"حرية تحت الهراوات".. تقرير عن الحريات الإعلامية في الوطن العربي




بالتزامن مع ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في الوطن العربي الثاني
أصدرت شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي "سند" تقريرها السنوي الأول حول حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي 2012 تحت عنوان "حرية تحت الهراوات"، مشيرة إلى أن هذا التقرير يعد باكورة أعمالها.
وكشف التقرير الذي أعلن عنه ضمن أعمال أولى جلسات ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي في يومه الثاني أمس الأحد، والذي تنظمه شبكة "سند" للمرة الثانية على التوالي عن أن الدول العربية تشترك بالمجمل بقواسم مشتركة على صعيد انتهاكات الحريات الإعلامية، وأن هذه الانتهاكات من النوع الجسيم والعمدي.
ويتزامن إصدار التقرير مع ما يعتري الدول العربية من حراكات شعبية ومطالبات بالديمقراطية، وما يرافقها من اضطراب وانعدام للاستقرار.
ويؤشر التقرير بوجه عام على أن "واقع الحريات الإعلامية في البلدان العربية واقع مرير، وأن الإعلاميين ما زالوا يعانون من القمع والبطش والملاحقة، ولم يعد يقتصر هذا القمع على الأجهزة الرسمية، ولكنه بات يشمل كذلك جماعات وأشخاصاً عاديين في ظل سكوت تام من قبل الدول، أو فشل عن وضع حد لذلك".
وتضمن التقرير الذي وقع في 336 صفحة من القطع الكبير على رصد لأبرز الانتهاكات الواقعة على الصحفيين ومؤسسات الإعلام في الدول العربية، وطابع تلك الانتهاكات وأشكالها ومصادرها واتجاهاتها.
ويتولى مركز حماية وحرية الصحفيين في العاصمة عمان إدارة وسكرتاريا شبكة "سند" وبتنظيم ملتقى المدافعين الثاني، إضافة إلى إدارة وتنسيق الإعداد للتقرير، فيما شارك بالعمل في الإعداد والتنسيق والتدقيق بالمعلومات الواردة في التقرير طاقم متكامل من راصدين وباحثين وحقوقيين.
وشاركت مؤسسات مجتمع مدني عربية في التقرير من خلال الجهود التي بذلتها خلال العام 2012 برصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين في بلدانها وهي: مركز صحفيون متحدون في مصر، مؤسسة حرية للحقوق والحريات الإعلامية في اليمن، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" في فلسطين، الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين في العراق، ومركز الدفاع عن الحريات الإعلامية "سكايز" في لبنان.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور في توطئة تقرير حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي 2012 أن "حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي محيرة، ولا يمكن اختزالها بكلمات، فنحن ما بين التفاؤل والتشاؤم، ويصلح على حالنا ما أطلقه إميل حبيبي على روايته "المتشائل" قبل عقود، فالإعلاميون لم ينالوا حريتهم كاملة بعد، ولم يخرجوا من دائرة الخطر والاستهداف، ولم تتوقف الانتهاكات التي تمارس ضدهم تحت مبررات وعناوين مختلفة".
وتابع "من الإجحاف أن ننكر أيضاً أن حالة الحريات الإعلامية تقدمت، وأن زمن الديكتاتوريات التي تصنع الإعلام على مقاسها قد ولى، وأن صوت الصحفيين ما عاد ممكناً خنقه، وصار مستحيلاً على الحكومات مهما كانت هويتها أن تسيطرة على الإعلام وتحتويه بعد انتشار وسائل الإعلام الجديد، وسطوة وسائل التواصل الاجتماعي العصية على الرقابة المسبقة على عقول الناس، والأهم من كل ذلك هو كسر الصحفيين لحاجز الخوف، ورفضهم أن يكونوا "كومبرس" في مسرحية تزين صورة النظام الحاكم مهما كان".
وأضاف منصور بأنه "لا يبدو المشهد الإعلامي في العالم العربي قد اقترب من الانفراج، ومن المؤكد أن الانتهاكات ضد الإعلاميين مستمرة حتى تحت ظل الأنظمة الجديدة الحاكمة، وحتى وإن تبدلت وتغيرت أشكال الانتهاكات والتجاوزات، وهذا ما يزيد من أهمية رصد وتوثيق الانتهاكات، والعمل على حث الإعلاميين على ممارسة سياسة الإفصاح عن المشكلات التي تعترضهم".
وقامت شبكة "سند" بالعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات في سائر الدول العربية من خلال جمع المعلومات عبر ما يصدر من مواقف وتقارير ومواد إعلامية حول هذه الانتهاكات، فيما قامت برصد منهجي ومؤسسي من خلال فرق للرصد أنشأتها الشبكة في دول عربية ثلاث هي مصر، الأردن وتونس، من خلال استمارات شكوى بكل الحالات ومقابلة الضحايا من الصحفيين في نطاق عمل برنامج "عين" لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين، وهو أحد أنشطة وبرامج الشبكة.
وبين التقرير الاتجاهات العامة لانتهاكات الحريات الإعلامية في الدول العربية والتي تمثلت في كثرة الانتهاكات الجسيمة، وأن المصدر الأساسي لارتكاب الانتهاكات هو رجال الأمن والبلطجية، وكثرة الاعتداءات المرتكبة من أشخاص عاديين ومجهولي الهوية، وتعدد الاعتداءات على صحفيين أجانب، شيوع سياسة الإفلات من العقاب، وأخيراً الفجوة الواسعة بين التشريعات الوطنية والمعايير الدولية لحرية الإعلام.
وعرض أبرز الانتهاكات الحريات الإعلامية في الدول العربية وقد أفرز مساحات واسعة لكل من مصر والأردن وتونس بعد أن قامت شبكة "سند" بفحص وتحليل ما وردها من شكاوى وبلاغات.
في مصر ..
ورصدت الشبكة في مصر 310 حالات ما بين شكوى وبلاغ ورصد ذاتي قام بها فريق برنامج "عين" بمصر التابع للشبكة، وتوصل التقرير إلى عدد من الاستنتاجات التي كشفت عنها الاتجاهات العامة للانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام في مصر.
وأبرز الاتجاهات التي سجلها التقرير في مصر والتي رصدها برنامج "عين" هي الحالات المتعلقة باعتداءات عرضية وغير مقصودة، وكثرة الحالات المتعلقة بمطالبات مالية وعمالية، استحالة تحديد المسؤولين عن الاعتداء في عدد من الحالات، تعدد الحالات المتعلقة بمشكلات تقع بين الإعلاميين أنفسهم، وعدم اهتمام الإعلاميين بتوثيق الاعتداءات التي تقع عليهم.
وأفرد التقرير عرضاً لأبرز الانتهاكات التي وقعت في مصر وقام بتحليلها، بالإضافة إلى واقع الانتهاكات الماسة بحرية الإعلام وحقوق الإعلاميين المصريين، حيث تمكن برنامج "عين" التابع للشبكة من رصد عدد من الانتهاكات التي ارتكبت في مصر وكانت تتعلق بالتهديد بالاعتداء على الحق في الحياة أو بالتهديد بالحرمان منه، والانتهاكات المتعلقة بالحرية الشخصية وبتحريم الاحتجاز القانوني، وانتهاكات حرية الإعلام والنشر.
في الأردن .. قمع بقوة القانون
وبلغ عدد الحالات التي قامت الشبكة بإدراجها في الشكاوى والبلاغات والرصد الذاتي الذي قام به فريق "عين" الوطني بالأردن 96 حالة توزعت بين 89 حالة شكوى، 5 بلاغات وحالتي رصد ذاتي، وقد تبين أن (61) منها تنطوي على انتهاك أو أكثر يتعلق بالحريات الإعلامية أو بحقوق الإعلاميين.
وأشارت التقرير إلى أن المؤشرات المتعلقة بحالة الحريات الإعلامية في الأردن تلفت الانتباه إلى استمرار عدد من أشكال الانتهاكات في الحدوث أهمها الانتهاكات المتعلقة بالذم والقدح والتحقير ومنع التغطية والتهديد بالإيذاء.
وسجل برنامج "عين" لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الحريات الإعلامية نحو 10 حالات اعتداء بالضرب تكررت عام 2012، وغالبية هذه الحالات كان مناسبتها تغطية الصحفيين المعتدى عليهم للاعتصامات والمسيرات والتجمعات الشعبية.
وفي التفاصيل سجل تقرير الانتهاكات المتعلق بالأردن تسع أنواع من الانتهاكات الواقعة على الحقوق والحريات المعتدى عليها وعددها 61، فقد سجل 17 حالة اعتداء على الحق في عدم الخضوع للتعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، 7 اعتداءات على الحرية الشخصية والأمان الشخصي، 22 اعتداء على حرية الإعلام والنشر والتعبير، حالة واحدة في حق الحصول على المعلومات، 3 في الحق بمحاكمة عادلة، حالة واحدة في الحق بمعاملة متساوية، 3 حالات الاحتجاز غير القانوني، حالتان في تحريم الدعوة إلى الكراهية أو العنصرية أو العنف، وأخيراً 5 اعتداءات على حرمة الممتلكات الخاصة، علماً بأن أغلب الحالات التي ثبت فيها وجود انتهاكات اقترن فيها الاعتداء على حرية الإعلام بإساءة المعاملة.
ولفت التقرير إلى أن الانتهاكات الجسمية ما زالت ترتكب من قبل السلطات العامة في الأردن، كما أن سياسة الإفلات من العقاب مازالت قائمة.
وأشار إلى أن الانتهاكات متنوعة المصادر وتشارك فيها سائر السلطات العامة، ولكن يلاحظ بالمقابل في هذا العام ازدياد الاعتماد على القانون كأداة لتكميم أفواه الإعلاميين من خلال إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة في بعض الحالات.
وكشفت عملية رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام والإعلاميين في العام 2012 عن جملة من المسائل والاتجاهات، واللافت للنظر أنها ليست جديدة وتتطابق بشكل كبير مع ما جرى رصده في أعوام سابقة، فالانتهاكات الجسيمة المنطوية على الاعتداءات الجسدية والتي يقترفها أفراد الدرك والأمن العام مازالت تقع، وكذلك الحال بالنسبة للانتهاكات الأخرى.
واتسمت الانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في العام  2012 والتي يشملها التقرير، بأن جزءا منها يندرج ضمن الانتهاكات الجسيمة والمنهجية؛ وهي انتهاكات اتخذت شكل اعتداءات بدنية ولفظية وجسمية .
وأشار التقرير بأن مصدر هذه الانتهاكات الجسيمة السلطات العامة وبالذات الأمن العام، بالإضافة إلى انتهاكات مماثلة صدرت عن نواب ما زالوا في مناصبهم وقد تمثلت هذه الانتهاكات الجسيمة بضرب الإعلاميين والاعتداء عليهم جسديا، بالإضافة إلى توجيه شتائم مهينة ومسيئة لهم .
ولاحظ التقرير وجود ظاهرة آخذة بالازدياد والتفشي في الأردن؛ وهي الاعتداء على الحريات الإعلامية والإعلاميين من قبل نواب في البرلمان الأردني.
وأشار التقرير بقلق شديد ظاهرة استخدام القانون والمحاكم الخاصة في الأردن كأداة لإيقاع العنف بحق الإعلاميين، فقد بات مألوفا وشائعا تحويل الإعلاميين لمحكمة أمن الدولة على أساس أن المواد الإعلامية التي قاموا بنشرها تشكل جريمة إطالة لسان بحق الملك، أو أنها تشكل مناهضة لنظام الحكم أو تحريضا ضده.
وتمكن برنامج "عين" من رصد وتوثيق (3) حالات مصدرها كان من خارج الأردن. وهي كلها تنطوي على انتهاكات واضحة للحريات الإعلامية ولحقوق الإعلاميين .. واللافت للنظر أن الانتهاكات التي وقعت من خارج الأردن كانت كرد فعل على نشر مواد إخبارية تتعلق بشؤون أردنية.                       
في تونس ..
وفي تونس تمكن الفريق المتعاون والعامل لدى شبكة "سند" من استقبال ورصد 93 حالة تكشف عن اتجاهات معينة تتشابه إلى حد كبير مع تلك التي دلت عليها الانتهاكات في البلدان الأخرى.
وحدد التقرير الاتجاهات التي أدت إلى وقوع انتهاكات بحق الإعلاميين التونسيين ومؤسساتهم الإعلامية وأبرزها عدم اهتمام الإعلاميين التونسيين بتوثيق الاعتداءات التي تقع عليهم، والميل ليهم نحو عدم الإفصاح الذاتي عن هذه الانتهاكات، وانعكاسات الصراع بين التيارين العلماني والإسلامي في تونس، إضافة إلى كثرة أعداد الحالات المتعلقة باعتداءات بدنية جسيمة قام الفريق الوطني في تونس بتوثيقها.
وعرض التقرير عدداً من الشكاوى المتعلقة بانتهاكات وقعت على الصحفيين التونسيين بعد القيام بتحليلها، إلى جانب عرض لواقع تلك الانتهاكات والتي جاء أبرزها الانتهاكات المتعلقة بالتهديد بالاعتداء على الحق في الحياة، والمتعلقة بالحق في تحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، إلى جانب الانتهاكات المتعلقة بحرية الإعلام والنشر.
رصد الدول العربية ..
وسجل التقرير نحو 1690 حالة انتهاك رصدتها شبكة "سند" في مختلف الدول العربية شكلت بمجملها 30 شكلاً ونوعاً من أشكال الانتهاكات التي وقعت على الصحفيين والإعلاميين في العالم العربي والمؤسسات الإعلامية.
أبرز أشكال الانتهاكات كماً ونوعاً كانت الاعتقال والحبس والتوقيف واحتجاز الحرية حيث بلغت 353 وبنسبة 21%، الاعتداء بالضرب 193 حالة بنسبة 11.4%، المنع من التغطية 184 حالة بنسبة 10.8%، التهديد بالإيذاء 117 حالة 7%، الإصابة بسبب التغطية 104 حالات وبنسبة 6%، الذم والقدح واغتيال الشخصية 97 حالة بنسبة 5.7%، الخسائر بالممتلكات 75 حالة 4.4%، فيما سجل التقرير وقوع 68 حالة مقتل صحفيين 39 منهم في سوريا نتيجة الأحداث الجارية هناك منذ عامين، ثم الصومال 19 صحفي، العراق 5، فيما ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 3 حالات قتل لصحفيين في قطاع غزة.
وشكل العراق أحد أبرز الأمثلة على سياسة الإفلات من العقاب في الدول العربية إضافة إلى ارتفاع عدد الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الإعلاميين وفي مقدمتها أعمال العنف والقتل والاختفاء القسري.
ولاحظت شبكة "سند" التي تمكنت من رصد 327 انتهاكاً واعتداء على حرية الإعلام في العراق أن السلطات العراقية لا تقوم بواجبها إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون العراقيون، كما أنها لا تقوم بالتحقيق فيها للتعرف على المتورطين بها وتقديمهم إلى القضاء.
وأشارت الشبكة من خلال الانتهاكات التي قامت برصدها في البحرين وبلغت 63 حالة، أنه ومنذ بداية المسيرات والمظاهرات المطالبة بالإصلاح والتي انطلقت في فبراير 2011 أضحى محظوراً على الصحفيين الأجانب دخول البلاد، كما تعرض صحفيون ومصورون للملاحقة الممنهجة والمتعمدة لمنعهم من تغطية قمع الحراكات الشعبية على أيدي رجال الأمن، مضيفاً أن الانتهاكات الجسيمة بحق الإعلاميين من قبيل احتجازهم وسجنهم وتعذيبهم وإساءة معاملتهم ما زالت مستمرة.
واتسمت الانتهاكات التي رصدها التقرير في الجزائر بأنها من النوع الجسيم وتنصب بشكل كبير وواسع على الاعتداء بالضرب، وأن الحريات الإعلامية في البلاد تتعرض لانتهاكات شتى من قبل السلطات الجزائرية.
وفي السعودية لاحظ التقرير بأن السلطات الرسمية تفرض رقابة مشددة على أي تغطية صحفية ناقدة للأوضاع السياسية والاجتماعية، وأنها اتخذت إجراءات خاصة لمنع أية تغطية للمظاهرات والمسيرات في المنطقة الشرقية التي تطالب بإصلاحات ومزيد من الحقوق للأقلية الشيعية في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن الرقابة الذاتية تسود الصحفيين في السعودية على نطاق واسع، وأن وسائل الإعلام الدولية التي تعمل داخل حدود المملكة تلجأ إلى تحديد تغطيتها للمحافظة على وثائق اعتمادها للعمل داخل أراضي المملكة.
وظهر من واقع الانتهاكات التي قامت شبكة "سند" برصدها في السودان أن واقع الحريات الصحفية سيء للغاية، وأن البيئة التشريعية والسياسية الحاضنة للعمل الإعلامي معادية للحريات الإعلامية.
وبين التقرير أن الإعلاميين يتعرضون لانتهاكات متواصلة مثل الرقابة الأمنية القبلية والبعدية، وأن مصادرة الصحف وإغلاقها التي يمارسها جهاز الأمن الوطني والمخابرات على الصحف ظاهرة يومية.
وكشف التقرير الذي سجل 112 حالة انتهاك وقعت في السودان عام 2012 أن الصحفيين السودانيين يتعرضون من قبل أفراد الشرطة والاستخبارات العسكرية للمنع من الكتابة بقرار أمني ولاستدعاءات متكررة والمنع من السفر والضرب المبرح، بالإضافة إلى المحاكمات الجائرة وغير القانونية والغرامات المالية والباهظة.
وشكلت انتهاكات الحريات الإعلامية مسألة يومية وروتينية في سوريا منذ اندلاع الأعمال المسلحة، حيث بين التقرير بأن العام 2012 شهد انتهاكات جسيمة وكثيرة العدد في سائر المناطق السورية ارتكبتها أطراف النزاع هناك سواء الطرف الحكومي أم الجماعات والميليشيات المسلحة.
وشملت الانتهاكات التي رصدتها شبكة "سند" في سوريا وبلغت 136 حالة إعلاميين سوريين وأجانب، كما شملت إعلاميين وصحفيين يمتهنون العمل الصحفي والإعلامي وآخرين يعرفون بـ"المواطن الصحفي".
ورصدت الشبكة سائر الانتهاكات لكنها أبرزت تلك التي طالت الإعلاميين الذين يمتهنون العمل الإعلامي سواء أكانوا سوريين أم أجانب، ولاحظت أن رصد الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة المسلحة في سوريا أسهل من تلك التي ترتكبها قوات النظام بسبب خبرة قوات النظام على إخفاء ما تقترفه من انتهاكات.
وسجل التقرير وقوع انتهاكات جسيمة من قبيل قتل الصحفيين وقد بلغ 39 صحفياً، والتعذيب، الحرمان التعسفي أو غير القانوني من الحرية والمعاملة المهينة والاختفاء القسري.
ورصد التقرير 66 حالة انتهاكاً على حرية الإعلام من بينها 18 جريمة قتل على الأقل وقعت على الصحفيين في الصومال خلال العام 2012، مشيراً إلى أن هذه الجرائم غالباً ما تنسب إلى مقاتلي حركة "الشباب" الإسلامية، وأنها تنجم أيضاً في بعض الأحيان عن تسوية حسابات بين مختلف الفصائل التي تقاتل في الصومال.
وتعتقد شبكة المدافعين عن حرية الإعلام "سند" أن هذا العدد الكبير من الإعلاميين الذين قضوا نحبهم في الصومال دون معرفة الجناة وملاحقتهم يعكس ضعف السلطات المحلية وإخفاقها في حماية الإعلاميين والوصول إلى الجناة وأنه ضعف يساهم في ازدياد حالات القتل ويشكل سياسة من الإفلات من العقاب ينبغي على السلطات الصومالية أن تضع حداً لها.
وأشار التقرير إلى أن وسائل الإعلام في سلطنة عمان ليست مستقلة إذ تتمتع وزارة الإعلام بصلاحية كبيرة تمكنها من مراقبة سائر وسائل الإعلام، وأن ملكية معظم محطات التلفزيون والراديو في السلطنة تعود للدولة مع وجود محطات قليلة خاصة غالبيتها غنائية تم إنشاؤها في السنوات القليلة الماضية.
وقال التقرير أن الصحف الخاصة المحدودة التي تتلقى مساعدات من الحكومة تقوم بفرض رقابة ذاتية على نفسها، وأن القوانين النافذة وفي مقدمتها قانون الصحافة لعام 1984 فرض غرامات كبيرة وعقوبات بالسجن تصل إلى سنتين.
ورصدت شبكة "سند" وقوع نحو 384 حالة انتهاك وقعت في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة في فلسطين، وسجل التقرير 256 حالة انتهاك على حرية الإعلام ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقطاع، بينما سجل 76 انتهاكاً ارتكبتها أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية، ونحو 52 انتهاكاً قامت بارتكابها الحكومة المقالة في القطاع.
واعتبرت الشبكة الانتهاكات في فلسطين عام 2012 من أكثر الانتهاكات التي تقع في الدول العربية بحق الإعلاميين والصحفيين، وترجع النسبة الأكبر في هذه الانتهاكات إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في فلسطين بشكل يومي، فيما لاحظ التقرير أن سلطات الاحتلال ترتكب انتهاكات جسيمة وتنتهج سياسة الإفلات من العقاب.
وسجل التقرير 59 حالة إصابة تعرض لها صحفيون فلسطينيون أثناء قيامهم بالتغطية الصحفية، و42 حالة استهداف جسدي و30 حالة احتجاز حرية و3 حالات قتل لصحفيين ارتكبتها سلطات الاحتلال خلال العدوان على قطاع غزة منتصف نوفمبر 2012، هذا بالإضافة إلى الانتهاكات الأخرى.
الانتهاكات الأبرز التي ارتكبتها أجهزة السلطة الوطنية في الضفة الغربية تمثلت بالاعتداء بالضرب ومنع التغطية وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية، وأما الحكومة المقالة في قطاع غزة فأبرز الانتهاكات التي قامت بارتكابها بحق الصحفيين احتجاز الحرية.
وأشارت شبكة "سند" في تقريرها أنه لم يكن من اليسير عليها رصد وتوثيق انتهاكات حرية الإعلام في قطر لأسباب عديدة، منوهة إلى وجود رقابة ذاتية واضحة، وقد سجلت 16 حالة انتهاك على حرية الإعلام وقعت في قطر عام 2012.
ورصدت الشبكة في الكويت وقوع نحو 28 حلة انتهاك كان أبرزها التوقيف والاعتداء الجسدي على صحفيين.
وفي لبنان سجل التقرير وقوع 117 حالة انتهاك أبرزها الاعتداء بالضرب ومنع التغطية والقرصنة الإلكترونية والتهديد بالإيذاء والذم والقدح.
ونوه التقرير بأن البيئة الإعلامية في لبنان تعد أفضل في العديد من الدول العربية لكنه تراجع خلال عام 2012 بسبب الحرب الأهلية في سوريا، وأن الصحفيين اللبنانيين واجهوا صعوبات وتحديات كبيرة أثناء تغطيتهم للتظاهرات المؤيدة للنظام السوري أو المناوئة له.
وجاء في التقرير أن أوضاع الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين في ليبيا ما زالت عرضة لانتهاكات جسيمة ومتعمدة وواسعة النطاق، وأنها انتهاكات ترتكب من قبل السلطات الرسمية والجماعات المسلحة على السواء.
ولاحظت شبكة "سند" أن الحريات الإعلامية في ليبيا تتعرض لانتهاكات متكررة ويومية كما أنها تلقى تسامحاً رسمياً واضحاً إما بسبب عدم رغبة الحكومة بملاحقة مرتكبيها أو عدم قدرتها على ذلك.
ورصدت الشبكة ما يزيد عن 60 حالة انتهاك على حرية الإعلام في المغرب، مشيرة إلى أن الطابع الأبرز لهذه الانتهاكات أنها ليست من النوع الجسيم أبرزها منع التغطية، الذم والقدح والاعتداء بالضرب.
وسجل التقرير 21 حالة انتهاك في موريتانيا أبرزها الاعتداء بالضرب ومصادرة أدوات العمل.
وظهر من واقع الانتهاكات التي قامت شبكة "سند" برصدها في اليمن أن واقع الحريات الإعلامية بائس، وأن البيئة الحاضنة للعمل الإعلامي هناك هشة، إذ لا يزال الإعلاميون يتعرضون لانتهاكات جسيمة ومنهجية مثل محاولة القتل، والتعذيب، وإساءة المعاملة، والاحتجاز غير القانوني والاعتداء المتكرر على منازلهم وممتلكاتهم ومحاكمتهم بشكل غير مشروع.
وجاء في التقرير الذي رصد نحو 288 حالة انتهاك على حرية الإعلام في اليمن أن البيئة الحاضنة للعمل الإعلامي في اليمن ليست آمنة وهي محاطة بمصادر التهديد الحكومية وغير الحكومية.
ودعت شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي "سند" في مقدمة التوصيات التي خرج بها التقرير حكومات الدول العربية قاطبة لتحسين أوضاع الحريات الإعلامية وحقوق الإعلاميين الإنسانية في السنوات القادمة.
ووضعت الشبكة 16 توصية أبرزها وجوب التوقف عن سياسة الإفلات من العقاب التي تتبعها سائر الحكومات العربية إزاء الانتهاكات الجسيمة للحريات الإعلامية والتي تتم من خلال القتل والتعذيب وإساءة المعاملة أيا كان مصدرها، والمباشرة بالتحقيق في سائر الانتهاكات الجسيمة المذكورة في التقرير تحقيقاً مستقلاً يفضي إلى ملاحقة المتورطين ومحاكمتهم.
وأوصى التقرير بالتفكير جدياً بإنشاء محكمة عربية جنائية يكون من بين اختصاصاتها محاكمة المتورطين بانتهاكات جسيمة بحق الإعلاميين، ومراجعة سائر التشريعات المقيدة لحرية الإعلام لتصبح متوافقة مع المعايير الدولية المعمول بها في مجال الإعلام والحريات الإعلامية.
ودعت التوصيات إلى التوقف عن السيطرة على وسائل الإعلام واحتكارها، وتوفير الحماية اللازمة للإعلاميين أثناء قيامهم بعملهم من قبل الحكومات العربية والأجهزة المختصة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية.



world_sphere.gif 
arabian-blue-com.pngjorgang-blue.png elzat-blue.png

elzay-blue.pngnazmius-blue.png   33.gif cooltext465306933.png 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا