The Boat (As Arthur Rimbaud said) By Haytham Al-Rimawi

المركِب كما قالَ (رامبو)
هيثم الريماوي


المركِبُ المترنحُ ، لمْ يكنْ ثملا
لكنَّ (رامبو ) كانَ يمسحُ الغبارَ عنْ عيونِ الهواءِ
لم يكن زنادقةُ الكلام يعشقون الموتَ كما يدّعونَ
لكنَّ ملاهي التصوفِ ، تغري كثيرا
تكشفُ عند ثمالةِ الصحوِ ، عن ساقينِ بنصوعِ الحقيقةِ
حتى قال المتيّمُ  :
 تواهاني الدائريُّ هوَ الجمالُ كلُّه ، يتمايلُ تحتَ ردائي
لأطيرَ راقصا إلى جنّتي
رويدا رويدا ، عند شفق المغيبِ

لكنّ الجحيمَ أبديُّ الظهورِ ،
كلما غطست شمسٌ في البحرِ
احترقَ الماءُ ،
وخرجَ شاعرٌ حديثُ
للعصرِ الحديث
يقتلُ أسلافَه وأعداءَهُ
قربانا للنهارِ وضوئهِ  
ويعبرُ المستحيلّ ، مترنحا
على مركبِ الأصيل 
ورويدا رويدا ، يندسُّ
بكلماتهِ الواخزةِ
بين شمسٍ واضحةٍ وبحرٍ كبير
وجدتها ! قالَ ( رامبو )
قلتُ : ماذا ؟
قالَ : الأبديّةَ
شاعرٌ ، لا يبشّرُ بفجرٍ جديدٍ
بل  يعيشُ خلفَهُ ، في الليلِ الرديءِ
يضيءُ للمتعبين فيه
براعةَ الشمسٍ ، ضجّةَ الفرحِ الصيفيّ
وأصواتَ شتاءٍ رتيب .

المركِبُ المترنحُ ، لمْ يكنْ ثملا
كما كانت تظنُّ ، حصى القيعانِ
وهي تضحكُ من رسوخها ، وفظاظةِ الماءِ
تضحكُ ؛ فلا سقوطَ أكثرَ
ولا هواءَ أبعد
الريحُ تنحتُ الصخورَ للنسورِ
والماءُ يصقلُ الحصى للحفاةِ
والحفاةُ ، في الوديان وحدَهم
يُتقنون انتزاع الأشواكِ ، لأنها تدمي
ولأنَّ ثقوبَ ملابسِهم ، تكشفُ عن عوراتِهم
صارت عوراتُهم ، ثقوبا للنهارِ 
تسرّبَ البردُ والدفءُ إلى أجسادِهم وأحلامِهم
حتى صاروا إخوةَ أشجارٍ عالية
وتكاثروا في الزوايا المنسيةِ كالإخضرارِ
أو كحَبَق الغبارِ .


المركِبُ المترنحُ لمْ يكنْ أبدا ، يهيءُ ذاتَه للصلاةِ
لكنَّ المراكِبَ تقودها الأنهارُ
لو كانت يدُ الربّانِ أضعفَ من دفقةِ الماءِ
تُتخمُ الضفافَ بالحكايا ، والإساطيرِ ، والتعرّجاتِ
تَعِدُ المراكِبَ بهيبةِ الترابِ
وهي لا تجري ، إلا من الماءِ إلى الماءِ

وللطبيعةِ نَزقُ شاعرٍ
أو للشعراءِ – ربما – نَزقُ الطبيعة
يفرحُ النهرُ فيجري
ويجري النهرُ ثمَّ يغضب
فيقولُ الواقفُ على ضِفّةِ  الفيضانِ :
الماءُ قادم !
ويقولُ الآخرُ الواقفُ على الطرفِ الآخرِ :
الماءُ ذاهب !
والطبيعةُ والشعراءُ ، لا يعرفونَ
من كثرة الضفاف والأصداءِ
ومن كثرة الحياة والموت في الأحايين الكثيرة
يرتّلونَ جهاتِهم لا للصّلاةِ ، بل مترنّحينَ على الماء :
( آه ، كم هي خِصبةٌ لو كانت الروح !
  آه ، كم هو الكونُ لو كانَ واسعا ! )


المركِبُ المترنحُ ، لمْ يكنْ ثملا
لكنّ (رامبو ) المغامرَ
كان بجمال ( نرسيسَ) ،
 فانتحرَ هناك   

على صفحةِ الماءِ .


world_sphere.gif 
arabian-blue-com.pngjorgang-blue.png elzat-blue.png

elzay-blue.pngnazmius-blue.png   33.gif cooltext465306933.png

Haitham Alremawi


ما فاله الناقد والأديب الياس محمد سعيد عن مجموعة " حي ابن ظمآن " في حفل الإشهار ....

شكرا يا هيثم على إقحامي في هذا الموقف الذي أشعر بأني لن أفيه حقه ، في عملك الثاني بعد عملك الأول المعنون بــ" على إيقاع الشعر" .
أرجو أن أكون مفهوما عندما أقول بأنه لا يمكن تقديم قراءة نقدية في هذه العجالة في هذا العمل ، الذي أعتبره معقدا ، فالعناصر الموظفة تكاد تكون خفية ، لكن ما تلمسته أن ثمة جهدا حقيقيا كبيرا بذله هيثم الريماوي في طريقه إلى إبراز مسألتين ، وكان شرع في ذلك في عمله الأول ، المسألة الأولى :
محاولة وضع تعريف محدد متماسك سليم لقصيدة تناولها مجموعة من الشعراء وهو واحد منهم ، هي مجموعة شعراء بلا حدود ، ودعيت القصيدة التناغمية ، المسألة الأخرى التي سعى الشاعر لإبرازها سعيا حثيثا – كما أراها – هي إبراز علاقته مع الآخر فوصفه تراثا ، بوصفه إرثا ثقافيا ، بوصفه هذا الذي يسكن الذات ، يسميه – مثلا- أدونيس الجمع ، لنقف عند المسألة الأولى وهي القصيدة التناغمية ، من دون ذكر الاسم ...يعني أنا سأسحب وقوفي عند الاسم ، يحاول هيثم أن يؤكد لنا أن الشعر لا مرجعية له ، ليس هنالك مرجعية لا فقهية ولا ثقافية ولا – لنقل – أكاديمية ولا عروضية للشعر ، ورأينا كيف يقول في أحد المقاطع التي قرأها أن الشعر نثر والنثر شعر ، إذن قصيدة الشعر عند هيثم الريماوي لا مرجعية لها ، والشعر لا مرجعية له إلا الشاعر ، الشاعر وحده هو الذي يعطي مرجعية لشعره ويحدد مفهومه ، سيلجأ هيثم الريماوي في هذه المجموعة كما فعل على نحو أقل كثافة في مجموعته الأولى ، إلى إبراز أن الإيقاع إطلاقا لا يمكن أن يكون شرطا للشعر ، ربما يكون شرطا للنظم لكنه ليس – أبدا – شرطا للشعر ، لذلك سيخلط في القصيدة نفسها أو سيحاول أن يقحم في القصيدة نفسها ، تفعيلات عدة في بعض المقاطع أو في بعض القصائد ،لكنها متراكبة لا على نحو نمطي ولا على نحو نظمي ، لكي يري أنه حتى الإيقاع يمكن أن يصبح لا موسيقيا ومع ذلك يحتفظ النص وتحتفظ القصيدة ويحتفظ الكلام بموسيقاه الداخلية الخفية ، أرجو أن أكون قد وضحت هذه المسألة ، وهي مسألة تستحق التوقف في شعر كثيرين ومن بينهم ، أو في مقدمتهم – ربما يكون – هيثم الريماوي ، المسألة الثانية العلاقة الإشكالية مع التراث ، قلت إشكالية لأنها ليست علاقة إنسان عادي بالتراث ، هي علاقة إنسان مستوعب ذاته يحس بها إحساسا شديدا ، وهذا الإحساس وهذا الوعي للذات هو الذي يسبب تلك الإشكالية في العلاقة مع التراث ..في قصيدته "حي ابن ظمآن" ، والتسمية – بالمناسبة - تستحق التوقف ليس بسبب إحالاتها الكثيرة على الماضي الثقافي بل أيضا للثنائية الضدية الخفية التي تنطوي على التسمية حي / ظمآن ، في "اقتراب" هكذا نقرأ :
" أعود وحدي للصراط المستقيم
تضيء جلدي جهنم ، ويحرقني حلم قديم "
التراث لا يمكن أن يكون عابرا في حياة أي إنسان ، التراث سيظل ينمو مع هذا الإنسان ويتقمص أشكالا كثيرة ويمكن أن يتحول إلى مهدد إلى هذا الإنسان ووجوده ، وممكن أن يتحول إلى رافد لمعيشته ...يعني مواقف كثيرة من التراث يتخذها المرء بحسب وعيه واستلهامه وما إلى ذلك " أعود وحدي للصراط المستقيم ، تضيء جلدي جهنم ، ويحرقني حلم قديم " ابتدأت المسألة مع التراث الديني " حبيبتي تفاحة ، تجاربي آدم " توقفت هنا لأني بعدما واصلت قراءة النص وجدت نفسي مرتبكا أمام هذه الأسطر :
قال إبليس موسوسا" الوسوسة - لا بأس - ترتبط بإبليس " "إني شهيد" ، " وقال آدم مستغفرا " وأيضا لا بأس أن يكون الاستغفار منوطا بآدم ، " معصيتي كبيرة " والاعتراف ،" قلت "(أنا) تبرز الذات (الأنا ) بحياء بخوف بوجل ، كما سيتضح بعد قليل ، بين إبليس وبين آدم ، بين الوسوسة وبين الاستغفار ، ويختار الشاعر لإناطة ما يريد الذات به ، أو ما يحيل الذات عليه وما يحيله عليها فعل التمتمة ، " قلت متمتا " لا أنا شهيد ولا أنا معصيتي كبيرة ، " قلت لي متمتما ، إني ضعيف والمرايا كثيرة " المرايا ربما عيون الآخرين ، ولكن أنظر كم التكثيف الذي بلغه الشاعر في إحساسه بأنه مسكون بالآخرين وبضعفه بسبب هذه الحال ، لو تابعنا أيضا – وبالمناسبة – النصوص التي سنقرؤها في هذه المجموعة – أنا متأكد - في غاية من التعقيد ، ومركبة جدا وبحاجة إلى توقف عميق بالإضافة إلى أنه يجب أن يحضر في ذهني أنا أمامكم وأمام نفسي ، أن الكلمة في الشعر لها ذاكرة ، وحتى أفهم القصيدة أو ما تحيل عليه كلمة في قصيدة وبالتالي حتى أفهم السطر ومن ثم الفقرة ، يجب أن أعرف مخزون هذه الكلمة الشعري ، ليس من العبث أن يقول – مثلا – في لحظة من اللحظات ، بأنه وقف على باب الشعر فقال " مرحبا " ورد عليه الفراهيدي " وعليكم السلام " ، حداثة مقابل تراث ، أنا مقابل هو ، الفراهيدي في غرفة الشعر و الشاعر على بابها ، الفراهيدي يشعر بالبرد ، بيمنا يشعر الشاعر بدفئه ، الدفء آت من داخله من وهجه ، إذا – يعني – إحالات كثيرة وشواهد كثيرة ، تدل على أن هيثم الريماوي منهمك انهماكا شديدا في إبراز علاقته مع التراث ، وهي علاقة محيرة ومربكة ، وتصل – إن جاز لي التعبير – قمة التوتر
" عدت إلي ، وحدي كنت ، أرددّ :
نطرب لوجع الروح
نرقص لو تحسسنا أجسادنا"
عدت إلي ( أنا ) ذات مفردة ، لكن عندما أردد ، نطرب لوجع الروح ( نحن ) ، مما أيضا يرتبط بعلاقة الشاعر بالتراث ، علاقة الشاعرة بالآخر الذي يجاوره في الزمان والمكان ( الآن ) ، لنفترض أن هذا الآخر هو الغرب ، ماذا يقول ؟ – ممكن أن يكون هذا التصور صحيح – لكني أزعم أن هيثم الريماوي يصور علاقته مع الغرب مربكة إلى هذا الحد الذي سأقرؤه هنا :
" حللت شيفرة دافنشي كي أكون عصريا
كتبت قصيدة النثر كي أفهم الحلاج "
لجأت إلى الغرب ، على اعتبار أن قصيدة النثر تم إنتاجها في الغرب ، وتم تكريسها في الغرب ، تملكت هذه القصيدة كي أفهم الحلاج ، أو تملكت المعرفة التي أنتجها الغرب حتى أفهم إرثي ، وهذه أيضا إشكالية كبيرة ، وبالمناسبة - سأغامر في هذا الزعم – معظم ما نعلمه عن أسلافنا من أمثال ابن رشد من أمثال الغزالي ، تم إنتاجه في الغرب ، يعني عندما أقول أو أتبجح بالقول ، إن الغزالي كان متخلفا بسبب مبدأ السببية ، لست أنا من اكتشف ذلك ، الذي اكتشف ذلك وقرأ الغزالي ، وأنتج هذه المعلومة عن الغزالي وتفحصها واختبرها هو الغرب ، إذن ربما يكون في هذه الإشارات دعوى للاعتناء بالمبدعين الذين لا يراهم إلا الظلام ، والوحدة والعزلة ، لا نقاد ولا وسائل إعلامية ، لا اهتمام من مؤسسات حكومية أو خاصة ، وبما أنه شعر فأنا متأكد أننا ، بل أنتم خاصة مسكنون فيه . شكرا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي