الأردن والمخاوف الأمنيّة من توسع رقعة الحرب في سورية Jordan's Fears From Syria
واشنطن بوست:
الأردن والمخاوف الأمنيّة من توسع رقعة الحرب في
سورية
17 أغسطس 2012
يتسلل المئـات من السوريين كـل ليلـة عبر
الحدود الأردنية مروراً ببلدة المفرق في شمالي البلاد يحملون معهم قصصاً مروعة عن معاناتهم
في سوريا وأحياناً بعض الجروح التي تحتاج إلى رعاية صحية، لكن مع تدفق الوافدين السوريين
عبر الحدود بدأ الأردن، البلد الفقير والمغلق برياً، ينوء تحت الأعباء الاقتصادية والمخاوف
الأمنية التي يثيرها احتمال توسع رقعة الحرب في سوريا وتسربها خارج الحدود.فعلى مدار
الثورة السورية، ظل الأردن ملتزماً بخط محايد لتفادي عداء جار قوي متمثل في سوريا التي
تعتبر شريكاً تجارياً مهماً للأردن ومعبراً حيوياً لبضائعه، لكن مع تسارع وتيرة تدفق
اللاجئين واستمرار الحرب داخل سوريا تعقدت الأمور بالنسبة للأردن، ما دفعه إلى تغيير
نسبي لمواقفه تجاه جارته الشمالية، فقد حذر الأردن أكثر من مرة من احتمال تأثير ما
يجري في سوريا على استقرار المنطقة لينحاز أكثر فأكثر إلى معارضي النظام السوري، وهكذا
فتح الأردن أول مخيم رسمي للاجئين قبل أسبوعين عندما نزح أكثر من 140 ألف سوري إلى
الأردن هرباً من العنف المتصاعد الذي يمارسه النظام ضد المعارضة.لكن وبسبب قلة الإمكانات
توجه الأردن بمطالب عاجلة للمجتمع الدولي بتقديم مساعدات إنسانية في الوقت الذي بدأت
تكثر فيه خيم اللاجئين في الامتداد الصحراوي القريب من بلدة المفرق الشمالية.وليس بعيداً
عن المخيم أنشئ موقع آخر محظور على دخول الصحفيين يستضيف السوريين المنشقين عن الأجهزة
الأمنية التابعة للنظام، وفي العاصمة عمّان التي تبعد حوالي خمسين ميلا عن بلدة المفرق
يقيم رئيس الوزراء المنشق، رياض حجاب، الذي فر قبل مدة قصيرة في إشارة واضحة على تغير
الموقف الأردني من الأزمة السورية وتخلي قيادته عن نظام كانت تجمعه به علاقات دبلوماسية.وكان
رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب، قد صرح للصحفيين في عمّان يوم الثلاثاء الماضي
أن حكومة بشار الأسد بدأت "في الانهيار"، لكن استضافة الأردن العلنية للاجئين
السوريين والمنشقين الهاربين تنطوي على بعض الخطورة بالنسبة لبلد يعتبر واحة من الاستقرار
في منطقة مضطربة، وهي صفة جعلت من الأردن مكان جذب لأفواج اللاجئين في الحروب السابقة
التي شهدها الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية.وقد أبدى المسؤولون الأردنيون مخاوفهم
من احتمال سعي النظام السوري إلى الانتقام من الأردن، أو ملاحقة المنشقين عنه داخله،
هذا بالإضافة إلى توجس المسؤولين من الاضطرابات الداخلية في وقت يسعى فيه الأردن إلى
تهدئة الحركة الاحتجاجية المطالبة بإصلاحات ديمقراطية. وفي الشهور الأخيرة ناشد الملك
عبد الله الثاني بشار الأسد بالتنحي، كما أن حكومته زادت وتيرة تقديم مساعدات غير مسلحة
للمعارضة السورية.ويبقى التخوف الأكبر للمسؤولين الأردنيين احتمال انقسام سوريا إلى
كيانات إثنية وقبلية قد تؤثر على ولاء المناطق المحاذية لسوريا سواء في الأردن، أو
تركيا، أو لبنان، بالإضافة إلى ما يمثل ذلك من خطر تسلل القاعدة وجماعات متشددة أخرى
لتعزز تواجدها في بعض المناطق السورية. ففي لقاء أجراه الملك عبد الله الثاني الأسبوع
الماضي وصف احتمال انقسام سوريا بأنه "أسوأ السيناريوهات الممكنة" بالنسبة
للأردن، مشيراً إلى شبح اندلاع حرب طائفية في عموم المنطقة، وهو خوف تقتسمه أيضاً الإدارة
الأميركية، وفي الحديث الذي أدلى به الملك إلى محطة "سي. بي. إس. نيوز"،
قال "ذلك يعني أن الجميع سيبدأ في سوريا عملية التسابق على الأرض، فلو أن سوريا
انفجرت داخلياً سيخلق ذلك العديد من المشاكل التي ستظل معنا لعقود طويلة".ومن
المخاوف الأخرى التي تستبد بالأردن مصير ترسانة سوريا المهمة من الأسلحة الكيماوية،
فقد ذكر الدبلوماسيون الغربيون أن الملك عبد الله الثاني كان من الأوائل الذين دعموا
فكرة وضع خطط للطوارئ من قبل الولايات المتحدة وباقي الحلفاء في الشرق الأوسط لتأمين
تلك الأسلحة بتدخل من القوات الخاصة في حال تمكن المقاتلون من السيطرة على بعض الأجزاء
من سوريا.وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام الأردني، في حوار أجري معه إن "النظام
ما زال يسيطر حتى هذه اللحظة على أسلحته الكيماوية، والسؤال هو ماذا بعد سقوطه؟ هل
سيسلم تلك الأسلحة إلى "حزب الله"؟ أم يبقيها في دولة علوية؟ أم تصبح جزءاً
من الفوضى العامة في سوريا؟".لكن يبقى التحدي الأكبر الذي يواجهه الأردن في الوقت
الحالي هو استمرار تدفق اللاجئين السوريين عبر الحدود، لا سيما في ظل التقارير التي
تشير إلى تبادل إطلاق النار عبر الحدود وإطلاق القوات السورية النار على اللاجئين حتى
بعد عبورهم الحدود إلى الأردن. ويُذكر أن الأردن تبنى منذ البداية سياسة الأبواب المفتوحة
تجاه اللاجئين السوريين ليصل عدد المتدفقين منهم يومياً عبر الحدود ما بين 300 و1000
لاجئ كل ليلة، وهم غالباً يعبرون الحدود بمساعدة الثوار السوريين.وبالنظر إلى العلاقات
العائلية المتداخلة على جانبي الحدود، بالإضافة إلى الروابط التجارية القديمة استطاع
أغلب اللاجئين العثور على مكان يؤويهم داخل الأردن سواء مع عائلاتهم الممتدة، أو مع
الأصدقاء في المدن الأردنية، لذا يشيد النشطاء السوريون بحفاوة الأردن وحسن استقباله
للاجئين، وهو ما يؤكده وزير الإعلام الأردني قائلاً "منذ البداية لعب الأردن دوراً
إنسانياً تجاه اللاجئين، لكن ذلك أصبح عبئاً اقتصادياً وأمنياً وسياسياً ثقيلا على
المملكة".وعدا الصعوبات الحياتية التي يعيشها اللاجئون في المخيمات مثل مخيم المفرق
وسط الصحراء والمعاناة التي يقاسونها هناك، يخشى المسؤولون الأردنيون من تسلل عناصر
الأمن السوري إلى الأردن من خلال بعض اللاجئين، أو قيام نشطاء المعارضة بتهريب السلاح
عبر الأردن، وهو أمر نبه إليه عمر عبد الله أحد معارضي النظام السوري قائلاً
"إن تهريب السلاح عبر الأردن إلى سوريا هو خط أحمر".
واشنطن بوست - كارين برويارد وجوبي واريك
- الاتحاد
تعليقات