الحب في زمن الكوليرا ..Samsara

النهر تائهاً عن مجراه بقلم:تيسير نظمي
إهداء: إلى ترودي مان مرة أخرى
الحب في زمن " الكوليرا" أقوى من الفلسفة، أرحم من الموت. لكأنما تسقط على السطر آنية زجاج رخيص من فاترينة" تاريخ الأدب" و " قضايا الشعر المعاصر"- مع الإعتذار لنازك الملائكة – التي نظمت قصيدة في مجلة أدبية شرقية قبل نصف قرن لثور كفّ عن الانطلاق و كفّ عن الحب و نضب فيه الشعر و ما عاد يستعاد في الأواني المكسورة. الحب في زمن الكوليرا ليس بإشكالية الشعر الحر بعد أن غادره السياب وعلي أحمد باكثير و روميو و بعد أن انتقلت جولييت للعمل في ملهى ليلي لفندق بخمسة نجوم. الحب في زمن الكوليرا اختلاط لمشهدين: شرقي يدخل الغرب في منظومة تفكيره و في وجدانه قبل أن يذهب للغرب، و غربية تغادر مشهدها لتشهد الشرق فيه رجلاً يموت في مشهده لتحيا هي كغربية " ملتبسة" في ضوء عينيه، فيكف الحب عن كونه التباس في علاقات النهب الاستعماري و علاقات السطوة للغالب على المغلوب و علاقات التفريخ البيولوجي و التفريخ الميثولوجي لأساطير ماتت و أخرجت من توابيتها قبل الدفن: سيزيف و عشتار و تموز في أزمة المياه و التصحر و الجفاف. الحب ليس صيفاً و ليس شتاءً و ليس شراءً و ليس بيعاً في العاصمة أو وسط البلد. إنه " وسط البلد" عندما تغادر المحبة- بضم الميم و كسر الحاء- عرض الباليه في العاصمة الغربية، لتبحث عن معنى كلمات دافئة لرجل في المشهد و خارجه في آن واحد. فتغادر الباليه إلى عامة الشعب في قاع البلد و تكف عن هفهفة شعرها الكستنائي المنثور على خده الأيمن هامسة بالأسئلة القليلة النادرة، والقليلة الكافية للحب و التفاهم و استنبات الأسئلة و حلم ربيع الأجوبة. الحب، هي قابضة على توحده في المشهدين. و احتياجه لها إليه من جورج طرابيشي أو محمد كامل الخطيب. فلا هو بحاجة لأن يتذكر للأول: "شرق و غرب، رجولة و أنوثة" أيتها الأستاذة رضوى عاشور زوجة الشاعر و رفيقة طعام الغداء في بودابست. لماذا هذه الثرثرة الثقافية إستاذتي نازك؟ استاذة تلميذ جامعي عاق و ما يزال لأنه قرأ فعاش" في السوق القديم" .. الذي لم يتم تسجيله باسم بدر شاكر السياب و لا لإسمه كنّ الجامعيات اللعوبات. لماذا هذا النأي عنك و بانتظارك، ترودي ، في المشهد الثقافي العربي المعاصر؟ إليك إذن في " أحدب نوتردام". فليس مهماً ما لم أسأله عنك لك أو فيك إن كنت من طولكرم حقاً أم من أمستردام أم نوتردام أم تقيمين في لندن. فها أنا أقيم في الزرقاء أو عمان أو مأدبا أو الكويت أو لندن لا فرق. فالمهم اختلاط المشهدين دون قصد في لحظة وداع لم تتم إلا بعد الاستئذان. لكأنما يحتاج العناق بين وردتين غريبتين لكل هذا الحذر من تنامي البؤس فوق الشفتين. أو أن يعشوشب شعرك فوق ملح صيف الخد من ربيع زاهر وودي. هل كنت سعاد أم يعاد أم سهاد في ما أرى من تموج في بحر اللاذقية على شاطئ يوحد مدينتين، اللاذقية و حيفا؟ و يكسر الغياب على كلمتين و ينثر السؤال بذاراً في وجه الصحراء الزاحفة حد الركبتين . لولا بساطتك التي تتحول في امتداد الشهور إلى بلور كما لم يخطر ببال فيلسوف كأرنست فيشر، لا .. لم أسأل نفسي في الغياب المفتوح على فوهة الموت العمياء عن أرسطو و لا عن بريخت و لا عن العمل الذي تحملينه فكرة أو مشروعاً للعرض القادم في سنة قادمة قد تأتي و قد لا تأتي. فكل الأسئلة باتت قربك متقادمة. فهل أسميتك الدفء الإنساني فقط و الحرارة في العينين؟ لا أدري ..
الحب في زمن الكوليرا أن لا أدري و يحتاج ما يحتاج غير الكتابة و الإخراج المسرحي و ينضجه الغياب على مهل ما بين انتحارين. انتحار الضحية في مشهد القاتل فوق صورته النقيضة في مشهد الآخر. و انتحار القاتل في مشهد المقتول على صورة ضميره النابت تواً كفراشة فوق ربيع محتمل. و التحام الصورتين إذ لا تسألان النهايات عن بداياتها و لا تندب حضارتين. فالرجال جوف هناك و في يباب ال"هنا" و الحب التقاء مسافتين.
الحب في زمن اليباب ثورة أحياناً و أحياناً هديل حمامتين من ذكر غير قابل للطيران و من أنثى تفرد في الهديل جناحيها في همستين. الحب ما فكرنا به ذات يوم و لم تدركه أعمارنا. الحب سلام دافئ لا يغادر أصابع اليدين. الحب انتظار عاشقين أو ضياع نجمتين. في زمن الكوليرا تتبادل الأمكنة و المواقع بؤس الرأسمال في نكتة أو دمعة أو همسة قبل أن تتبادله الشفتين. و الحب احتمال انكتامه سراً ما بين النحلة و الوردة وما بين الفراشة و الضوء و إحتمال قوة خفقاته في ساعة عمياء من الوقت لا تحرك عقربين . الحب نبض الوقت في قلوبنا فوق صمت غابة من الموتى و انبثاق داخل جلمود صخر لنبع عين. و الحب غامض و غائم تراه بالقلب و لا تلحظه عين. الحب اندفاع كوكبين نحو التلاقي أو في اتجاهين متباعدين. الحب التحام نجمتين خارج ما يرسمه النظام العالمي الجديد من خطط أو عدد. أقوى من الفلسفة و أعمق من البحر . ربما كنهر تائه عن مجراه أو سواه، لكنه سعيد في تجدده في بريق عين.
تاريخ النشر : 2005-05-26
www.nazmi.org




هل كشفت هآرتس عن عملائها في الأردن ? بقلم:تيسير نظمي2005-08-31


بن جلون يكتب عن سيرك العرب في فرانكفورت ! بقلم : تيسير نظمي2004-09-10


براءة (أفق 6) من (تجمع الفشل)بقلم : تيسير نظمي2004-09-10




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا