دراسة أردنية تحدد ملامح (الإستبداد الإداري) وتحذر رئيس الوزراء المنتظر




دراسة أردنية تحدد ملامح (الإستبداد الإداري) وتحذر رئيس الوزراء المنتظر من لعبة المال والنفوذ
2013-02-16
 تحدث خبير أردني كبير في الإدارة والمياه عن ثلاث آفات أساسية تجتاح جهاز الإدارة هي النخب السياسية والبيروقراطية والفساد وهي آفات تعيق دولة القانون والمؤسسات والكفاءة الإدارية والتنمية الإقتصادية بنفس الوقت.
وإعتبر الخبير وهو المهندس أحمد عبد الباسط الرجوب أن الإستبداد الإداري يزيد المسافة الفاصلة بين الدولة والمواطن خصوصا بعدما تساقطت أنظمة الرقابة والحساب والعقاب وعمت الواسطات وتراجعت المحسوبية.
وقالت دراسة تشخيصية مفضلة أعدها الرجوب ووضعها بين يدي رئيس الوزراء المقبل في بلاده على شكل نصحية ورسالة أن المال والرشوة والسرقة تصبح هي المحركات في غياب مفهوم الإدارة العامة حيث تقلصت قيمة الكفاية والشهادة والفائدة محذرة من تحول الإدارة المحلية إلى لعبة مال ونفوذ.
وكان العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني قد تحدث مؤخرا عن إطلاق ثورة بيضاء ضد أمراض البيروقراطية في إدارة بلاده.
لكن دراسة الرجوب التي حصلت عليها القدس العربي تعترف بتطور ثقافة تقول بأنه لا يمكن للمواطن ان يحصل على حقه بجدارته وكفاءته ، ويمكنه التوصل الى أكثر من حقه عن طريق المال والنفوذ, وتلك قناعة مؤلمة وقاسية، لكنها واقعية في الكثير من الحالات.
وإقترحت الدراسة خطة نهوض إنقاذية للإدارة تتضمن خطوات محددة من بينها إعادة هيكلة الحكومة وألية عمل جديدة لمكافحة البطالة وتنظيم العمالة الوافدة بنسبة مئوية وإعادة إستثمار الموارد البشرية وترشيد الإنفاق وتوزيعة على الحاجات الرئيسية التي تخدم مصلحة الاقتصاد على المدى البعيد.
ويتحدث الرجوب عن إصلاح إداري يسهم في زيادة الإنتاجية على أساس وقف هدر الإنفاق في المؤسسات المستقلة والمناطق الإقتصادية أو تخفيضه بنسبة 15% قبل بلوغ الدين العام لأكثر من 65 % من الناتج المحلي الإجمالي على أمل إستعمال الفائض في مشاريع الإستدامة.
وطالبت الدراسة التي تميزت بالجرأة في تشخيص مرض الإدارة الأردنية بإعادة النظر في 61 هيئة مستقلة لتوفير نصف مليار دولار وإيجاد صيغة جديدة تحدد أطر عملها ضمن هيكلة الدولة من منظور التفكيك.
كما إقترحت إعادة النظر بالتخاصية ودراسة إشكالية المؤسسات المرتبطة برئاسة الوزراء مع تقسيم أجهزة الدولة لقسمين يتخصص الأول بالتخطيط القومي الشامل والثاني يرتبط بدوائر ومؤسسات الخدمات العامة مع العمل على إعادة هيكلة وزارة العمل لتكون وزارة العمل وشؤون الاردنين بالخارج .
وإستذكر الرجوب في دراسته فكرة إسطورة الإقتصاد مهاتير محمد التي قدر فيها بأن فتح الأسواق بشكل مباشر، يخدم الدول الغنية فقط ويعرّض الدول الفقيرة لمخاطر وخسائر كبيرة فتطور الأسواق العالمية ساهم في توسيع الهوة الموجودة أساسا بين الدول المتقدمة والدول النامية وأثبت للعالم أنه بالتخطيط السليم والإخلاص الحقيقي للوطن، يمكن أن تنهض الأمة من تخلفها اعتمادا على إرادتها، وعلى التعاون الوثيق بين مختلف أطياف شعبها.
وعندما سئل قبل شهر واحد من تقاعده عن كيفية تجنب ماليزيا الأزمة الاقتصادية في عام 1997 والتي أدت إلى انهيار إقتصاديات دول آسيوية أخرى "النمور"، أجاب بسخرية: " لا تأخذوا بنصيحة صندوق النقد الدولي".
ووضعت الدراسة بين يدي رئيس الوزراء الوشيك والمنتظر وصفة مبرمجة توصي بالبحث عن وسيلة لإيجاد سوق أكبر في بعض السلع والخدمات ويتم عرضه على المستثمرين مع مشاركة القطاع الخاص وتشجيعه لطرح المبادرات الأستثمارية وتنظيم مشاركة القطاع الخاص في الأستثمارات وضرورة تنويع الأنشطة الأقتصادية مع ضرورة وجود سياسات صناعية وزراعية واضحة المعالم محددة الأهداف والغايات.
وإقترحت الدراسة تفعيل إتفاقيات التجارة مع الدول العربية ومراجعة القوانين الناظمة للإستثمار بإتجاه توطين الاستثمارات المحلية وبالتالي استعادة رؤوس الأموال الأردنية المهاجرة وجذب المستثمرين الأجانب مع وجود القوانين التي تحافظ على حقوق المستثمرين وتضمن لهم حرية استغلال أموالهم وحرية الدخول والخروج و إزالة العقبات أمام رجال الأعمال وبخاصة تطبيق قوانين الحماية الفكرية وخاصة قانون حق المؤلف والذي يساعد المستثمرين على توسيع استثماراتهم أو اقامة مشاريع جديدة مثل إعفاء المستثمر من ثمن الارض مقابل تشغيل أيدي عاملة أردنية وبنسب يتم بيانها مثلا:السنة الأولى 30%،السنة الثانية تصبح 50% ، وهكذا.
وتحدثت الدراسة عن تقديم إغراءات لجذب رأس مالي خارجي وإستقطاب شركات صناعية مثل السيارات والكهربائيات والهواتف لتجميع صناعاتها بالأردن والتمييز بين رجال الأعمال الجاديين ودعمهم وغير الجاديين وتجاهلهم , ووضع قانون تجاري للتقاضي وتخصيص مراكز تسويق للدول الصناعية الكبرى وإعادة النظر في مسألة الاراضي والعقارات الحكومية وطرق إستغلال هذه الملكيات من حيث التفويض أو التأجيرأو البيع لتشجيع الاستثمار والمستثمرين بما يحقق ايراد للخزينة ومنفعة للمواطنين الراغبين في الاستثمار ويزيد حركة النشاط الاقتصادي في المملكة.
وتحدثت الدراسة عن خطط متوازية بين ترشيد الإنفاق الإداري وزيادة إنتاجية الإدارة حيث لا يمكن للدولة أن تقوم بواجباتها إذا بقيت إدارتها ضعيفة وفاسدة.
وكان كاتب الدراسة الذي عمل في قطاع المياه قد أبلغ بان لديه تفاصيلات محددة لكل العناوين الإصلاحية التي تقترحها تشخيصاته بما في ذلك كيفية تنمية الودائع الكبيرة وأليات الإقتراض الخارجي وفائد التسليف مقابل فوائد الودائع وتسنيد الديون وتنويع مصادر النقد الأجنبي وتحسين السياحة.
القدس العربي


خريف ثقافي !
خيري منصور
2013-02-15
ما من نصف ربيع او ربع خريف الا في تقاويم من ذلك الطراز الذي يحوّل الاوطان والقيم الى كسور عشرية، كأن يكون هناك نصف خائن او ثلث وطن او عشرون بالمئة من الاستقلال.
هذه التقاويم التي ليست من صميم الجغرافيا ولا من صلب التاريخ، هي من نتاج انحطاط يتخفى تحت مساحيق تجميل او أقنعة مزخرفة، لأن المسألة هي اولا وربما اخيرا سياقات وتكوينات بنيوية ونسيجية، وغالبا ما تصبح هذه التقاويم والقيم الزائفة والملفقة بديلا للأصول في مراحل يتقمص فيها المغلوب الغالب وفق الرؤية الخلدونية فيحاكيه شكليا فقط واذا كانت هذه الآونة التي نعيشها كعرب ربيعية بالفعل فمن حقنا ان نتساءل عن حصة الثقافة من الغابة الخضراء، وأين هي الان في حمّى هذا النزاع الأهلي الذي بدأ يطفو على الدم والاطلال، ولسنا بحاجة الى تكرار الاحتراز من سوء الفهم بحيث نبدو كما لو اننا ضد التغيير وندافع عن استنقاع قومي دام عقودا حتى تطحلب وعشش فيه العطن، ولعلّ ما كتبناه في هذه الزاوية قبل اسبوعين بعنوان ثقافة إما ... أو هو الاحتراز الكافي من التصنيف المانوي لأطروحات معرفية بحيث تكون مع الاتباع والتقليد او مع التنوير والتثوير، فالمجتمعات في حراكها الحالم تسعى الى التقدم ولو خطوة باتجاه المستقبل، لكن عندما يختطف الحراك ويصبح عشر خطوات الى الوراء، فإن المسألة برمّتها تصبح بحاجة الى مراجعة، خصوصا عندما تصبح القوى الخاطفة للحراك مؤدلجة ومدججة على هذا النحو الذي يهدد السلم الاهلي، والمنجز المدني ايضا . المفارقة هي ان خريفا ثقافيا لا تخطئه الا العين الكليلة هو ما نشهد عواصفه الان، فالثقافة ومجمل افرازاتها الابداعية تبدو مهددة بالبطالة، او على الاقل بالانحسار، بدلا من الانتشار، فأين هو غبار الطلع الذي تتلقح به الثقافة في هذا الموسم الاعجف ؟ كان اول ما لاحظته منذ بدء هذا العام هو شحة المنجز الثقافي من خلال ما تقدمه الصحافة والفضائيات من جردة سنوية لما كتب ونشر في العام الماضي . اما التحليل الاكثر رواجا لهذه المفارقة فهو يضاعفها ويضيف اليها بعدا كوميديا خصوصا اذا اقتصر على تصوّر تقليدي وموروث عن انشغال المجتمع بالسياسة أو بأي حراك يتعلق بها، وكأن الثقافة تعيش على فائض الفراغ والرّفاهية، وما يقال عن غياب النّخب كروّاد وطلائع للحراك السياسي يحب ان يقال ومن باب اولى عن غياب التنوير الذي يسبق التثوير ويعبّد له الطرق . لهذا يتورط من يقرأون التاريخ افقيا فقط بالمقاربة بين حراكات حديثة وبين الثورة الفرنسية مثلا، وكأن حقبة التنوير التي سبقت تلك الثورة ومهدت لها محذوفة من هذه التقاويم، ولعل ما قاله جان جاك روسو عن الفارق الجوهري بين الشقاء ووعي الشقاء هو المفتاح السحري لهذا القفل الأعمى، ففي غياب وعي الفقر ووعي الشقاء والبؤس تكون الثورات حكرا على الجياع، وتستعاد المقولة اليسوعية بعد اكثر من الفي عام وهي ان الانسان لا يحيا بالخبز وحده لكن مقابل ذلك فان الانسان لا يعيش بالورد وحده، لهذا كانت الحرية منذ البدء توأم الوعي باستحقاقه وفي غياب هذا الوعي تتحول الى عبء وحمولة باهظة يهرب منه الناس تماما كما عبّر عن ذلك اريك فروم في كتابه 'الخوف من الحرية'.
* * * * * * *
لاسباب لا يتعذّر تحليلها كانت ثقافتنا هي الحائط الأوطأ في كل حراك تاريخي وثمة ثلاثة امثلة سنتوقف عندها اضافة الى امثولات قد لا يتسع لها المقام . ففي الربيع الأيوبي كان هناك خريف معرفي انتهى الى تساقط وصلب وقتل علماء وفقهاء من طراز السهروردي، ولم يكن ابن المقفع او الحلاج او غيرهما استثناء في هذا السّياق، وبعد هزيمة عام 1967 كانت الثقافة هي الضحية الاولى، بذريعة التقشّف فأغلقت مجلات وتوقفت سلاسل من الكتب في مختلف مجالات المعرفة، وقبل اسابيع فقط، اقترح اصولي مصري تجميد كل ما له صلة بالثقافة والفنون والنشر لمدة عام من اجل تسديد مديونيات اقتصادية، وكان عليه بأبسط بدهيات المعرفة ان يعي المديونيات الاخرى والتي هي حضارية التي ستترتب على هذا الحذف للثقافة من الحياة . حتى في المرحلة الناصرية التي شهدت انجازات كبرى لصالح الفقراء والفلاحين، ومشاريع قومية يعتدّ بها كالسدّ العالي ومصانع الحديد والصلب وتأميم قناة السويس، شهدت الثقافة خريفا في عزّ ربيع السياسة واستطاع سدنة الاتباع والتقليد منع شعراء حديثين مثل حجازي وعبد الصبور من حضور مؤتمرات ادبية في النطاق القومي. الثقافة هي العنزة السوداء في هذا القطيع، واحيانا هي البعير الأجرب في القافلة، لهذا تقلّص ميزانياتها وتكون كبش فداء في اي تقشّف،لأنها ثانوية أو مجرد استكمال لنصاب الدولة، وفي الحالات التي بدت فيها مزدهرة وفي ربيعها كانت تختطف لصالح الاعلام السياحي من خلال مهرجانات تقام باسمها، لكنها تنتهي الى مسخها وتحريفها و'أعْلَمتها'، وبدلا من تثقيف الاعلام الذي لا يزال ابنا نجيبا لشعراء النقائض وأكاديمية الهجاء والمديح التي بدّلت الخيمة ببنايات شاهقة حدث العكس وهو أعلمة الثقافة بحيث توضع كل عرباتها وراء بغال تجرها الى السطحي والمناسباتي والموسمي.
* * * * * * *
ثمة عدوى متبادلة لتهميش الثقافة وتهشيم المثقف اذا اصرّ على ان الارض تدور ونهر الزمان يجري ولا يقطع مرتين، بين الرسمي والشعبي، فالعزوف عن القراءة يؤدي الى جهل المجتمع بمثقفيه، وأدلجة المثقف او تدجينه وظيفيا يفرغه ويطفىء جمرة ضميره، لكن هذا لا يحول دون استدعاء المثقف في لحظة فوزه لترميم نرجسية اجتماعية او وطنية جريحة، كما يفعل الفلسطيني بادوارد سعيد او محمود درويش او غيرهما حتى في حال عدم قراءتهما، او كما قالت فنانة مصرية عشية تلك الكوميديا الرياضية بعد مباراة انتهت بمعركة بين مصر والجزائر، فقد قالت في سياق اعتزازها الوطني ان مصر نالت جوائز نوبل وكأن الجوائز تمنح للجنسيات وغاب عنها ان من نالوا الجائزة بفضل كدهم الشخصي، منهم من عوقب بالذبح كنجيب محفوظ، ومنهم من روى الحكاية كلها كأحمد زويل، هكذا تستدعى الثقافة كترميم او استكمال لكن بعد تجريد المثقف من جوهره ووعيه باطروحاته كي يصبح مجرد اسم يعامل كالنجوم في مجالات اخرى لا تعنيه.
واذا كان لكل ربيع سنونوة تعلنه في الافق، فإن لكل خريف نذره، والتي قد يعلنها غراب يحاول الهديل او سلحفاة تحاول التحليق عاليا، اما مظاهر الخريف من اصفرار وتساقط اوراق وعري وشجن غامض فلا يصعب على المرء ان يحزرها هنا وهناك، ففي هذه الاونة التي قد تستطيل لتصبح حقبة رحل مبدعون في صمت، وكتب ونشر آخرون في صمت، فالفضاء كما الارض مطوبان لاشتباك الديكة التي اصبحت صلعاء وكأن هناك قطيعة بين شعارين احدهما للرغيف والاخر لورد يعفّ عنه الموتى رغم جوعهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا