عيران: في الأردن رؤساء الحكومات يستبدلون و لا يستقيلون
عيران: في الأردن
رؤساء الحكومات يستبدلون و لا يستقيلون
كتب الاسرائيلي عوديد عوران يوم أمس يقول : في الأردن رؤساء الحكومات لا يستقيلون، بل يستبدلون.
هذا أحد الاسباب التي يجعل من الصعب التصديق بان عون الخصاونة استقال بالفعل في 26
نيسان بينما كان في خارج الدولة، في زيارة الى تركيا. ومن جهة اخرى، تكليف رئيس الوزراء
الجديد فايز الطراونة كان عاجلا ورسالة الملك التي حظيت بنشر فوري، هي رسالة غير عادية
في شدة الانتقاد الذي يوجهه الملك لرئيس الوزراء المنصرف وهي تدل على تنحية اكثر مما
هو على استقالة. في كتاب التعيين يثني الملك ويلمح بدور الطراونة، الذي عمل رئيسا للحكومة
في الفترة الانتقالية في نهاية عهد الحسين، في نقل الحكم الى الملك الحالي عبدالله
الثاني. الانتقال الهادىء وعديم الصدمة يبرر ثناء الملك على الطراونة.يوضح الملك للطراونة
بانه يعينه لفترة انتقالية يتعين عليه فيها أن ينهي الاصلاحات المتعلقة بقانون الاحزاب،
تشكيل المحكمة الدستورية، تشكيل لجنة الانتخابات وبالطبع قانون الانتخابات. ويشير الملك
الى أن هذا القانون يرمي الى الضمان بان يكون المجلس النيابي بالفعل يمثل كل الاردنيين...
بدرجة التمثيل العادل الاعلى' كل هذا من أجل اجراء الانتخابات قبل نهاية السنة. ويضيف
الملك بانه يجب اجراء انتخابات للبلديات، وضمان حرية الصحافة وتسريع الاصلاحات الاقتصادية
بالتوازي مع الاصلاحات السياسية. تشديد خاص يعطيه كتاب الملك لمعالجة الفساد واستكمال
الخطط العليا للتنمية في موضوعي الطاقة والمياه.ويتخذ الملك نهجا تصالحيا تجاه المتظاهرين
بقوله للطراونة انه يجب معاملتهم 'بشكل حضاري'، وانطلاقا من الحاجة الى فهم الدوافع
والاسباب، من أجل ضمان المساعدة في تعزيز العلاقة بين الشعب ومؤسسات الدولة. ولم ينسَ
كتاب الملك قوات الامن، مشيرا الى الحاجة الى تلبية احتياجاتها. وبالطبع الفلسطينيين،
الملك يشدد على تأييد اقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش في حدود 67 وعاصمتها شرقي القدس
'نحن الهاشميين سنواصل القيام بدورنا التاريخي في حماية الاماكن المقدسة للاسلام والمسيحيين
في القدس'.الحكومة أدت اليمين القانونية في 2 أيار وتضم 30 وزيرا، 12 منهم كانوا في
الحكومة المنصرفة بمن فيهم وزير الخارجية ناصر جودة.قانون الانتخابات هو بالطبع الاصعب
على الحكومة الجديدة وعلى الملك، الذي يحاول المناورة بين مطلب المعارضة ولا سيما الاخوان
المسلمين بالتمثيل النسبي الكامل الذي يعكس بالطبع التأييد لهم بينما يحاول الملك عرض
صورة صاحب السيادة المعني بالاصلاح دون أن يخسر سيطرة النظام على البرلمان. ينبغي الافتراض
بان رجل القانون الذي فيه اوقف رئيس الوزراء المعتزل عون الخصاونة امام معاضل شديدة
وفي موقف مواجهة مع الملك. ايجاد صيغة توفق بين مطالب المعارضة وبين إرادة البقاء السياسي
للاسرة المالكة، هي مهمة شبه متعذرة، حين يستمد 'الاخوان المسلمون' التشجيع من انتصار
الحزب الام في مصر ومن انتصارهم في انتخابات اتحاد المعلمين في الاردن.الصيغة الحالية
التي ارسلت الى البرلمان الاردني في بداية نيسان 2012، قبل استقالة/ اقالة الخصاونة،
استقبلت بالانتقاد. حسب هذه الصيغة، كل ناخب ينتخب ثلاثة مرشحين اثنين في محافظات انتخابية
موسعة لم تتحدد بعد وواحد من قائمة قطرية للاحزاب التي ستتقدم الى الانتخابات. ومع
أن هذه هي المرة الاولى التي ستعرض فيها قوائم قطرية على الناخب، الا ان عدد المرشحين
الذين سينتخبون في الانتخابات القطرية والنسبية لن يصل الى 50 في المائة من اعضاء مجلس
النواب كما تطالب المعارضة. فقط 15 مرشحا قطريا من اصل 138 عضوا في البرلمان، تقرر
مسودة القانون، سينتخبون في الانتخابات القطرية والقائمة القطرية لن تتمكن من ان تحظى
فيها بأكثر من 15 منهم. الهدف واضح تقليص تمثيل 'جبهة العمل الاسلامي'، الذراع السياسي
للاخوان المسلمين.بفهمه الحاجة الى اسناد دولي لخطوته، يوظف الملك جهودا لتحقيق دعم
لخطواته ودعم لمعالجته المعاضل التي يطرحها الواقع الاردني المميز. فقد زار الملك بروكسل،
عاصمة الاتحاد الاوروبي وستراسبورغ، مقر البرلمان الاوروبي، ولدى عودته التقى بسفراء
الاتحاد الاوروبي. كما أنه التقى مع مساعدي سناتورات وأعضاء كونغرس امريكيين. في هذه
اللقاءات عرض الملك مذهبه الفكري في موضوع قانون الاحزاب، والذي يفهم منه أن الملك
يفكر بتعابير ثلاثة احزاب (يمين، يسار ووسط) برامجها على مستوى وطني ولا تتناول المصالح
الخاصة التفصيلية، رسالة الى الاخوان المسلمين، الذين سيسعون الى أن يعرضوا برنامجا
سياسيا اقتصاديا واسعا، يشذ عما يعرض في المظاهرات الاسبوعية للمنظمة.تحفظ المعارضة
(الاخوان المسلمين ودوائر يسارية) على تعيين الطراونة من خلال مظاهرات يوم الجمعة
(4 أيار 2012)، والتي تمثلت بالدعوة الى الغاء اتفاق السلام مع اسرائيل من تشرين الثاني
1994، الاتفاق الذي كان الطراونة احد مهندسيه في الطرف الاردني. مئات المتظاهرين وصفوا
اتفاق السلام باتفاق الاستسلام. وانتشرت المظاهرات ايضا الى مدن في الجنوب تعتبر معقل
التأييد للاسرة المالكة. في المظاهرات الاخيرة لم تطلق ولم تظهر الشعارات التي تدعو
الى الاصلاحات وكان واضحا بان التركيز على الموضوع الاسرائيلي يرمي الى التشكيك بمصداقية
الطراونة بصفته شخصا ليس مقبولا من كل اطراف المجتمع في الاردن.في 6 أيار 2012 عين
الملك لجنة شؤون الانتخابات. على رأسها عين الملك عبد الاله الخطيب والى جانبه أربعة
اعضاء آخرين، ذوي خلفية قانونية. الخطيب، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عدة حكومات
في الاعوام 1998 2002 نسق، تحت مسؤولية الامين العام للامم المتحدة، النشاط السياسي
في موضوع ليبيا ونال تقديرا شديدا. دور اللجنة الاشراف على كل مراحل عملية الانتخابات
وضمان أن تكون نتيجة العملية 'مجلس نيابي يعبر عن الارادة الحقيقية للشعب، يمثل كل
عناصر المجتمع...' جملة ما فيها من اشكالية سبق أن فصلت. ردود الفعل الاولية على تشكيل
اللجنة كانت ايجابية ولكن مع كل اهمية تشكيلها وتعيين رئيسها الذي ليس موضع خلاف فان
شفافية وسلامة الانتخابات هي مسألة ثانوية.يبدو أن الملك سيضطر الى تلطيف حدة مشروع
القانون وزياد عدد المنتخبين في القوائم القطرية وان كان المعدل النهائي لن يكون نصف
عدد اعضاء البرلمان. دون جهود لقبول جزء من مطالب المعارضة فان هذه قد تقاطع الانتخابات
وتشكك في تمثيل البرلمان التالي. كما ينبغي الافتراض بان في هذه المرحلة سيمتنع الملك
وحكومته عن تعيين سفير اردني جديد في اسرائيل كي لا يفاقم منظومة العلاقات الحساسة
مع المعارضة. يحتمل أن تتوسع هذه السياسة ايضا لتشمل خطوات علنية اخرى في العلاقات
بين الدولتين.
17/5/2012
تعليقات