الإنعكاسات الإقليمية للحدث المصري



الإنعكاسات الإقليمية للحدث المصري
11/07/2013
شاكر الجوهري
لماذا سقط..؟
ما هي السيناريوهات المتوقعة مصريا..؟
ما هو انعكاس سقوط الرئيس المصري اقليميا..؟
مواقف دول الجوار المتوقعة حيال نظام الحكم المقبل في مصر
تتواصل التفاعلات الشعبية في مصر حيال الإنقلاب العسكري الذي نفذه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة ضد الرئيس محمد مرسي.. دكتاتور مصر الجديد.
جماهير المعارضة السابقة للرئيس يفترض أنها بدأت تتراخى، بحكم طبيعة الأشياء، وبحكم بدء تكشف الحقائق التي غيبتها الأكاذيب عن الناس لبعض الوقت.. والأهم من هذا وذاك هو توقف الدفع للمعتصمين.. كل قبض أجرته وعاد إلى منزله.
شاشات التلفزة أظهرت أخلاف سنح متظاهري 30 يونيو عن سنح متظاهري ثورة 25 فبراير.. الجوع كان شاخصا في وجوههم.
أما مظاهرات مؤيدي مرسي فهي مؤهلة للإستمرار، بأمل ـ كما قال المرشد ـ محمد بديع، في ميدان رابعة العدوية الجمعة 5/7/2013، حتى تعيد مرسي إلى رئاسة الجمهورية.
أهم الأكاذيب التي تتكشف الآن تباعا:
أولا: كذبة انقطاع الكهرباء، وندرة مشتقات البترول في المضخات.. فور أن عزل الرئيس حلت المشكلتان..!
ثانيا: كذبة مواصلة طريق الديمقراطية.. الفريق السيسي قائد الإنقلاب، الذي عزل الرئيس، وعين الرئيس الإنتقالي عدلي منصور، وهو يتصل مع رؤساء دول العالم.. بصفته الحاكم الفعلي.. فهو اتصل مع الشيخ خليفة بن زايد، ممول الإنقلاب شاكرا، ومطلعا إياه على تطورات الأوضاع في مصر.
ثالثا: كذبة حيادية الإنقلاب بين قوى المعارضة، والقوى المؤيدة للرئيس مرسي.. معارضو مرسي يحظون بالدلال، وأنصار مرسي يحظون بالرصاص القاتل..!
لسقوط الرئيس المصري عدة أسباب:
جملة اخطاء ارتكبها، خلال حكمه، وقبيل سقوطه، أثبتت عدم امتلاكه خبرة سياسية..
أولا: ارتكب الرئيس مرسي خلال حكمه اخطاء هامة منها:
1.                  السماح للجنة الدستورية بمواصلة صياغة الدستور بعد انسحاب المعارضة منها.
2.                  إغضاب المحكمة الدستورية، وقد تجلى ذلك في الخطاب الذي ألقاه رئيس هذه المحكمة في حفل تنصيبه رئيسا انتقاليا خلفا لمرسي.
3.                  اجراء الإستفتاء على الدستور وإقراره بالضد من رغبة المعارضة.
4.                  تعيين وزيرين غير موثوقين للدفاع والداخلية.
5.                  الإخفاق في اقناع المصريين بأنه لا يعتزم تطبيق البرنامج الإجتماعي للإخوان المسلمين.
6.                  تشكيل حكومة برئاسة رئيس وزراء اسلامي.. كان يتوجب عليه تجاوز الأزمة بتشكيل حكومة تكنوقراط..بدون اسلاميين.
ثانيا: اخطاء ارتكبها خلال معركة إسقاطه:
1.                  ترك ميدان التحرير برمزيته لحشود المعارضة، مع أن الحشود المؤيدة له نزلت للشوارع قبل المعارضة بيومين.
2.                  ترك المنطقة المحيطة بقصر الإتحادية لحشود المعارضة، وأيضا مع أن الحشود المؤيدة له نزلت للشوارع قبل المعارضة بيومين.
3.       تطمين قيادة الجيش وكل خصومه بأن جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها لن يقوما بأي رد فعل عنفي.. طمأن خصومه ليواصلوا تنفيذ ما اعتزموه.
السيناريوهات المتوقعة مصريا بعد سقوط مرسي
أولا: سيناريو الخلافة تم الكشف عنه من قبل قيادة الجيش:
1.                  تم تعيين عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية رئيسا انتقاليا للبلاد.
2.                  قررت قيادة القوات المسلحة وقف العمل بالدستور.
3.       قررت قيادة القوات المسلحة تشكيل حكومة كفاءات.. يفهم من ذلك أن الأحزاب التي عارضت مرسي لن تشارك فيها.. البوصلة تتجه إلى تكليف زياد أحمد بهاء الدين بهذه المهمة، وهو من قادة الحزب الوطني.. حزب حسني مبارك.. ووالده أحمد بهاء الدين كان كاتب خطابات أنور السادات.
4.                  اعتقلت القوات المسلحة، قبل أداء الرئيس الإنتقالي القسم، الرئيس مرسي، وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها.
5.                  وضعت قيادة القوات المسلحة خارطة للمستقبل، وكلفت الرئيس الإنتقالي بتطبيقها.
6.       لا يتوقع أن يعمد قائد الجيش إلى محاكمة مرسي واركان حكمه.. خشية أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة، خاصة وأن جماعة الإخوان قررت الإبقاء على حشد انصارها في الشوارع والساحات.
ثانيا: موقف جماعة الإخوان المسلمين وحزبها من العملية السياسية:
1.       في ضوء قرار مرسي التمسك بمنصب رئيس الجمهورية، ويعتقد أن ذلك تم بمعرفة وموافقة قيادة جماعة الإخوان المسلمين، فالأغلب أن تقاطع الجماعة وحزبها العملية السياسية المقبلة، بما في ذلك انتخابات رئاسة الجمهورية، ومجلس الشعب، وكل ما له علاقة ببناء نظام الحكم المقبل. وتكون الجماعة بذلك قد أقصت نفسها، كما فعل معارضو مرسي في عهده.
2.       هنالك استحالة حقيقية لأن يرشح مرسي نفسه في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة وأنه لا يعترف بعزله، كما أن الدستور الذي وضع في عهده يحظر على الرئيس أن يترشح لولاية ثانية.. وفضلا عن أن لا يعرف إن كان سيتم إطلاق سراحه من عدمه.
3.       يصعب تصور فوز أي مرشح اسلامي لمنصب رئيس الجمهورية في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، بمن في ذلك عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن الجماعة، والذي نافس في الإنتخابات السابقة، وقادة التيار السلفي على تعدد أحزابه.. حجم التعبئة ضد التوجهات الدينية، والإحباط الجماهيري جراء ممارسات عهد مرسي يحولان دون ذلك.
ثالثا: حظوظ الذين نافسوا مرسي من ممثلي المعارضة:
يصعب فوز أي من الذين سبق لهم منافسة مرسي في الإنتخابات الرئاسية السابقة، وقادوا المعارضة في عهده.. هؤلاء أصبحوا شخصيات جدلية لا يستقيم أمن مصر واستقرارها في حال فوز أحدهم بالرئاسة، فضلا عن أن الدكتاتور الجديد لا يتوقع منه ارتكاب اخطاء مماثلة لاخطاء مرسي.. فهو رئيس سابق للإستخبارات العسكرية يقوم عمله على قاعدة الشك وليس الثقة.
رابعا: المؤهل للفوز بالرئاسة:
الأغلب أن تسهل الأمور أمام فوز أحد إثنين برئاسة الجمهورية الفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق، أو الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق، الذي نافس مرسي في الإنتخابات، وأخفق أمام مرسي بفارق ضئيل. كلا منهما يمثل عودة حقيقية لنظام مبارك.. وما سبق طبعا في حال قرر الدكتاتور عبد الفتاح السيسي عدم الترشح، وهو الذي نجح في أن يصنع لنفسه هالة جماهيرية في صفوف معارض الإخوان المسلمين.
الرئيس المقبل مؤكد أن يكون من رجال عهد حسني مبارك، الذي قدمت دولته العميقة، الجهد الأكبر في إسقاط مرسي.. الجيش، الشرطة، الحزب الوطني، حلفاء مبارك الإقليميين من القادة العرب، الذين مولوا جهد المعارضة المصرية في إسقاط الرئيس.
خامسا: احتمال عدم اجراء انتخابات رئاسية وتمهيد الظروف أمام عودة العسكر للحكم:
لا يمكن توقع ذلك بفضل حجم الحشود الجماهيرية، المؤيدة لمرسي المتمسك برئاسة الجمهورية، والمعارضة لمرسي، والطامحة بفوز أحد اقطابها بالمنصب.
سادسا: احتمالات اندلاع حرب أهلية، وأن تعم الفوضى والإضطرابات في مصر، أسوة بالحالة الجزائرية أو الصومالية:
حرص الإخوان المسلمين على عدم اللجوء للعنف، وتأيد السلفيين للإطاحة بمرسي، وموافقة ممثل لهم على تنحيته في اجتماع الأحزاب مع قائد الجيش، وقرارهم خوض الإنتخابات المقبلة ضمن العملية السياسية المقبلة يقللان من هذا الإحتمال، مع ضرورة عدم اغفال قيام مجموعات متشددة محدودة الحجم، من داخل الإخوان المسلمين، وخارجها، بعمليات محدودة مخلة بالأمن.
سابعا: احتمال تراجع السيسي عن الإنقلاب، وسحب بيان الإنقلاب، في حال تم التوصل إلى تفاهم مع الرئيس مرسي على حل سياسي للأزمة.
هذا الحل تزداد فرصه مع تواصل حشود الإخوان وأنصار مرسي في الشوارع والميادين مطالبين بإنهاء الإنقلاب.
ثامنا: الهدف من قرار بقاء جمهور الإخوان المسلمين في الشوارع:
إن تم التمسك بهذا القرار، فإن ما يمكن أن يحصده من نتائج هو ضمان تمثيل الجماعة في تركيبة النظام المقبل.. ما يعني تراجعا عن التمسك برئاسة مرسي..!! ويؤكد السيسي الآن على ضرورة مشاركة الإخوان المسلمين في تشكيل الحكومة المقبلة.
تاسعا: يصعب تصور استمرار التحالف بين القوى والأحزاب التي تشكلت منها جبهة الإنقاذ، وقررت اسقاط مرسي.. هذه القوى والأحزاب متباينة الفكر والأيديولوجيات الفكرية والسياسية، والإرتباطات والعلاقات مع القوى الإقليمية والدولية.
بعض هذه القوى والأحزاب ذات تمويل ودعم عربي، وبعضها لديه تمويل ودعم إيراني. وهي بالتالي أقامت حلفا مؤقتا غير قابل للديمومة.
القوى التي تتمول من السعودية والإمارات والكويت ستعمل سريعا على الإجهاز على حمدين صباحي الذي يتمول من إيران..
الدول الخليجية لا يمكن أن تعمل على إسقاط الإخوان المسلمين من أجل أن تكون إيران والنفوذ الإيراني هما البديل في مصر.. مصر قائدة النظام العربي..!
الإنعكاس الإقليمي لسقوط مرسي
أولا: تراجع فرص وحظوظ المعارضات الإسلامية في دول المنطقة، حيال امكانية انتصارها، وتمكنها من اسقاط الأنظمة التي تعارضها.
خيبة أمل المصريين في نظام الرئيس مرسي، من شأنها أن تنعكس سلبا على موقف بقية الشعوب العربية من الحركات الإسلامية في بلدانها.
احتمالات نجاح الثورة السورية في إسقاط الرئيس بشار الأسد تتراجع كثيرا بعد سقوط مرسي.. ولذلك، سارعت السعودية إلى تولي قيادة الإئتلاف الوطني السوري المعارض من خلال رجلها أحمد الجربا، الذي وعدته بتقديم اسلحة متطورة للمعارضة تقلب ميزان القوى لصالحها.
كما من شأن سقوط مرسي أن يتسبب بتراجع فرص فرض الإقدام على المزيد من الإصلاحات في الأردن.
احتمالات فوز الإسلاميين في الإنتخابات اليمنية، مع انتهاء المرحلة الإنتقالية، تتراجع هي الأخرى.
وفلسطينيا يزداد الأمل لدى السلطة الفلسطينية في رام الله بإعادة فرض سيطرتها على قطاع غزة، الذي تحكمه حركة "حماس" منذ حزيران/يونيو 2007.
ثانيا: ازدياد فرص المعارضات في البلدان العربية الأخرى، التي نجح الإسلاميون في القفز إلى قمة السلطة فيها، أو المشاركة فيها بشكل فاعل، في اسقاطها.
في تونس حيث توجد معارضة قومية ويسارية واسعة لحركة النهضة، التي تمسك بالسلطة، بدأت فعلا عملية جمع التواقيع على عرائض تطالب بانتخابات مبكرة.. غير أن مرونة حركة النهضة وحلفائها يقلل من حج هذه الأخطار.
قد يحدث ذلك أيضا في ليبيا.
ثالثا: السودان، قد يواجه اشكالات هو الآخر، وقد بدأ الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق التحرك، والدعوة إلى مظاهرات بهدف معلن (إسقاط النظام).
هذا يوجب بدء تحرك سياسي داخلي من قبل القيادة السودانية لتحقيق مصالحات داخلية عميقة.
دور دول الجوار في صياغة نظام الحكم المقبل في مصر
في ضوء تشكل مجموعة دول متناقضة سياسيا، داعمة للتحالف المعارض لمرسي، المشكل بدوره من مكونات غير متطابقة الرؤى والسياسات، يتوقع أن تدب الخلافات بين الدول الداعمة، والمكونات المصرية لجبهة الإنقاذ.
الدول العربية القلقة من الدور الإيراني في مصر، والرافضة له بمقدار مضاعف لدور جماعة الإخوان المسلمين، لا يمكن أن تسمح لمن يتلقون الدعم الإيراني، بأن  يهيمنوا على السلطة في مصر.
هذا عامل بالغ الأهمية في الموقف المفترض أن يكون متشددا حيال فرص حمدين صباحي بالفوز بالرئاسة، وهو الذي حصل على الترتيب الثالث في انتخابات الجولة الأولى، في الإنتخابات الرئاسية السابقة.
لقد تحالفت كل هذه المكونات على قاعدة إسقاط مرسي والإخوان المسلمين، وآن الآن أوان تفكك هذا التحالف مع بدء التنافس على خلافة مرسي.
ثم إن هذه الدول، وسلاحها الرئيس هو المال، ليس من مصلحتها وصول أي من معارضي مرسي الآخرين للرئاسة باستثناء محمد البرادعي.. رجل اميركا.
في السياق، تبدو قطر في موقف لا تحسد عليه.
لقد ركبت موجة دعم الإسلاميين، ساعية إلى تطبيع سياساتهم، وها هي هذه السياسة تبدأ الإنهيار انطلاقا من القاهرة.
قطر لا تستطيع المجاهرة بذلك.. كما أنها لا تستطيع إنكار ما حدث..!
وبهدف الحفاظ على ماء وجهها، سارعت إلى إعلان احترامها لإرادة الشعب المصري.
لا علاقة لتنازل أمير قطر عن الحكم لولده الأمير الجديد الشيخ تميم، غير أن الحدث المصري لا بد أن ينعكس على سياسة قطر المستقبلية.
الموقف الأميركي
أولا: اميركا تتخذ موقفا معاديا لكل الحركات الإسلامية دون استثناء، وفي كل مكان.
ثانيا: اميركا تدرك أهمية الدور القيادي الإقليمي لمصر، وخطورته على مصالحها في حال وجود قيادة اسلامية في مصر.
ثالثا: اميركا تستشعر خطر مصر بقيادة الرئيس مرسي على مصالحها في المنطقة، ممثلة في:
1.       تكريس وتعزيز سلطة حركة "حماس" في قطاع غزة، واحتمال سيطرتها كذلك على الضفة الغربية، بما يعنيه ذلك من خطر على اسرائيل، حيث أن حدود الضفة الغربية مع اسرائيل أكثر ملائمة لاستئناف العمليات العسكرية الفلسطينية ضدها.
2.                  زيادة فرص سقوط نظام الأسد، في سوريا، وقيام نظام حكم يشارك فيه الإسلاميون، ويمثل خطرا على أمن اسرائيل.
3.                  امكانية امتداد الربيع العربي إلى دول الخليج العربي، حيث هنالك النفط.. مصلحة اميركا الإستراتيجية الأولى في المنطقة.
رابعا: في ضوء ما سبق لم تعترض واشنطن على الإنقلاب العسكري في مصر، الذي عزل رئيسا منتخبا دون تزوير، هو الأول طوال تاريخ مصر، وفي الوطن العربي، ولم تتخذ اجراءات عقابية بحق قادة الإنقلاب، بعكس الإتحاد الإفريقي الذي قرر تعليق عضوية مصر بسبب الإنقلاب.
خامسا: اميركا تعمل على تحقيق تراجع المشروع الإسلامي في كل مكان في العالم.

سادسا: الفريق عبد الفتاح السيسي قائد الإنقلاب، تلقى دورات عسكرية عدة في اميركا، وكان المسؤول عن التعاون والتنسيق الإستخباري خلال ترؤسه الإستخبارات العسكرية في الجيش المصري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا