منطقة عازلة ولكن للنصرة والمقامرة اردنية خطرة



منطقة عازلة ولكن للنصرة!
عبد الباري عطوان
APRIL 19, 2013
بينما يتواصل حجيج زعماء ومسؤولين عرب الى البيت الابيض الامريكي للقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما، في زيارات جرى ترتيبها على عجل، يطوف وزير الدفاع الامريكي تشاك هاغل بعواصم عربية لبيع طائرات امريكية متطورة من طرازي (اف 15) و(اف 16) وصواريخ حديثة اكثر دقة في اصابة اهدافها، وهناك تقارير تقول ان المملكة العربية السعودية وقعت صفقة بعشرة مليارات دولار.
الشيخ محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي كان اول زوار البيت الابيض، وتبعه الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ومن المنتظر ان يطير الى واشنطن بعد يومين امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ثم العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، اما الزائر الاخير فسيكون السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا.
القاسم المشترك بين الزوار الخمسة هو الملف السوري اولا، والطموحات النووية الايرانية ثانيا، ولا بد ان هناك مشروعا امريكيا يتعلق بهذين الملفين، يجب مناقشته على وجه السرعة مع هؤلاء المسؤولين وحكوماتهم وتحديد مهام كل طرف، والدور المخصص له في احد هذين الملفين او كليهما.
لنترك الملف النووي الايراني جانبا في الوقت الراهن على الاقل، وان كنا نعتقد بارتباطه الوثيق بالازمة السورية، ونركز على الاخيرة باعتبارها القضية الاكثر سخونة والحاحا، فالملاحظ ان التطورات متلاحقة على صعيدها، حيث تستضيف اسطنبول حاليا اجتماعا لمنظومة اصدقاء سورية لوضع ‘خريطة طريق’ حول كيفية التسريع باسقاط النظام، وكسر حالة الجمود الحالية على جبهات القتال من خلال تكثيف عمليات تسليح المعارضة السورية ‘المعتدلة’ باسلحة حديثة ومتطورة.
الاردن سيكون على الارجح البوابة الاوسع لتسليح المعارضة وتدفق المقاتلين الى العمق السوري، استعدادا لخوض معركة دمشق الكبرى والحاسمة التي تشير معظم التقارير الغربية الى انها ستكون في شهر حزيران (يونيو) المقبل.
عدد القوات الامريكية في الاردن يتضخم يوما بعد يوم، واسبوعا بعد اسبوع، بعضها في اطار تدريب عناصر تابعة للمعارضة السورية، وبعضها للقيام بتدخل عسكري للاستيلاء على مخازن الاسلحة الكيماوية في العمق السوري.
العاهل الاردني عبدالله الثاني اكد لهذه الصحيفة ان هناك قلقا غربيا واسرائيليا من وقوع هذه الاسلحة في ايدي جماعات جهادية اسلامية، وجبهة النصرة على وجه التحديد، ومن ثم استخدامها ضد اهداف اسرائيلية، وقال ان بنيامين نتنياهو كان بصدد شن هجمات ‘جراحية’ لتدمير هذه المخازن الثمانية الموجودة فيها وتراقبها الاقمار الصناعية الامريكية ليل نهار، ومنعته الولايات المتحدة (ربما بضغط اردني) من الاقدام على هذه الخطوة لتفضيلها ارسال قوات عالية التدريب والتسليح يقدر عددها بـ17 الف جندي للاستيلاء عليها.
‘ ‘ ‘
قبل عام استضاف الاردن مناورات ‘الاسد المتأهب’ شاركت فيها 19 دولة برعاية الولايات المتحدة قرب الحدود السورية الجنوبية الشرقية مع الاردن، وكان الهدف منها التدريب على الاستيلاء على مخازن اسلحة كيماوية، مما يعني ان خطة التدخل في سورية ستكتمل مع وصول تعداد القوات الامريكية الى ما يقرب عشرين الفا تقريبا.
الرئيس السوري بشار الاسد وفي حديثه لقناة الاخبارية السورية المعد بشكل جيد ارسل اكثر من رسالة الى اكثر من جهة، وتضمن تهديدات مبطنة للاردن وتركيا خاصة، تحدث عن غزو وشيك لبلاده، واشار باصبع الاتهام الى الاردن، وكشف انه ارسل مبعوثين الى السلطات الاردنية محملين بالوثائق للتحذير من اي تورط اردني في هذا الغزو، او السماح بتدفق المقاتلين والاسلحة عبر الحدود الاردنية الى سورية.
من الصعب علينا ان نعرف طبيعة المخطط الجديد الذي تسعى امريكا للتشاور مع حلفائها في الخليج والاردن وتركيا حول كيفية تطبيقه، فهذه من الاسرار العسكرية، ولكن ما يمكن ان نتكهن به هو ان انشاء منطقة عازلة داخل الاراضي السورية، وفي منطقة درعا وجوارها على وجه الخصوص، تشكل حزاما امنيا، وقاعدة للمعارضة المسلحة، يحتل اولوية قصوى.
نشرح اكثر ونقول ان هذه المنطقة العازلة تتبلور ملامحها بسرعة، وان ما تحتاجه المعارضة، وبعد تدريب المئات من قواتها في معسكرات اردنية على ايدي خبراء امريكيين وبريطانيين، هو صواريخ مضادة للطائرات واخرى للدبابات لفرض حظر جوي فوق هذه المنطقة، على غرار ما حدث في العراق قبل الغزو وبما يشل سلاح الطيران السوري كليا.
هناك هدفان اساسيان من اقامة هذه المنطقة العازلة في جنوب سورية وبمحاذاة هضبة الجولان، والحدود مع فلسطين المحتلة:
*الاول: ايجاد منطقة آمنة يسيطر عليها الجيش السوري الحر، وتكون مقرا للحكومة السورية المؤقتة بقيادة غسان هيتو.
*الثاني: منع الجماعات الجهادية الاسلامية من الوصول الى الحدود مع فلسطين المحتلة، وشن هجمات صاروخية او استشهادية ضد اهداف اسرائيلية.
الهدف الثاني هو الاكثر اهمية، لان حكومات عربية اقنعت اسرائيل وامريكا بان الجماعات الجهادية هي الاكثر بلاء في مواجهة النظام السوري، ولذلك ربما من الخطأ مواجهتها في الوقت الراهن، اما القلق الاسرائيلي من خشية تواجدها قرب الحدود من الجولان او فلسطين المحتلة، فيمكن تحييد هذا القلق من خلال اقامة المنطقة العازلة هذه، ومنع عناصرها، اي الجماعات الجهادية، وجبهة النصرة خاصة من دخولها بالقوة.
يمكن ان يكون ما تقدم هو محاولة لرسم ملامح الخطط الامريكية ـ العربية المشتركة للتعاطي مع الملف السوري، والتأكيد في الوقت نفسه على ان هناك ‘مجموعات اتصال’ ثنائية وثلاثية ورباعية بين هذه الدول لتطبيق بعضها، اي المجموعات هذه، تشارك فيها اسرائيل كطرف اصيل، ولكن ما لا نستطيع ان نتحسس ملامحه او نتكهن به، خطط الطرف الآخر، اذا كانت موجودة فعلا، لمواجهتها، ونحن نتحدث هنا عن الحلف السوري ـ الايراني ـ الروسي وحزب الله ذراعه العسكرية في لبنان.
‘ ‘ ‘
هذه المخططات الامريكية تبدو محسوبة جيدا على الورق، لكن لا احد يستطيع ان يتكهن بمدى ترجمتها ترجمة صحيحة وفاعلة عمليا على الارض، فالامور في المنطقة العربية لا تسير دائما وفق ‘المانيول’ مهما بلغت دقة اعدادها، فمن يضمن الا تخترق جبهة النصرة المنطقة العازلة في حال اقامتها، او وصول الاسلحة النوعية الحديثة اليها؟ ففي افغانستان انشق المئات ان لم يكن الآلاف من الجيش الرسمي الكرزاوي (نسبة الى حميد كرزاي) وانضموا الى حركة طالبان ومعهم اسلحتهم، كما نفذ بعضهم عمليات استشهادية ضد قوات الناتو.
ولا بد ان الاشقاء في الاردن يتذكرون جيدا الطبيب همام البلوي، الذي اخترق ثلاثة اجهزة مخابرات (الامريكية والاردنية والافغانية) وقتل ثمانية من القادة الامريكيين في خوست عام 2009، وامير هاشمي (ابن عم الملك) وهو مسؤول في المخابرات الاردنية جنده لاغتيال الملا عمر وقادة اخرين في تنظيم ‘القاعدة’ وبقية القصة معروفة.
الطبخة بدأت تنضج، وتفوح رائحتها في الاجواء، والمأدبة قد تقام في غضون الشهرين القادمين، وكل الاحتمالات واردة!

''القدس العربي'': مقامرة اردنية خطرة
19/04/2013
كتبت صحيفة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها تقول:
وصول 200 جندي امريكي الى الاردن تحت عنوان تعزيز أمن حدوده مع سورية، كشف احتمالات تورط اردني مباشر في الازمة السورية، خاصة بعدما اشيع في الصحافة الغربية ان هذه القوات ستكون نواة لقوات تدخل عسكري لتأمين الاسلحة الكيماوية السورية.
الاردن لم يكن مطلقا حياديا في الازمة السورية، وكانت قيادته تبذل جهودا كبيرة لمقاومة ضغوط كبيرة من قبل المملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى لفتح حدوده على مصراعيها امام ارسال اسلحة ومقاتلين للانضمام الى فصائل المعارضة المسلحة، التي تريد اسقاط النظام في دمشق، ولكنه كان يتجاوب مع بعض هذه الضغوط بعيدا عن اضواء الاعلام.
الرئيس السوري بشار الاسد كشف في لقائه مع قناة الاخبارية امس انه اوفد مبعوثين سرا الى الاردن، احدهما سياسي والثاني امني لاطلاع السلطات الاردنية على معلومات موثقة حول عمليات تسلل المقاتلين عبر الحدود الاردنية، في محاولة من جانبه لثني الاردن عن المضي قدما في هذا الطريق الذي يمكن ان تترتب عليه اضرار كبيرة.
الدول العربية، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص استغلت الوضع الاقتصادي المتفاقم في الاردن (الدين العام 20 مليار دولار والعجز في الميزانية مليار ونصف المليار) لربط اي تجاوب مع مطالب المساعدات المالية بضرورة فتح الاردن لحدوده وبصورة اكبر امام اسلحة نوعية للمعارضة السورية المسلحة.
من الواضح، ومثلما تشير معظم التقارير الغربية الى ان القيادة الاردنية حسمت امرها، وقررت السير بالتعاون الكامل مع خطط الولايات المتحدة وحلفائها من العرب بعد ان بات التدخل العسكري حتميا في سورية.
السيد محمد المومني وزير الاعلام الاردني قلل من اهمية وصول قوات امريكية الى الاردن، وقال انها تأتي في اطار التعاون العسكري المشترك بين البلدين، ولكن هذه التفسيرات لم تقنع الكثيرين، خاصة ان انباء امريكية قالت ان عدد القوات قد يصل الى عشرين الفا في الاسابيع المقبلة.
الاردن يجد نفسه هذه الايام في وضع صعب للغاية، فهو يدرك مخاطر الغرق بشكل اكبر في الازمة السورية، خاصة ان هناك حوالي نصف مليون لاجئ سوري على ارضه، ولكنه لا يستطيع رفض طلبات الحليف الامريكي مهما كانت محرجة، وهنا يكمن الخطر الحقيقي عليه.
القلق الاردني الاكبر ليس من احتمالات التهاب حدوده، بل وربما وصول القصف الى مدنه الرئيسية، وانما تسرب الاسلحة الكيماوية الى اراضيه بطريقة او باخرى، او تحول سورية الى دولة فاشلة تشكل قاعدة لاستقطاب الجماعات الاسلامية المتشددة.
فالحدود الاردنية السورية يمكن ان تكون طريقا في اتجاهين وليس في اتجاه واحد، اي انتقال المقاتلين الى الاردن. وهناك مؤشرات كثيرة في هذا الصدد ابرزها ان ابو مصعب الزرقاوي قائد تنظيم القاعدة في العراق ما زال يحظى بالتأييد، رغم استشهاده على يد القوات الامريكية، بين اوساط سلفية اردنية.
الاردن يقدم على مقامرة كبيرة قد لا تكون مأمونة العواقب، في ظل حالة التسخين المتسارعة للملف السوري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا