المارد الذي حوله البيروقراط الأردني من معلم إلى ثائر ومن معتدل إلى تروتسكي متطرف
صور و روابط :
منعوا موقعا واحدا له و دمروه فأنشأ 12 موقعا الكترونيا و حجزوا تعسفيا على منزله فسكن في فندق شعبي و فقدوه وظيفته فتفرغ لهم و لمقاومتهم ..كانا معلما و أصبح ثائرا في الأردن وما يزال مطاردا و محاربا في لقمة عيشه و المعارضة في سبات عميق لأنه مستقل و لا يساوم
بين الحبر والطبشور حاربت مكرها 36 عاما على جبهة الوعي بالذات والآخر وما وثقت يوما واحدا بغير العلم والنهج العلمي في التفكير كي يفرق الطلاب أمامي ومن حولي بين الصواب البين وبين الخطأ المبرر.كما لم افرق بين جودة تعليم اللغة العربية واللغات الأخرى التي وجدت للتواصل البشري كثيرا وللتواصل الإنساني الأكثر أهمية. فاللهجة المحكية في الكويت كانت من ضرورات النجاح في العمليتين التعليمية والتربوية. وكذلك إلى حد كبير في الأردن على اختلاف المناطق التي درست فيها اللغة الانجليزية. فتعليم اللغات ممكن بطرق شتى ولكنه بوجود المعلم المحب لطلابه حسب أعمارهم يصبح الفعل المسرحي الإنساني وبقية الفنون ضرورات مساعدة نحو وعي أفضل. فاللغة ثقافة ومحتوى أيضا ينشأ عنها وعي طبقي بالطبقات الأخرى الأمر الذي يتطلب موقفا أيديولوجيا وأخلاقيا تجاه المتعلمين وثقافتهم وتطلعاتهم بفهم الآخر معلما كان أم زميلا على مقاعد الدرس.ولا يمكن لكائن من كان أن يفهم أو يتفهم الآخر دون وعيه بذاته. والوعي بالأنا والذات لا يمكن إلا أن يكون وعيا وطنيا وتلك الحقيقة أي الوعي الوطني بالذات كثيرا ما أسهمت بأسباب من الألم الذي لا يحصى لي كوني خلقت فلسطينيا وقمت بتعليم الفلسطينيين في غير وطنهم الأم و في مجتمعات ودول تتفاوت في نظرتها للإنسان الفلسطيني وقضيته الوطنية الإشكالية. وقد كانت ثقافتي وسلوكي عوامل مساعدة وحاسمة في التميز في أدائي وتفوقي كمعلم ونظرة طلابي لي وبخاصة في المرحلة الثانوية. ولم أحس بالحاجة للتوقف عن الاستمرار في أداء رسالتي إلا في الأردن التي يفترض أنها بلدي أو بلدي الثاني لأسباب خارجة عن إرادتي ولأسباب تتعلق بعدم الوعي بالذات ثقافية تاريخية وسياسية.فقد كنت في الكويت و بعلم اللجنة التي قبلتني معلما أعمل في الصحافة والترجمة وبعلم وترحيب وكيل وزارة التربية والموجه الأول للغة الانجليزية الأستاذ تحسين البورنو طيب الله ثراه ضمن لجنة المقابلة والذين استغربوا من عنواني في طلب الالتحاق بسلك التربية والتعليم وقد كان جريدة القبس الكويتية حيث أعمل محررا ومترجما فما الذي يدفعني للتعليم سوى وعي مستقبلي حاد بنظافة الكلمة المكتوبة كونها تعكس موقفا وطنيا لا مناص منه في ساحة فلسطينية خلافية وستبقى. أجل كنت أعمل في القبس وأعبر عن قناعاتي وثقافتي في الطليعة ومادام الأمر هكذا فلماذا أعيش قلقا على مسؤولياتي تجاه والدي وأسرتي في ما بعد. لكن الأدب والفنون عامة منقذ لإنسانيتي وثقافتي المبكرة حيث كنت اقرا كتابا على الأقل في الأسبوع في مجالات الأدب والنقد وكنت كاتبا قبل أن ألتحق بالجامعة وصحفيا ومعلما قبل التخرج من جامعة الكويت. في الأردن صدمت على كافة الصعد فالواقع المعرفي والتعليم في هذا البلد الفقير من كل ممكنات الطفرة المادية النفطية متخلف ومحطم والنجاح مضمون للطلاب وربما أن يضرب الطالب معلمه بات ممكنا لا العكس.
أما الصحافة الخارجة من رحم نحو أربعة عقود من الأحكام العرفية فهي أيضا وكما ثبت تدار من أجهزة المخابرات على أسس اقليمية و عشائرية وأمنية الأمر الذي لمسته من تجربتي في يومية الأسواق ومن بعدها يومية المسائية و النظام الداخلي المجحف لنقابة الصحفيين التي تشترط شروطا لا منطقية وغير مهنية بل مهينة في عضويتها كأن يقضي سنة تدريب من ليس له شهادة جامعية بالصحافة والاعلام بعد أن تكون خبرته قد جاوزت العشرين أو الثلاثين عاما في صحافة أكثر تطورا ومهنية رفيعة المستوى خارج حدود الأردن. ناهيك عن أنه كان ممنوعا توظيف خريجي ما قبل عام 1985 في القوانين النافذة في المؤسسات الحكومية. ومضافا إلى ذلك النظرة الاجتماعية للمعلم ومكانته المستمدة من العشيرة لا الشهادة أو سابق الخبرات. وهكذا توقف نموي المهني والثقافي في الأردن سنوات فلم ألتحق بالتربية والتعليم إلا في نهاية عام 1997 – مقيم في الزرقاء ومعلم في مليح جنوبي مأدبا وأصل بسيارة سياحية أجرتها أكبر من أجرة يوم العمل الذي أقضيه في ثانوية مليح - ومع ذلك فقدوني الوظيفة لأني كنت قلقا على البلد اثر وفاة الملك الراحل الحسين بن طلال! ولأسباب إقليمية ظلت الوزارة حتى اليوم ترفض تظلمي وأسبابي الطبية والنفسية بينما هنالك أناس يحصلون بتقارير طبية على المعلولية وتظل رواتبهم كما هي غير منقوصة. ورغم التحاقي بعملي في مليح إلا أنهم لم يكتفوا بحرماني من العمل بل أن القانون يمنعك من العمل لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات ولم يفكر المشرع بكيفية العيش ووسائله طوال تلك الفترة. فماذا لو لم يكن المعلم صحفيا أو مترجما أو موسرا هل يتحول إلى لص أو مجرم ؟
إن سيطرة العقلية العرفية والأمنية على كافة نواحي العيش كما الحياة في هذا الأردن تجعله غير قابل للتطور وتهدد بقاءه في المنظومة الدولية كدولة تحترم ما توقع عليه من معاهدات ويلحقها بنوع غير معهود بأعمال البلطجة الدولية طالما ربطت نفسها بأسوأ ما في نظم الأبارتهيد في العالم.
في نيسان عام 2004 قدمت استقالتي نتيجة تصريح غير مسؤول لفيصل الفايز أثبت أنني لم أكن في وزارة تحترم المعلم قدر احترامها لشرطي برتبة دنيا وكنت أكتب في تلك الفترة ليومية الزمان اللندنية مما أثار غيرة وزير ثقافة أسبق كان يتولى حقيبة الداخلية. و ها أنا اليوم أفقد وظيفتي كمعلم منذ ستة أشهر لا أعرف لماذا سوى أن الوزارة والدولة لم ولا تفي بتهيئة الظروف والوسائل التي تمكنني من أداء عملي. ففي تلك الفترة جرى الاعتداء غير المبرر على مجموعة 24 آذار ومن قبلها على جمهور نادي الوحدات وأصبح طلابي واهاليهم في أوضاع غير طبيعية فتعذر العمل الذي أرتضيه وبشروطه الدنيا. فانت لا يمكنك التعليم في مجتمع تشق الدولة بنفسها الصف الوطني فيه فتعلي من قيمة الدرك والضرب لرجال وصحفيين وتحرمها على العقاب التربوي الممكن الذي يقوم به المعلم. كما أن مدير تعليم يمنع الحاسوب عن مدرسة بكاملها نتيجة مراقبته وتجسسه على معلم واحد كان ممكنا نقله عمل ليس بالإداري الناجح لمدير تعليم مسؤول عن عشرات المدارس وآلاف الطلاب والطالبات وآلاف الأسر. لقد كان التحاقي بالعمل في شهر نيسان (.... ) يهدد الوحدة الوطنية ويشعل شرارة حرب أهلية بين جيش وشرطة ودرك ومخابرات مدججين بالسلاح وشعب أعزل. واجتهدت حفاظا على البلد فضحيت بنفسي وبوظيفتي وأنا أعلم أنني الأكثر وعيا من المخابرات التي ترهن نفسها لمخابرات أجنبية مقابل رواتبها ومستوى معيشتها ولم أكن معلما باتخاذي القرار بل قائدا وزعيما وطنيا رغم أنف أي عميل لإسرائيل والسفارة الأميركية ورغم أنف المخابرات محصنا بقوة إرادتي وبحاسوب يصلني بالعالم من غرفة حقيرة في فندق. وبدون هاتف نقال أمكنني المقاومة حتى لو تكرر اعتبار كل ذلك جنونا أو مرضا نفسيا فليكن.
إنني عائد لمجرد استرداد كرامتي أمام طلابي فلا يمكن أن أترك مهنتي ورسالتي طوال 36 سنة لتخرصات الجهل والتخلف. وبالمقابل أنا ثائر ولست معلما وحسب. وأحمل أفكارا بالتغيير ورفع الظلم عن طلابي وأمهاتهم وآبائهم كي يحترمني طلابي الذين يحبونني وأنا أحبهم وعلى الدولة أولا أن تحمي معلميها كي تحتفظ لها بشيء من الهيبة والكرامة.
.. لن استرسل بالماضي ولا حوار لي مع الغباء السياسي والإداري ووزارة عرفية متخلفة تدعى أو أصبحت تدعى وزارة التربية بينما الوظيفة الفعلية لمعلميها هي وظيفة أمنية لبلد قضى جل عمره مثل اسرائيل يفكر بالدفاع عن النظام على كل علاته ولايؤمن سوى مرغما بالاصلاح والتغيير. إن رسالة المعلم تبدأ من حاجة المجتمع لعطاء المعلم وليس من التزام المعلم براتبه آخر الشهر مقابل خدمات يقدمها لوزارة الداخلية بالحراسة والأمن للطلاب خشية بقائهم في الشوارع. والشعب جزء لا يتجزأ من مفهوم الوطن الذي أقسمت عليه قبل أن أكون موظفا في الدولة – الله – الوطن – الملك فما دامت الدولة أخلت بواحدة من أركان القسم الثلاث فعليها أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة إزاء هذا الخلل. وليكن معلوما لدى الجميع أن الجيش الذي يخسر نصف الوطن عليه أن يسترد هذا النصف بأية طريقة كانت قبل أن يفصل القوانين ويمنح الأعطيات على مزاج ومصالح الأقلية غير معترف بأن الأردن تغير وكبر واتسع وسوف يتسع شاء أم أبى للعرب غربي النهر الجاف وشرقيه لأن اسرائيل لم تعد بحاجة لأعمال الحماية المجانية ولا جنوبي الأردن بحاجة لفتات الهبات من جيرانه العرب والمسلمين قدر حاجته لكرامته الوطنية وحقوقه الانسانية. إن جبهة الوعي التي حاربت عليها بالقلم والطبشور طوال العقود الماضية لم تترك سوى ستة أشهر أعيشها لنفسي كي أسدد ديوني ولا أترك أعباء التسديد على ورثة لم أحظ بتعليمهم لأن المخابرات شاءت الطلاق وتفتيت الأسر مقابل المعونات الأميركية. إن جبهة الوعي هذه التي يراد لها الطمس والنسيان انما أصبحت تتآمر على هويتي ووعيي بذاتي ومن أكون ومن أعلم وما هي حدود وضوابط العلاقة بين الموظف وزميله وبين معلم وإداري وبين طالب وطالب وهذا يعتبر في نظري وتقديري آخر مظاهر الانهيار والتفكك والتحلل من المسؤولية. وإذا كانت الكويت قد وجدت في حماقة صدام حسين عذرا للتنصل من استحقاقات باتت في العرف الدولي والإنساني مطالبة بها فإن الأردن تأسس ونمى وتطور وفق هذه الاستحقاقات الوطنية والوظيفية وأنا أعرف من أكون وبقي أن يعرف الأردن من يكون وماذا سيكون. وعلى الدولة استحقاقات تجاه شخصي وتجاه أسرتي يتوجب أن تفي بها وإلا فهي تدين نفسها مجاملة لأحمق أو مجموعة حمقى لا يعرفون أنفسهم ولا اللغات والثقافات التي تحيط بهم من جميع الاتجاهات، ومنها لغة الصمت والعصيان المدني.
تعليقات