حركة إبداع ورابطة الكتاب تستقبلان المعزين بالفقيد الكاتب اليساري والقومي ناجي علوش


حركة ابداع و رابطة الكتاب تستقبلان المعزين بالمناضل والكاتب اليساري القومي ناجي علوش في مقر الرابطة وسوف يتم الدفن غدا في الرابعة من بعد الظهر في مقبرة سحاب الجديدة ويستقبل المعزون في ديوان آل الهلسا الكرام في منطقة دابوق في عمان الغربية للفقيد الرحمة ولذويه وأسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان وقد كان أول المتصلين للعزاء وزير الثقافة الأردني الدكتور صلاح جرار الذي عزى سكرتير الرابطة الزميل هشام عودة و يبدو في الصورة مدير عام حركة ابداع الكاتب الناقد والأديب تيسير نظمي في مقر الرابطة في اللويبدة


عزاء آل علوش
تقام صلاة الجنازة في كنيسة تلاع العلي (قلب يسوع) يوم الاثنين الموافق 30/7/2012 الساعة الرابعة، وسيكون الدفن في مقبرة سحاب في الساعة 5:30 مساءً، ويفتح ديوان العزاء في قاعة الهدف (ديوان آل هلسة) في دابوق في نفس اليوم ابتداءً من الساعة الثامنة والنصف، ويستمر يومي الثلاثاء والأربعاء من العاشرة والنصف صباحاً حتى الثانية والنصف، ومن الثامنة والنصف مساء حتى الحادية عشرة والنصف
alloush100@yahoo.com
برقياً: ناجي علوش
ص. ب: 2437
تلاع العلي 11953
عمان، الأردن



ناجي علوش: المثقف والنخبه والناس

الأحد, 29 تموز/يوليو 2012

علي بدوان

لم يكن ناجي علوش مثقف فلسطيني وعربي، ينتمي للنخب الفكرية والسياسية في بلاد تعج بأصحاب فكر ووجهات نظر، من سياسيين ومثقفين وأشباههم ومدعيهم، بل كان مثقفاً وطنياً ومفكراً سياسياً بإمتياز ينتمي لعموم الناس، الذين كانوا على الدوام العنوان الحاضر في مشواره الإبداعي في الكتابة السياسية والفكرية، وفي التنظّير لمشروع حمله على أكتافه منطلقاً من بيئة وطنية وقومية عاش بها منذ صباه، إنطلاقاً من المدرسة القومية التي ترعرع فيها، إنتقالاً لحركة "فتح".

ناجي علوش مثقف الناس، ولم يكن مثقف السلطة أو السلطان، فدفع أثمان إنحيازاته للشارع والناس، بإستمرار وفي أكثر من محطة من محطات عمره وحياته السياسية والفكرية، التي كانت مليئة وغنية بالتجارب، وبالإحباطات والإنتكاسات، وقد تعرض خلالها لمحن كثيرة كان منها محاولة أو محاولتين للتصفية والإغتيال نهاية سبعينيات القرن الماضي.

كان على الدوام، حالة إستقطابية للمثقفين الفلسطينيين والعرب في بيروت وغير بيروت. كما كان حالة إستقطابية لكل صاحب فكر أو رأي حتى وإن كانت التباينات كبيرة بينه وبين أي منهم. هذا هو دوره المشهود عندما تولى الأمانة العامة للإتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في وقت كانت فيه حركة المقاومة الفلسطينية في أوج تألقها وصعودها.. وسطوتها وقوتها سبعينيات القرن الماضي.

تختلف معه، وميدان الإختلاف قد يكون رحباً وواسعاً، لكن ثقافة الإختلاف كانت عنده ممتعة وليست كارثية، فلديه متعة الإستماع، ومتعة النقاش، ومتعة الحوار، وفضيلة الإستماع المفقود في عالم يضج بالصوت الواحد ويرفض الرأي الأخر.

كان ناجي علوش، سياسياً، ومفكراً، كما كان قائداً ميدانياً في صفوف حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة منذ بواكير إنطلاقتها المسلحة فجر الفاتح من كانون الثاني/يناير 1965، حين إنضوى في صفوف حركة "فتح"، والتي لعب فيها دوراً هاماً في إيقاظ وإشعال البعد القومي في الصراع مع "اسرائيل"، بإعتباره صراع وجود وليس صراع حدود أو تسويات هنا وهناك.
إتخذ موقفاً قد يصفه البعض بأنه موقف "محافظ" وفق المصطلحات الراهنة إبان حدوث التحولات السياسية الفلسطينية المشهودة في الساحة الفلسطينية منذ عام 1974، لكن حتى وإن إختلفت معه تحترم وجهة نظره، كما تحترم تقديراته وحيثياته، فلكل صاحب رأي سديد أو نصف سديد أو ربع سديد أو صاحب إجتهاد موقعاً من التبجيل يجب أن يحفظ وأن يصان.
ناجي علوش، هذه القامة الوطنية الفلسطينية والعربية، عاشت تشدو بلحن فلسطين، وتدعو بإستمرار للربط بين الوطني والقومي في الصراع مع المشروع الصهيوني في عموم المنطقة.
إنه ناجي علوش، المثقف الفلسطيني، إبن البيئة الوطنية والقومية، الذي خسرناه بعد أن ترجل راحلاً عن دنيا الوجود، تاركاً بصماته الطيبة التي يشهد عليها الجميع، كمناضل فلسطيني، وكمثقف ومفكر عربي أصيل، إالتصق دوماً يقضية شعبه، وأمن بها حتى نخاع العظم.

مع ناجي علوش
الإثنين, 30 تموز/يوليو 2012
معن البياري

لم تُقنعني اجتهادات ناجي علوش، في مقابلةٍ معه قبل شهور، بشأن ليبيا وسوريا، وتمنَّيتُ، في حينِه، لو ينقطع المثقفُ العروبيُّ الكبير إِلى تدوينِ سيرتِه، لقناعتي بأَهمية تجربته في السياق الكفاحيِّ والسياسيِّ الفلسطيني، ولوجوبِ أن نتعرَّف، نحن الذين لا ننتسبُ إلى زمنِ الإيقاع القومي العالي، وكان أَبو إبراهيم أَحد أَصواته الصادقين، على تلك التجربةِ الثرية، سيما وأَنه من النادرين الذين انخرطوا في العمل النضالي الفلسطيني والعروبي، وزاوجوا بينه وبين ثقافة أَدبيةٍ ونقديةٍ رفيعة.
ويكون طيِّباً لو تُفاجئنا أُسرة الراحل، الكبير الذي غيَّبه الموت أَمس، بنشرِ مذكراتٍ أَو سيرةٍ دونها، ويكونُ بديعاً لو تُبادر مؤسسةٌ عربيةٌ معنيةٌ بالفكر، بالتعاون مع أَبنائه، إِلى إِعادة إِصدار كتبِه غير القليلة.
ومع التسليم بأن في الأَمر مغامرةً جريئة، لكنها تبقى ضرورية، فمؤلفاتُ ناجي علوش تُضيء على زمن جميل، كان عنوانُه السجال المشحون بنبرةٍ حارَّةٍ في سمتِها الكفاحيِّة ومشاغلها النضالية، وهو سجالٌ رائقٌ، أَياً تكن مقارباتُنا التحليلية له على مبعدةٍ زمنيةٍ منه، وقد كان من أَجل تحرير فلسطين والوحدة العربية ورفعةِ شعوبنا وتحرّر بلداننا من التبعية للأجنبي. وتمثل كتب علوش، منذ أَولها في 1962 (الثورة والجماهير)، مساهمةً نوعيةً في ذلك النقاش الفكري العام.
إِنْ بدأَتُ سطوري هذه بتسجيل عدم اقتناعي بتصوراتِ أُستاذنا الأَخيرة في شأني سوريا وليبيا الجاريين، فذلك لا يخدشُ حرصي، هنا، على تأكيد تقديرٍ كبيرٍ لديَّ تجاه هذا المثقف النبيل، وقد حظيتُ قبل نحو تسعة عشر عاماً بجلسةٍ ليليةٍ طيبة معه، وحدنا في غرفتي في فندقٍ في فاس، في أَثناءِ مؤتمر هناك، طالت أَزيد من ثلاث ساعات، وقعتُ فيها على روحٍ بديعةٍ وذات ظرافةٍ ووداعةٍ في شخصية الراحل.
وكان انطباعٌ متسرعٌ جعلني أَفترضُ بعض الخشونة فيه، ربما لتقاسيم وجهه التي تليقُ بزعيمٍ جسور، وأَيضاً لانشغالاته بقضايا كبرى، وهو الذي بقي حتى مماته على نزعته الثورية القومية الماركسية العروبية.
أَستعيد، هنا، تلك السهرة، وطواف دردشتنا فيها على ياسر عرفات والحالة الفلسطينية إِياها، وكانت أَسابيع فقط قد مضت على توقيع اتفاق أوسلو، وأَتذكر ناجي علوش باحترامٍ وإِجلال، ولظروفٍ كثيرة لم نتواصل، وإِنْ شربنا، مرّةً، القهوة معاً في الشميساني مع الصديق عمر شبانة. وإِذ لا أَزعمُ معرفةً وثيقةً بالراحل، أَو قرباً منه، فإِني أَجهر، هنا، بإعجابٍ كبيرٍ لدي بمنجزِه الأَدبي والفكري، وهو الشاعر والناقد الذي كتبَ عن بدر شاكر السياب والمتنبي (مثلا)، وبإعجابٍ مؤكدٍ بشجاعتِه وحرصِه على إِعلان مواقفِه ورؤاه، من دون احتسابٍ لغير ما هو مقتنع به.
كان ناجي علوش فلسطينياً انشقاقياً عن المؤسسة الرسمية، بروحٍ منحازةٍ إِلى الثوابت القومية التي ما تهاونَ يوماً بشأنها، وربما كانت بوصلتُه الجذريةُ هذه، وهي ذاتُ وجهةٍ يساريةٍ دائماً، التي أَبعدته عما هو سياسيٌّ في العمل الفلسطيني العام، وإِن انقطعَ إلى المشاكسةِ في السياسةِ في غير موضوعٍ ومسألة.
وأَحسبُ أَنَّ ما تركه في غير كتابٍ، في شؤون الثورة الفلسطينية والماركسية والمسألة اليهودية، وفي التجربة الفيتنامية أَيضاً، يُؤشِّر إِلى هجسِه بما هو فوق سياسي، من دون استغراقٍ في التنظير من النوع إياه، بل بإطلالات، ذات إشراقاتٍ مقدَّرةٍ على الأَغلب، على ما يتصل بالتجارب الكفاحيةِ نفسِها، كما عايشها الراحل واختبرها.
... رحم الله ناجي علوش، كان من آخر الرجال المحترمين.

ناجي علوش سوف نفتقدك

الإثنين, 30 تموز/يوليو 2012

اسامة الرنتيسي

أول مرة تعرفت فيها إلى ناجي علوش عن قرب كانت على متن باخرة بولندية استأجرتها الحكومة الليبية لنقل المشاركين العرب في مؤتمر الحوار الثوري العربي الديمقراطي في عام 1993 من مالطا إلى مدينة طرابلس الليبية.

كانت الرحلة إلى ليبيا في زمن الحصار تتطلب السفر من عمان إلى دمشق ومنها إلى مالطا. وبعد مكوث يومين في العاصمة المالطية فاليتا، أقلتنا إلى العاصمة الليبية طرابلس باخرة أوروبية (5 ستار) تحمل عدداً من القيادات الثورية العربية للمشاركة في أعمال المؤتمر، الذي صممه زعيم الحزب الشيوعي اللبناني السابق المرحوم جورج حاوي وسمسر عليه لعدة سنوات. وكان ينظم رحلة حج إلى ليبيا كل عام لمئات المناضلين العرب، بهدف كسر الحصار الدولي والمشاركة في المؤتمر الثوري.
ومن عمان حتى الوصول إلى طرابلس كان ناجي علوش مختلفا عن الجميع، لم يترك الكتاب من يده لحظة. كان له شاربان مميزان، وثقة لا يتنازعها أحد، وصمت المفكر.
لم يشارك في جلسات العصف السياسي التي يتقنها المناضلون، واستمر في التهام كتاب لا أتذكر اسم كاتبه الآن، وعنوانه "الديمقراطية في العالم العربي" . مازحته يومها قبل أن أجالسه، قائلا: أعتقد أنك تريد ان تنهي قراءة الكتاب قبل الوصول إلى ليبيا لتشاهد التجربة على أرض الواقع. فضحك قليلا وقال: يا بني، إنها حكايات الأحلام.
لم اترك أبا إبراهيم لصمته وكتابه، فحاولت أن أتعرف إليه أكثر، لأن اسمه راسخ في عقلي منذ سنوات، ولم أسمع يوما نقدا لهذا الرجل رغم كثرة المنافسين له.
كان مناضلا من نوع خاص، ومفكرا بطريقة واقعية، وكان ثوريا لا يبدل السلاح من كتف إلى كتف مثلما فعل كثير من المناضلين، وكان معلما نادرا ما يتكرر.
منذ 14 عاما ابتلي أبو إبراهيم بالمرض الذي أقعده عن مواصلة النضال والمشاركة بفعالية في المهرجانات والمسيرات، لكنه لم يقعده عن القراءة ومتابعة الأحداث السياسية.
لقد عرفت اسم ناجي علوش من أصدقاء وشخصيات من مدينة الفحيص التي عمل في مدارسها في منتصف الخمسينيات، ولا يزال ذكره الطيب على ألسنة طلابه وزملائه حتى الآن.
يا أبو إبراهيم، يمكنك أن تستريح الآن بعدما بدأت ملامح الديمقراطية تقترب أكثر من الشعوب العربية، لقد وقعت انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا. هل تصدق ذلك أيها الرفيق الجميل؟ وها هي مصر تولد من جديد، لكن على قاعدة (اللي ما بيحضر ولادة ثورته بتجيب سلفي)، وها هو الشعب السوري يرسم ملامح بطولة في حلب بعد أن خط ربيعا جديدا لريف دمشق.
يا أبو إبراهيم، في هذا الزمن الجميل سوف نفتقدك، لكن تراثك الفكري والنضالي سوف يبقى معلما للأجيال المقبلة. وإنه لجاحد وناكر للجميل ذاك الذي يدعي أن الصحوة العربية بعد بيات شتوي استمر أربعين عاما ليست نتاجاً للفكر اليساري الديمقراطي الثوري الذي عشت من أجله.
ناجي علوش، عليك الرحمة وما بدلت تبديلا.

قراءة في طلاسم الأزمة السياسية
الخميس, 26 تموز/يوليو 2012
شاكر الجوهري
تضع مصادقة الملك عبد الله الثاني على قانون الإنتخاب المعدل في مفترق طرق، بل في أزمة سياسية غاية في الصعوبة، تفتح على أحد طريقين:
الطريق الأول: اصلاحات اضطرارية واسعة تتزامن، مع تسارع عجلة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، نظرا لما للحدث السوري من انعكاسات مباشرة على الحالة الأردنية.
المصادقة على التعديلات المرفوضة شعبيا وحزبيا للقانون، تشكل مقامرة تضع في حسابها فقط احتمال الربح دون الخسارة، استنادا إلى:
اعتقاد النظام بأن سقوط نظام الأسد غير وارد، أو أنه غير مؤثر على الحالة الأردنية، كونها مختلفة عن الحالة السورية.
اعتقاد النظام بنجاحه في احتواء تأييد معظم الأردنيين.
ضعف قوى المعارضة وعدم قدرتها على التحول من المعارضة السياسية السلمية إلى المعارضة العنيفة.
عدم وجود ضغوط جدية من قبل الغرب، وخاصة اميركا لتحقيق اصلاحات سياسية فعلية في الأردن، والإعتماد ينصب هنا أساسا على التأييد البريطاني، الذي يعبر عنه السفير البريطاني في عمان، كلما لاحت له فرصة، امتداحا للإصلاحات الأردنية.
عدم امكانية أن تغسل هذه القوى يدها من النظام الأردني نظرا لأهمية موقعه الجيوسياسي.
غير أنه حال سقوط الأسد، أو حال اعتقاد النظام بحتمية وقرب سقوط النظام السوري، سيجد نفسه مضطرا لمحاولة احتواء الموقف عبر اللجوء إلى مسار اصلاحات اضطرارية عجولة، لا ضمانات بأنها يمكن أن تستعيد ثقة الرأي العام، ولا أن تمنع رفع جمعي لسقف شعارات الحراك المتوقفة عمليا، مع وجود بعض الخروقات للسقوف، عند المطالبة بإصلاح النظام.
الطريق الثاني: تحول الحراك الإصلاحي إلى ثورة إنقاذ وتغيير..! وقد أعلن الإربعاء الماضي (18/7/2012) عن تشكيل "المجلس الوطني الأردني للإنقاذ والتغيير"، الذي لوح في حال عدم اجراء اصلاحات سياسية حقيقية في الأردن، قبل 1/9/2012، فإنه سيدرس سحب اعترافه بشرعية النظام، وتشكيل حكومة إنقاذ.
هذا ما حدث في جميع البلدان التي لم تستجب أنظمة الحكم السابقة فيها لمطالب الإصلاح.
الغريب في تشبث النظام بعدم اجراء اصلاحات حقيقية، بل في تبييته النية على رفض ذلك، وعدم وجود النية لديه للإصلاح، واكتفائه ببذل الوعود لغايات استهلاك الوقت..
الغريب أنه يغمض عينيه عما جرى في دول عربية أخرى، ولا يزال يجري، لدى أقرب الجيران، مع أنه هو صاحب المصلحة الأكبر في الإصلاح، وهو صاحب الخسارة الأكبر في تجاهل مطالب الإصلاح.
كل المسؤولين يؤكدون على ضرورة الوحدة الوطنية، وتصليب الجبهة الداخلية، كي يتمكن الأردن من تجاوز الأنواء الإنقلابية التي تجتاح الإقليم، وخاصة سوريا، لكن جميع هؤلاء المسؤولين يعمل على جعل الجبهة الداخلية أوهن من أي وقت في تاريخ الأردن، ومنذ قيام الدولة سنة 1921.
وهم، لا يكتفون برفض أن يشاركهم الشعب في صناعة القرار، عبر انتخابات حرة نزيهة، دون ثغرات.. ولكنهم يمعنون في تقديم تفسيرات غاية في السوء لهذه السياسات، من طراز قول أحد النواب، ومن على شاشة فضائية محلية، إنه يرفض التخلي عن قاعدة الصوت الواحد، لأسباب "دينية وعرقية"، سارع إلى تفسيرها فور السؤال بأنها تعني "سقوط البلد بأيدي الإسلاميين والفلسطينيين..! (القدس العربي/بسام بدارين/ 16/7/2012).
وتؤكد المصادر أن "نادي الباشوات المحنطين الذين يستمع النظام لهم بين الحين والأخر قالوا للملك عدة مرات: سيدي الإصلاح السياسي يعني سقوط البلد بيد الفلسطينيين والحكم بيد الأخوان المسلمين" (ذات المصدر).
ولكن كيف يمكن أن تسقط البلد بيد الفلسطينيين، والإسلاميين؛
إذا كان الإسلاميون عازفون عن ترشيح أعداد كبيرة لعضوية مجلس النواب، لغايات تطمين النظام..؟!
وإذا كان الأردنيون من أصل فلسطيني عازفون عن المشاركة في الحراك الشعبي، وقبل ذلك هم عازفون عن الترشح لعضوية مجلس النواب، وعازفون عن التوجه إلى صناديق الإقتراع..؟!
في انتخابات 2010، تم تفصيل قانون الإنتخاب، وتوزيع الدوائر بحيث تتم زيادة التمثيل الفلسطيني في مجلس النواب، فكانت النتيجة أن ارتفع عدد النواب من 12 نائبا من أصل فلسطيني في المجلس السابق إلى فقط 8 نواب..؟!!
لم يكذبون إذا على الملك..؟
هنالك أحد سببين، أو كلاهما معا:
الأول: أنهم "يهرفون بما لا يعرفون"، وهم في هذه الحالة لا حاجة للملك بهم..!
الثاني: أنهم يدافعون عن مصالحهم، وأيضا في هذه الحالة فإن الملك لا حاجة له بهم.

في أحد اجتماعات اللجنة السياسية، التي انبثقت عن لجنة الأجندة الوطنية للإصلاح، التي شكلت برئاسة الدكتور مروان المعشر، (تحول إلى أكبر معارضي أعداء الإصلاح حاليا)، قال رئيس وزراء أسبق بصراحة يحسد عليها، في معرض تبريره رفضه التمثيل النسبي للأردنيين في مجلس النواب "معقول يعني النا عشرات السنين بنشتغل ومحافظين على مواقعنا، بدكم يانا نتركها الكم هيك..؟!".
إنهم يدافعون عن مصالحهم..!!
وتتمثل هذه المصالح في استفرادهم في صناعة القرار، بما يوفر لهم فرص أن يرتعوا في نعيم الفساد..!!
وحين تقوم الواقعة، لا قدر الله، يسهل أن يفر هؤلاء بما اكتنزت ايادهم من أموال الشعب.. يفرون إلى حيث اكتنزوا هذه الأموال خارج الحدود.. ويتركون كل ما عدا ذلك في مواجهة ما صنعت ذات الأيادي..!
لا أدل على صحة ما تذهب إليه التحليلات من أن الصراع بين كبار الطبقة الحاكمة، أكثر شراسة بما لا يقارن، عما هو حادث بينهم وبين قادة ورجالات المعارضة..؟!
لماذا..؟
السبب غاية في البساطة..
هؤلاء يتصارعون على المواقع والمكاسب، ولذلك يحمى وطيس هذه الصراعات، أما قادة المعارضة فهم لا ينافسوهم على شيئ.
هل يعقل أن يأتي الملك بأحد قادة المعارضة مثلا ليكلفه بتشكيل الحكومة..؟!
صراع رؤساء الوزارات أكثر شراسة من صراع الديوك.
وكلنا يذكر كيف أن جلالة الملك عبد الله الثاني "عاف حاله" من رؤساء الحكومات السابقين مطلع عهده، من كثرة وشاية كل واحد منهم، بكل الآخرين، ومن كثرة الإشاعات التي اطلقوها بحق بعضهم البعض..
لقد فعلوا ذلك مطلع عهد الملك الجديد، أملا بأن يستأثر كلا منهم بثقة الملك، كمدخل للحكم، وما يجره الحكم بعد ذلك من نعم..!!
وقد استدعت هذه "الطوشة" الجماعية وقتها، أكثر من تصريح صدر عن الملك.. بل إنه جمع كل رؤساء الوزراء السابقين، وطلب منهم صراحة وقف صراعاتهم، والكف عن توظيف دواوينهم السياسية في إطلاق الشائعات..!
على ماذا كانوا يتصارعون..؟!!!!
وليس فقط من قبيل الطرفة، لكنها الحقيقة، أنهم يتوحدون على امرين اثنين:
الأول: رفض الديمقراطية، والإنتخابات النزيهة، وكل ما يذهب بهم بعيدا عن مقاعد الحكم.
الثاني: محاربة أي متحول من المعارضة إلى الولاء، وهم الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدوها على المعارضين، كونهم ناقصي، إن لم يكونوا منعدمي ولاء وانتماء..! من وجهة نظرهم.
هذا لا يحدث فقط على مستوى رؤساء الحكومات، والوزراء، بل إنه يمتد كذلك لمن يسير على نهجهم.
أذكر أن كاتبا نشر مقالا وجه فيه تحية لجهود الملك عبد الله الثاني، التي أسفرت في سنة 1999، بالتنسيق مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، عن إسقاط نتنياهو في الإنتخابات الإسرائيلية.
كان عنوان مقال الكاتب المعارض: "الملك وكلينتون يشربان اليوم نخب سقوط نتنياهو"..!
فتصدى له من يريد احتكار الولاء، ظانا أن منافسا شديد المراس قد نزل للميدان، يجب وضع حد فوري لطموحاته..
أشاع المتصدي أن المقال الذي يمتدح جهود الملك، إنما هو يسيئ للملك.. إنه يقول إن جلالة الملك يسكر..!!
ولذلك، يتنافس هؤلاء في عرض وتزيين الإقتراحات التي تؤدي فقط إلى وقف عملية الإصلاح، وابتداع الذرائع التي تؤدي إلى ذلك.
في مجالسهم الخاصة، لا يقول هؤلاء إنهم يقترحون على الملك كذا وكذا..!
هم أكثر خباثة من ذلك..
هم يزعمون أن الملك يفكر في أحد ثلاثة سيناريوهات للخروج من الأزمة التي صنعوها، واقترحوا لها من الحلول ما يثبت مصالحهم، ويبقي الشعب بعيدا عن المشاركة في صنع القرار.
السيناريو الأول: تأجيل الإنتخابات، والإبقاء على مجلس النواب الحالي..!
السيناريو الثاني: حل مجلس النواب وإقالة حكومة فايز الطراونة والإتيان بحكومة ائتلافية مهمتها الأساسية إصدار قانون انتخاب توافقي (مؤقت).
طبعا ائتلافية تضم مختلف تكوينات الطاقم المتنافس على مقاعد الحكم، دون أدنى تمثيل للشعب، مع قطف رئاسة الحكومة لصالح احدهم..!
أما قانون الإنتخاب المؤقت في هذه الحالة، فيصعب تصور أن يختلف بشيئ عن أي قانون مؤقت سبق إصداره لإجراء أي انتخابات برلمانية من قبل، وعلى قاعدة قانون مؤقت لكل انتخابات جديدة..! ذات القاعدة الذهبية التي كرست مصالح هذا الطاقم.
السيناريو الثالث: إدراج قانون الإنتخاب مجددا ضمن الدورة الإستثنائية الثانية المرتقبة لمجلس الأمة لبحث تعديلات جوهرية فيه للمرة الثالثة.
وبدهي أن صفة "جوهرية" هذه هي فقط لزوم تضليل الرأي العام..!
فقد أجريت كل الإنتخابات السابقة تحت عناوين النزاهة والديمقراطية، وبموجب قانون انتخاب عصري.. كل علاقته بالعصر، أنه تم طبخه عصر ذات يوم شؤم على الشعب الأردني.
بكل وضوح.. الإقتراحات الثلاثة تحصر تقرير مستقبل الوطن إما بيد مجلس النواب الحالي، وهو خير ممثل لمصلحة الفئة الحاكمة، كما الحال في الإقتراحين الأول والثالث، وإما أن ينقل هذه المهمة لحكومة ائتلاف مصالح أطراف هذه الفئة عبر "حكومة ائتلافية"..!!
لا أحد منهم يفكر أبدا في إعادة الأمر إلى الشعب، الذي يقرر الدستور أنه مصدر السلطات..!!
بل هذا هو المحظور الأول الذي يجمعهم..!!
الإصلاح يطيل عمر النظام.. لا يجادل عاقل في هذا..
وهذا ما فعله الملك الراحل حسين رحمه الله، إثر هبة نيسان سنة 1989.. لقد بادر إلى إعادة الحياة البرلمانية القائمة على انتخابات اتسمت بقدر كبير من النزاهة، وأفرزت مجلسا نيابيا شكلت المعارضة بمختلف تلاوينها قرابة ثلث اعضائه.
لا جدال، وهذا مدعم بما يتسرب من معلومات، أن مقربي الملك، من رجالات الطبقة الحاكمة، هم الذين يزينون له الإبتعاد عن الإصلاح، بدعوى أن في هذا خطورة كبيرة على العرش، في حين أن الخطورة تعرض مصالح هؤلاء فقط للخطر، حيث أن أيا منهم لا يضمن فوزه في أي انتخابات برلمانية أو حتى بلدية.
وهؤلاء يقدمون أنفسهم للملك باعتبارهم فقط هم وليس غيرهم، أصحاب الولاء للعرش، دون أن يملك أيا منهم جوابا، أو تفسيرا للأسئلة المفصلية التالية:
·   إذا كانت المعارضة في الأردن هامشية، وأنها غير مؤثرة، فلم اصراركم على مشاركتها في الإنتخابات..؟ أليس هذا لأن عدم مشاركتها يطعن في صدقية الإنتخابات، وهذا دليل على حجمها وتأثير هذا الحجم..؟!
·    إذا كانت المعارضة هامشية وغير مؤثرة، فلم تصميمكم على الإبقاء على قاعدة الصوت الواحد في قانون الإنتخاب..؟
يقول فايز الطراونة، رئيس الوزراء الحالي، إذا كان الإسلاميون واثقون من شعبيتهم، فإنهم يستطيعون الفوز بغض النظر عن القانون الذي يمكن أن تجرى الإنتخابات بموجبه.
الرد على ذلك، وإذا كانت شعبية الإسلاميين، ومختلف قوى المعارضة هامشية، فإنك تضمن فشلهم بموجب أي قانون تجرى الإنتخابات، دونما حاجة إلى تفصيل قانون انتخابات يضمن عدم فوز معارضين.

·   إذا كان الأمر كذلك، فلم يقول مستشاروا السوء للملك إن التراجع عن قانون الصوت الواحد يعني حصول الإسلاميين على 75 بالمئة من مقاعد مجلس النواب..؟!
إن اسوأ نتائج التراجع عن الإصلاح هي إنعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم. مثل هذه الحالة سبقت جميع الثورات التي افرزها الربيع العربي.
هنالك قناعة أكيدة لدى النظام، كما لدى المعارضة، في استحالة اجراء انتخابات دون مشاركة الآخر..!
هنا على وجه التحديد عقدة الأزمة، وصاعق تفجيرها، لا سمح الله.
ولا أحد في الأردن يريد تفجيرا.
ولكن، إلى متى يمكن لجميع الأطراف أن تواصل السير على حافة الهاوية، دون أن تزل قدم أحد الأطراف، لتقوم القيامة..؟!
في اللحظة الراهنة، جميع قوى المعارضة والحراكات، الحزبية، والعشائرية، والشبابية، مجمعة على رفض قانون الإنتخاب، غير أن حزبان فقط قررا مقاطعة الإنتخابات هما حزب جبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمون)، وحزب الوحدة الشعبية، اضافة إلى أغلب الحراكات العشائرية والشبابية.
ويتجه عدد لا بأس به من الأحزاب الوسطية للمقاطعة، فيما يتريث ائتلاف الأحزب القومية واليسارية في إعلان موقف من الإنتخابات، مكتفيا بإعلان رفضه لقانون الإنتخاب، ورفضه إعلان مقاطعة الإنتخابات.
السبب الذي تقدمه أحزاب الإئتلاف لهذا الموقف هو أن "الإخوان المسلمين، يسعون لكسر عظم مع الحكومة والمؤسسات الرسمية، فيما تسعى الأحزاب اليسارية والقومية للتفاهم والحوار وممارسة الضغط ودفع القوى المحافظة كي تكون أكثر إستجابة لمتطلبات التغيير والإصلاح مما هي عليه وفيه"، كما قالت عبلة أبو علبة، أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" في اجتماع لقيادة الجبهة الوطنية للإصلاح.. بل هي انتقدت في ذلك الإجتماع، أحمد عبيدات رئيس الجبهة، موجهة كلامها لعبيدات "نحن قبلنا بك رئيساً للجبهة، من أجل أن تكون أداة تفاهم وتوسط وإسناد للواقعية السياسية، لا أن تنحاز للقطيعة بيننا وبين مؤسسات الدولة".
مداخلة أبو علبة، جاءت اساسا ردا على مطالبة قيادي اسلامي (وائل السقا) لها بالإستقالة من عضوية مجلس النواب.
بطبيعة الحال، أحزاب الإئتلاف، لا تأتي على ذكر حزب الوحدة الشعبية، اليساري، كي "تظبط معها" حكاية مواجهة اخطاء الإسلاميين.
وهي تخفي أيضا طموحات دفينة، بالتحالف مع النظام، علها تحل محل الإخوان المسلمين، في تمثيل المعارضة بمجلس النواب.

هذا طموح، بات هنالك جزء ظاهر من جبل جليده، لكن الأمر يتعلق بقبول الحكومة لعنوان صفقة لم تعلن تفاصيل مقترحاتها بعد.
هل يعقل أن تقبل قوى الشد العكسي الحكومي بأن يحل أحد محل الإسلاميين، وهي التي ترفض أي بديل لها..؟!
يصعب تصور ذلك، لكنه أمل ابليس بجنة الحكومة..!

حراك المقاهي!
الإثنين, 30 تموز/يوليو 2012
فهد الخيطان
يواظب المئات، وأحيانا الآلاف، من المواطنين على النزول إلى الشوارع نهاية كل أسبوع للمشاركة في مسيرات واعتصامات تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد. لكن في المقابل، هناك أضعاف مضاعفة من الأشخاص، من شتى الأعمار والجنسيات، يتوجهون يوميا إلى المقاهي أو "الكوفي شوبات" في عمان والمدن الكبرى. ومع قدوم شهر رمضان، يشهد حراك المقاهي زخما كبيرا، إذ تلتحق فئات جديدة، خاصة من النساء، بسهرات تمتد حتى الصباح.
في "كوفي شوبات" عمان، يندر أن تجد كرسيا فارغا في ساعات المساء. وبعض "القهاوي" تشترط الحجز المسبق، وتفرض رسوم دخول زيادة على قيمة الفاتورة.
وبخلاف اعتصامات ومسيرات الحراك الشعبي ذات الصبغة الجماعية، فإن حراك المقاهي موزع على شكل مجموعات صغيرة، صامتة في معظم الأحيان، وسط ضجيج يسمونه - تجاوزا- موسيقى.
لا ترتفع في حراك المقاهي شعارات، بل دخان كثيف يغطي المكان وما حوله؛ فالأرجيلة هي القاسم المشترك والثابت الوحيد في هذا الحراك. لساعات طويلة يجلس الرجال والنساء ممسكين بـ"بربيش" الأرجيلة، وتمر عليهم أوقات طويلة لا ينطقون فيها بكلمة واحدة، وفي حالة شرود ذهني تعجز عن تفسيرها.
لا يقل رواد حراك المقاهي عن عشرة آلاف شخص كل يوم في عمان وحدها، ولا تقل فاتورة الطاولة الواحدة عن عشرين دينارا. مبالغ كبيرة، إذن، ينفقها الأردنيون على "الكيف"، تفوق عند بعض الفئات نفقات الطبابة والتعليم، وهي تفوق بدون شك ما ينفقونه على شراء الكتب، واشتراك الإنترنت.
ثمة أشخاص كثر يفنون حياتهم من أجل حراك المقاهي، ويقضون معظم أوقاتهم في المقهى؛ ينجزون أعمالا مكتبية، ويديرون شبكة من الاتصالات الخاصة بأعمالهم، ويعقدون اجتماعات مهمة أيضا.
الفارق الجوهري بين حراك المقاهي والحراك الشعبي هو أن الأول مكلف أكثر من الثاني؛ فاتورة المشاركة فيه تفوق فاتورة المشاركة في اعتصام أو مسيرة، حتى إن "المشاريب" في حراك المعارضة كانت لفترة من الوقت على حساب الحكومة!
في الشارع تستطيع أن تقول ما تشاء دون أن تدفع فلسا واحدا، لا بل وتتلقى الشكر والتقدير من أصحاب الدعوة، بينما مجرد الحضور إلى مواقع حراك المقاهي يكلف "الشيء الفلاني".
حراك المقاهي يتفوق على الحراك الشعبي في كونه حراكا قوميا، لا بل وأمميا أيضا؛ فالمنخرطون فيه من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة، يلتقون تحت "سقف" واحد من "الطلبات". ويعود الفضل في ذلك إلى العاصمة عمان التي اكتسبت في السنوات الأخيرة هوية "كوزموبوليتانية" متعددة الأجناس.
من يتردد على المقاهي هذه الأيام يدرك مدى شغف الأردنيين بالمشاركة في تقرير مصيرهم وصناعة مستقبلهم، ويشعر أيضا بأن سماء عمان ملبدة بالدخان؛ دخان الأراجيل!

تيسير نظمي لا يتمكن من وداع ناجي علوش

 فقد كتب قبل قليل على صفحته على الفيسبوك ما يلي :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا