة على ملف ‘التعويضات’ خصوصا وأن النسور تحدث عن تعويضات لكل الفلسطينيين وليس للاجئين فقط.
كما رد على استفسار لـ’القدس العربي’ حول تعريفاته العلنية للجوء بين عامي 1946- 1949 مشيرا لضرورة ‘تمديد’ فترة اللجوء حتى لا تقتصر على التصور الإسرائيلي او بعض تفسيرات الفهلوة القانونية التي تعتبر اللاجئ هو من تحرك بعد الحرب عام 1948.

النسور يتحدث عن لاجئين تحركوا عام 1946 بسبب ‘العصابات’ وعن آخرين تحركوا بعد عام الحرب وتركوا وطنهم حتى عام 1946..بالنسبة للأردن هؤلاء هم اللاجئون الذين سنتحدث عنهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا