الأردن في مهب رياح أكتوبر/ عصفت بحكومة البخيت الثانية وآخر الأوراق حكومة الخصاونة
Who really won in the Shalit swap?
الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2011
أكد رئيس الوزراء المكلف الدكتور عون الخصاونة أن الانتخابات البلدية المقبلة، ستكون «محطة مشرقة وناجحة» كما ارادها جلالة الملك عبدالله الثاني تتسم بالنزاهة والشفافية الكاملة.وأعلن الدكتور الخصاونة، انه بدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة، وان هذه المشاروات لن تستنثي احدا وستشمل جميع الاطياف السياسية والنيابية، متوقعا الانتهاء من مشاوراته وتشكيلة الحكومة خلال ايام.وردا على سؤال، إن كان هذا الامر سيتم قبل نهاية الاسبوع الحالي، اشار رئيس الوزراء المكلف ان هذا الامر يعتمد على المشاروات التي ستشمل الجميع وأن مسالة الوقت لن تكون محددا اساسيا، إنما جوهر ما ستخرج عنه تلك المشاروات.وقال انه سيعرض المشاركة في الحكومة على الحركة الاسلامية وكافة الطيف السياسي والحزبي والقطاع النسائي، مؤكدا ان المشاورات لن تكون «شكلية»، إنما نابعة عن قناعة راسخة بضرورة التشاور مع الجميع وعرض المشاركة بالمسؤولية عليهم.واكد رئيس الوزراء المكلف انه «لا يوجد فيتو مسبق تجاه اي جهة (...) وان قلب ويد الحكومة مفتوحتان للجميع».وقال « سأعرض المشاركة على كل الاطياف التي تود ذلك ولديها القدرة والرغبة للعمل من أجل الحفاظ على الوطن ومكتسابته وحفاظا على السلم الاهلي».وفيما يتعلق بالحوار مع المعارضة، قال ان الحكومة الجديدة ستبدأ بالحوار مع الجميع بما فيها المعارضة، وعلى رأسها الحركة الاسلامية.وأضاف «ان رغبة جلالة الملك بأن يكون هنالك انفتاحا على جميع الاطياف السياسية في الاردن، وان يشارك الجميع في تحمل المسؤولية، ليس فقط في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ المنطقة، إنما في جميع المراحل».وأكد انه «ليس من الصعوبة الوصول الى قواسم مشتركة بين الجميع، مهما كانت الاختلافات في وجهات النظر والاراء والمواقف السياسية، خاصة إذا ما وضعنا جميعا خدمة الوطن والمضي قدما في تجذير مسيرة الاصلاح والديمقراطية هدفا نسعى لتحقيقه، وهي مسالة تتوافر للاردن جميع متطلبات وشروط نجاحها».وحول احتمالية تأجيل الانتخابات البلدية المقبلة، في ضوء ما ورد في كتاب التكليف السامي بان يكون هنالك مراجعة شاملة للاجراءات المتعلقة بها، أكد الخصاونة أن الحكومة ستتعامل مع ملف الانتخابات بما يضمن ان تكون «ناجحة ونزيهة بكافة المقاييس» واتاحة كل الوقت لتحقيق هذا الهدف من إجراء الانتخابات.وفي رده على سؤال إن كانت التشكيلة الحكومية القادمة، ستكون موسعة من حيث الحقائب، قال الدكتور الخصاونة انه «من الصعوبة اعطاء إجابة على هذا السؤال، في هذا الوقت المبكر من المشاروات» إلا أنه اشار الى احتمالية «دمج بعض الوزارات، بهدف تطوير مهامها، بحيث تكون أكثر عملية وفعالية».وفيما يتصل بعلاقة الحكومة الجديدة، مع السلطات الاخرى، قال أن «الاساس ان يكون هنالك فصل بين السلطات» موضحا أن «هذا الفصل ليس مطلقا، انما فصل مع وجود علاقة تعاون، وفق احكام الدستور والعرف بما يخدم المصلحة العامة».وأكد الدكتور الخصاونة ان الحكومة هي صاحبة الولاية العامة، بحكم الدستور، وان حكومة ذات ولاية عامة ومسؤولة بشكل تضامني امام البرلمان في تنفيذ برنامجها وخططها المكلفة بها.وأشار الى أن الاردن يسير بعملية اصلاحية شاملة ومستمرة، وقد قطعت هذه العمليةية شوطا كبيرا توجت بالدستور الجديد وحزمة اصلاحات السياسية والتشريعية وهنالك مزيدا من هذه الاصلاحات، متمثلة بقانوني الانتخاب والاحزاب، وان هذه العملية مستمرة, وأن كل هدف يحقق الاصلاح وتجذيره، قابل للنقاش، وما يتبعه من تغييرات على التشريعات.واكد حرص الحكومة الجديدة على الانفتاح على معالجة كافة الملفات والقضايا المطروحة والمستجدة، لكنها في ذات الوقت ستكون بذات الحرص على الحفاظ على سيادة القانون وهيبة الدولة، التي تشكل مسؤولية مشتركة وجماعية.وحول علاقات الاردن بالمحيط الخارجي، خاصة العلاقات الاردنية- العربية، أكد أن رؤية جلالة الملك واضحة وثابتة بهذا الشأن بالحرص على تعزيز علاقات الاردن بكافة الدول العربية وتعزيز التضامن العربي، وإقامة افضل العلاقات مع المحيط الخارجي. (الرأي/ فيصل ملكاوي وحاتم العبادي)
نراجع التعديلات الدستورية
الخصاونة رحب كذلك في تصريحات لصحيفة "العرب اليوم" بمشاركة جميع الاطياف السياسية بما فيها الحركة الاسلامية في الحكومة الجديدة مؤكدا في لقاء مع (العرب اليوم) انه يرحب بقلب مفتوح بمشاركة جميع الاطياف السياسية في البلد اذا وجد طيف بمن لديه الرغبة والقدرة على المشاركة نحن نرحب بذلك.واكد الخصاونه سعيه الى مشاركة احزاب سياسية وناشطين معارضين, مشيرا الى ان الجواب قد يكون عندهم أكثر مما هو عندي.ووعد بالانفتاح على الاحزاب والمعارضة من اجل التوصل معها الى تفاهمات في ملفات الاصلاح.واكد الخصاونة ان حكومته ستكون خليطا وخلطة من الكبار والصغار من الشباب والكهول وسيكون طابعها النزاهة وناس محترمون في مناطقهم بالمملكة حيث يستطيعون ان يكونوا بتصرفاتهم ووزنهم قدوة حسنة هي في ميزان الدنيا هو ثواب المحسن وعقاب المسيء والقدوة الحسنة.وحدد الخصاونة مهمته إضافة الى ما ورد كتاب التكليف السامي مشيرا الى مهمة اعادة ثقة الشارع بالنظام السياسي وبنا كحكومة عن طريق فتح الحوار ومعاملة الناس بالعدل لكنه تعهد باستعادة هيبة الدولة والحكم من دون استعمال القوة بل بالاقناع.وحول ما يقال عن طرح تعديلات دستورية جدية قال الخصاونة تعديل الدستور ليس بالامر السهل ولا يجوز تكراره باستمرار لانه يفقد قيمته لكنه اضاف، هناك تناقض في بعض التعديلات وربما نعيد فتح ملف التعديلات الدستورية, نقول هناك تغيير لكن سيكون هناك مراجعة.وحول مهمة الحكومة بمكافحة الفساد قال ستعنى الحكومة بمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين على ان يتم ذلك ضمن القانون ودون المساس بالحقوق الاساسية لمن تحوم حولهم شبهات الفساد وعلى ان لا تصبح المسالة هاجسا لا يمكن الا ان تكون من الاولويات فالفساد موجود، لكن لا يجوز ان نضخم القضية اكثر مما تستحق ولكن لا يجوز في الوقت نفسه ان نتساهل معها.واكد ان لديه ملاحظات كثيرة على قانون هيئة مكافحة الفساد اولا، وهناك شيء اسمه وحدة الهدف في القانون ولا يجوز ان يفصل القانون لحالة معينة. على اية حال من السابق لاوانه الكلام بشكل مفصل بهذه الامور لانها بحاجة الى دراسة دقيقة.واشار إلى الانتخابات البلدية المقررة في نهاية العام مؤكدا على ضرورة ضمان اجرائها في اجواء من النزاهة والدقة وهذا افضل من اجراء انتخابات سريعة يمكن ان تؤدي الى الفتن لكنه رفض الاجابة على سؤال حول امكانية تاجيلها قائلا الوقت مبكر. وحول كيفية تعامل الحكومة مع المسيرات يوم الجمعة المقبل قال الخصاونة القصة ليست بمشكلة نابعة من عشائر, القصة بالبلديات وهي قصة معقدة لا استطيع ولا يجوز كرئيس وزراء مكلف قبل ان تكون هناك حكومة ان ادلي برأي عن الحكومة، وانا من الذين يميلون الى الحلم لكن الاهم ان نكون دولة قانون ونظام وهو الفيصل بين الجميع. (العرب اليوم)
الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2011
استيقظ الأردنيون صباح الإثنين على أخبار تدعو للتفاؤل، بعد أن كانوا ناموا ليلتهم السابقة متشائمين، متماهية مع تصريحات لممثلة الإتحاد الأوروبي في عمان، ربطت فيها ما بين الإصلاحات السياسية والمنح الأوروبية للأردن.. وهي تصريحات يحال فصلها عن "موقعة سلحوب" يوم السبت الماضي.فقد أشرقت شمس الإثنين على تأكيدات برفض الملك مقترحات تقدم الحل الأمني، وتشكيل حكومة عسكرية، ورسو خياره على الدكتور عون الخصاونة رئيسا لحكومته الجديدة، خلفا لحكومة الجنرال معروف البخيت، التي أحسنت تفريخ الأزمات حتى الساعات الأخيرة التي سبقت رحيلها.ثمانية أشهر قضتها حكومة البخيت في الدوار الرابع، عاشها الأردنيون على اعصابهم.. رئيس ضعيف، صاحب مبادرات هدامة، استهلكت الكثر من شعبية النظام، عبر سياسات وقرارات ارتجالية في أغلب الأحيان، ومستفزة للرأي العام الأردني.. وضعت الأردن شعبا ونظاما على حافة الهاوية.ومع البخيت، تمت كذلك اقالة الفريق محمد الرقاد، مدير المخابرات العامة، الذي بقي هو الآخر حتى اللحظات الأخيرة، يمثل الهراوة الأمنية الغليظة التي استهدفت الحراكات الشعبية، وإن بإسالة القدر الأقل من دماء الأردنيين، مقارنة بدول أخرى، كما استهدفت مواصلة تزوير ارادة الأردنيين، إذ تؤكد تقارير أن ابواب دائرة المخابرات استقبلت مبكرا الطامحين في الترشح للإنتخابات البلدية للحصول على المباركة الأمنية، التي اعتادها الأردن، طوال عمره، متجاهلة (الدائرة) كل أحاديث ووعود الإصلاح. الملك الذي استشعر خطورة التطورات، رغم كل التطمينات التي استمع إليها من رئيس حكومته، ومدير مخابراته، وهو يطلع على الشعارات ذات السقف الأعلى في التاريخ الأردني، تطالب بالتغيير وإسقاط النظام، سارع صباح الإثنين إلى تكليف الخصاونة بتشكيل حكومة جديدة قبل أن يقدم البخيت استقالة حكومته، وهو الذي كان يشيع علنا أن حكومته باقية لتدير الإنتخابات البلدية المقبلة..!البديلان اللذان وقع عليهما الإختيار النهائي للملك يوحيان، بتراجع عن أسلوب التحدي، إلى مرونة لا تتخلى عن ذات الأهداف.. خاصة وأن كتاب التكليف لرئيس الحكومة الجديدة نص مواربة على إعادة فتح باب الحوار مع الحركة الإسلامية، والزم رئيس الحكومة بالتشاور مع النواب والأحزاب السياسية، دون استثناء أحزاب المعارضة، بخصوص تشكيل حكومته.
توظيف سمعة خصاونة
فقد أراد الملك أن يستفيد من السمعة الدولية للخصاونة، كونه قاضيا، ونائب لرئيس محكمة العدل الدولية، كما أراد أن يستفيد من المنصب الدبلوماسي الذي شغله لواء المخابرات المتقاعد فيصل الشوبكي، وهو يسند له مديرية المخابرات العامة، عله يستفيد، ويفيد الأردن، من مراقبته ومعايشته للتجربة المغربية حيث أمضى عدة سنوات سفيرا في الرباط.الخصاومة، الذي سبق له شغل رئيس الديوان الملكي (1997 ـ 1998)، متعظا من فشل تجرة سلفه، سارع إلى طلب ممارسة صلاحيات رئيس الحكومة كاملة، كما وردت في الدستور، الذي ينص على أن الحكومة هي صاحبة الولاية العامة على الدولة، وهو ما سبق أن فعله صديقه عبد الكريم الكباريتي سنة 1996، فتكالبت كل مراكز القوى ضده حتى أطيح به.وقد كان لا بد للملك من الموافقة على طلب رئيس وزرائه الجديد، ما دام الهدف من هذا الإختيار هو تعزيز مصداقية عملية الإصلاح التي تضررت كثيرا في عهد حكومة البخيت.كتاب التكليف لحكومة الخصاونة، الذي نشر قبل استقالة حكومة حكومة البخيت، في سابقة جديدة مسبوقة، أشار بوضوح إلى ما يريد الإستفادة منه من الخصاونة، بقوله "عرفناك جميعاً أحد أبرز المراجع القانونية على المستوى العالمي، بحيث أهلتك هذه الكفاءة لتتبوأ أعلى المناصب القانونية في العالم، قاضياً ونائباً لرئيس محكمة العدل الدولية".ولكن، هل يستفيد هذا الخيار تعزيزا لمسيرة الإصلاح المتعرقلة، أم تتضرر سمعة الخصاونة، كما تضررت سمعة سابقيه..؟!
من أبرز المهمات التي تطرق إليها كاتب كتاب التكليف، لحكومة الخصاونة مواصلة العمل على التضييق على الصحافة الإلكترونية، إذ يركز على أن "إطلاق الحريات الإعلامية يجب أن يتم بالتوازي مع الحفاظ على المهنية والمصداقية، والإنفتاح على كل الآراء والإتجاهات الفكرية والسياسية، بحيث تكون المؤسسات الإعلامية، المرئية والمسموعة والمقروءة بما فيها المواقع الإلكترونية، منابر للحوار الوطني الهادف البناء، البعيد عن الغوغائية والتحريض والإساءة لصورة الوطن واغتيال الشخصية".. وهو نص يرى غوغائية في الإعلام الأردني، بما في ذلك الصحافة الإلكترونية..!يواصل كاتب كتاب التكليف "أما أن يُستغل المناخ الديمقراطي، وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي، لبعض الأجندات الخاصة والأغراض الشخصية، والتشكيك بالمسيرة أو الإساءة إلى وحدتنا الوطنية، فذلك أمر يجب أن يُرد إلى القضاء العادل، حتى يكون الحكم والفيصل فيه".
إعادة فتح باب الحوار
إلى ذلك، يفتح كتاب التكليف باب الحوار مجددا، بهدف الإستماع إلى وجهة نظر الحركة الإسلامية، التي أقصتها حكومة البخيت عن لجنة الحوار الوطني، واللجنة الملكية لتعديل الدستور، من الظروف غير الملائمة لمشاركتها في هذه العملية.. وقد ظلت حكومة البخيت تستجدي مشاركة الحركة الإسلامية في الحوار دون جدوى، وإلى الحد الذي يرى معه المراقبون أن موقف الحركة الإسلامية هو الذي أطاخ أخيرا بحكومة البخيت، لعدم منطقية إعلان اصلاحات سياسية دون مشاركة فصيل المعارضة الأساسي في الإنتخابات البلدية والتشريعية المؤسسة على قاعدة الإصلاح..!في هذا السياق يركز كتاب التكليف على "إعطاء الأولوية لإنجاز التشريعات والقوانين الناظمة للحيـاة السياسية، وفي مقدمتها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب الذي ينبغي أن يتم التوافق عليهما، باستكمال حوار وطني فعّال وبنّاء مع كافة الأطياف السياسية والفعاليات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، قبل إقرارهما من خلال القنوات الدستورية المعروفة".لذا، فقد أعرب الخصاونة في أول تصريح له عن رغبته في مشاركة الحركة الإسلامية في حكومته..!ولضمان مشاركة الحركة الإسلامية في الإنتخابات التشريعية، كان لا بد كذلك من اجراء تعديلات على مدخلات ومخرجات الإنتخابات البلدية، التي كان انسحاب الحركة الإسلامية منها يوم اجراءها سنة 2007، هو المدخل لمقاطعة الإنتخابات التشريعية في ذلك العام.. ذا يقول كتاب التكليف الملكي "لا بد من إجراء مراجعة شاملة لموضوع الانتخابات البلدية، بحيث تكون هذه الانتخابات في أعلى درجات النزاهة والحياد لتعزيز مسيرة الإصلاح".
مهم هنا لفت الأنظار إلى مهمتين أخريين كلفت بهما الحكومة:
الأولى: الحفاظ على الوحدة الوطنية "إن وحدتنا الوطنية هي خط أحمر لا يمكن أن نسمح لأي كان بتجاوزه أو الإساءة إليها والتي يجب أن تبقى دائماً فوق كل الاختلافات والخلافات".
الثانية: "أن أي تسوية للقضية الفلسطينية لن تكون على حساب الأردن أو أن تمس مصالحنا الوطنية".هنا يجب ملاحظة أن آخر قرارات حكومة البخيت ليلة اقالتها كانت احالة أمر البت في سحب أو إعادة الجنسية الأردنية، من ذوي الأصول الفلسطينية، من وزارة الداخلية لرئاسة الوزراء.كما أن موقف حكومة البخيت كان متشددا ازاء حل فلسطيني على حساب المصالح الأردنية.
المستقبل العربي
الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2011
دعا 19 حراكاً شعبياً في مختلف المحافظات الاردنيين الى المشاركة فيما اطلق عليه "جمعة العشائر" 21/10/2011 استنكاراً لاعتداء النظام و"ادواته البغيضة" على مؤتمر الحراك الشعبي في سلحوب، على حد قولها.وكان العشرات قد اصيبوا بجروح لدى اعتداء من يصفون بـ"البلطجية" بالحجارة والعصي والاسلحة النارية لاول مرة على المشاركين في المهرجان كما تم تهشيم نحو 50 سيارة.وأكدت القوة الشبابية والشعبية في بيان أصدرته اليوم على استمرارية الحراك حتى تحقيق الإصلاح المنشود.ودعا البيان شباب الاردن الى المشاركة والتحضير لـ"رد الاعتبار" يوم الجمعة "في كل انحاء الاردن".ووقع البيان ( تجمع أبناء جرش للإصلاح / اللجان الشعبية في الكرك/ حراك ذيبان/الحراك الشعبي في الشمال/ حراك العقبة / ائتلاف الإصلاح و التغيير- معان /حراك مأدبا/حراك احرارالسلط/شباب من اجل الاردن حراك الزرقاء /تنسيقية الحراكات الشبابية والشعبية للاصلاح/الحراك الشبابي الاردني/الحراك الشبابي والشعبي في عمان / لجنة احرار الطفيلة /شباب الرمثا/تجمع الشوبك للاصلاح/ شباب حي الطفايلة /تجمع اللجان الشبابية في لواء ذيبان/ تجمع ابناء المفرق للإصلاح/ تجمع ابناء سحاب للإصلاح).
الى ذلك دعت الحركة الاسلامية وقوى وشخصيات سياسية وشبابية الى مسيرة تنطلق من المسجد الحسيني وسط عمان وصولاً الى ساحة النخيل في رأس العين عقب صلاة الجمعة المقبلة.
وفيما يلي نص البيان:
بيان صادر عن القوى والحركات الشبابية والشعبية والحزبية الاردنية
"جمعة العشائر"
هذا البيان سنوجهه الى شبابنا القابض على الجمر في مواجهة الفساد والظلم والاعتداءات المتكررة من قبل النظام، لن نوجهه الى هذا النظام لانه : قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي بعد الاعتداء الصارخة والظالمة والوقحة المتكررة وآخرها على مؤتمر سلحوب والمشاركين فيه من قبل النظام وأدواته البغيضة نقول أنه وبالشكل الواضح الذي لا شك فيه وباختصار تكلفة التغيير والاصلاح ستكون باهظة الثمن ونحن لها إذا اصر النظام على استخدام هذه الوسائل ....واننا ندعوا شبابنا الاردني للمشاركة والتحضير ورد الاعتبار يوم الجمعة في كل انحاء الاردن لكرامتنا في "جمعة العشائر"
"وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
( تجمع أبناء جرش للإصلاح / اللجان الشعبية في الكرك/ حراك ذيبان/الحراك الشعبي في الشمال/ حراك العقبة / ائتلاف الإصلاح و التغيير- معان /حراك مأدبا/حراك احرارالسلط/شباب من اجل الاردن حراك الزرقاء /تنسيقية الحراكات الشبابية والشعبية للاصلاح/الحراك الشبابي الاردني/الحراك الشبابي والشعبي في عمان / لجنة احرار الطفيلة /شباب الرمثا/تجمع الشوبك للاصلاح/ شباب حي الطفايلة /تجمع اللجان الشبابية في لواء ذيبان/ تجمع ابناء المفرق للإصلاح/ تجمع ابناء سحاب للإصلاح)
المستقبل العربي
الملك يكلف عون الخصاونة تشكيل حكومة جديدة
19 ذو القعدة 1432
17-10-2011
كلف جلالة الملك عبدالله الثاني الدكتور عون الخصاونة تشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة الدكتور معروف البخيت، التي قبل جلالة الملك إستقالتها اليوم الاثنين .
وفيما يلي نص كتاب التكليف: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، عزيزنا دولة الأخ عون الخصاونة، حفظه الله ورعاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أبعث إليك بأطيب تحياتي وخالص أمنياتي بموفور الصحة والسعادة والتوفيق وبعد، فقد عرفتك منذ سنين خلت جندياً من جنود الوطن المخلصين، وتابعت باهتمام عطاءكَ المتميز الموصول خلال عملك رئيساً للديوان الملكي الهاشمي بمعية المغفور له بإذن الله والدي الملك الحسين بن طلال، وفي سائر المواقع التي خدمت فيها والمسؤوليات التي نهضت بها بمنتهى النزاهة والإخلاص والإتقان.كما عرفناك جميعاً أحد أبرز المراجع القانونية على المستوى العالمي، بحيث أهلتك هذه الكفاءة لتتبوأ أعلى المناصب القانونية في العالم، قاضياً ونائباً لرئيس محكمة العدل الدولية.إن هذه المرحلة من مسيرة الأردن العزيز تتميز بطابع الإصلاح السياسي، وقد ترتب على انجاز التعديلات الدستورية الأخيرة إجراء مراجعة شاملة وإقرار العديد من التشريعات والقوانين الناظمة للعمل السياسي في الأردن ضمن رؤية إصلاحية شاملة، ولما عرفته بشخصك من نزاهة واستقامة وخبرة قانونية ومكانة عالمية، وما أتوسمه بك من قدرة على تحمل المسؤولية بمنتهى الأمانة والإخلاص والكفاءة، وبعد أن قبلنا استقالة حكومة الدكتور معروف البخيت آخذين بعين الاعتبار ما استشرفناه عبر لقاءاتنا المكثفة مع العديد من الفعاليات ومكونات مجتمع بلدنا الحبيب من رأي عام حولها بما في ذلك الرسالة التي وردتنا من أغلبية برلمانية، فإنني أعهد إليك بتشكيل حكومة جديدة تواصل مسيرة الإصلاح والتحديث بكل جوانبها وتنفذ استحقاقات هذه المرحلة وتبني على ما أنجزته الحكومات السابقة.دولة الأخ، إن استكمال مسيرة الإصلاح السياسي يتطلب إعادة النظر ومراجعة وإقرار العديد من القوانين والتشريعات، حتى تتواءم مع دستورنا الجديد والذي يؤسس لتفعيل المشاركة الشعبية، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في صنع القرار، في إطار من الحرية والتعددية وسيادة القانون.وعلى ذلك، فلا بد من: أولاً: إعطاء الأولوية لانجاز التشريعات والقوانين الناظمة للحيـاة السياسية، وفي مقدمتها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب الذي ينبغي أن يتم التوافق عليهما، باستكمال حوار وطني فعّال وبنّاء مع كافة الأطياف السياسية والفعاليات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، قبل إقرارهما من خلال القنوات الدستورية المعروفة، وذلك تكريساً لمبدأ الشورى وامتثالاً لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" صدق الله العظيم.
ثانياً: يرتبط بهذين القانونين إنجاز قانون الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها الذي يجب أن يتضمن الآلية المثلى لتحقيق أعلى درجات الشفافية والنزاهة والحياد، وذلك كله تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية القادمة، والتي أؤكد على ضرورة أن تكون انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تُسفر عن مجلس نواب يجسد الإرادة الشعبية ويمثل سائر شرائح المجتمع ، ويضطلع بدوره الرئيس في التشريع والرقابة والمساءلة، بمنتهى الجدارة والفاعلية، إضافة إلى إنجاز قانون المحكمة الدستورية، حتى تكون لدينا مرجعية مختصة للبت بمدى دستورية التشريعات والقوانين.
ثالثاً: لا بد من إجراء مراجعة شاملة لموضوع الانتخابات البلدية، بحيث تكون هذه الانتخابات في أعلى درجات النزاهة والحياد لتعزيز مسيرة الإصلاح، ولتقوم البلديات بدورها الرئيسي في خدمة المجتمع المحلي، وتؤسس لتنفيذ توجهاتنا المستقبلية نحو اللامركزية والحكم المحلي.
رابعاً:على الحكومة أن تعمل بكل طاقاتها لتكريس مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية، وتعزيز منظومة مكافحة الفساد لكي نردع الفساد قبل أن يقع ونحارب وقوعه، ونحاسب الفاسدين والمفسدين بصرف النظر عن مواقعهم الوظيفية أو مكانتهم الاجتماعية أو أي اعتبارات أخرى، ودون إبطاء أو تأجيل حتى يلمس المواطن، مدى الجدية والحزم في معالجة هذه الظاهرة التي تسيء إلى مصداقية مؤسسات الدولة وهيبتها، فلا أحد فوق المساءلة، ولا أحد فوق القانون مع التأكيد على ضرورة أن تكون المحاسبة من خلال القضاء العادل، ليكون هو الحكم والفيصل،كما لا بد من تقديم كل أشكال الدعم لهيئة مكافحة الفساد، والجهات الرقابيـة الأخرى.
خامساً: إن وحدتنا الوطنية هي خط أحمر لا يمكن أن نسمح لأي كان بتجاوزه أو الإساءة إليها والتي يجب أن تبقى دائماً فوق كل الاختلافات والخلافات.
سادساً: إن إطلاق الحريات الإعلامية يجب أن يتم بالتوازي مع الحفاظ على المهنية والمصداقية، والانفتاح على كل الآراء والاتجاهات الفكرية والسياسية، بحيث تكون المؤسسات الإعلامية، المرئية والمسموعة والمقروءة بما فيها المواقع الإلكترونية منابر للحوار الوطني الهادف البناء، البعيد عن الغوغائية والتحريض والإساءة لصورة الوطن واغتيال الشخصية، فليس من حق أحد الإدعاء باحتكار الحقيقة أو الإدعاء باحتكار الحرص على المصلحة الوطنية.وأؤكد هنا على ضرورة أن تكون كل أشكال التعبير عن الرأي والاحتجاج والمسيرات السلمية، تحت مظلة القانون وعلى أساس احترام الرأي والرأي الآخر،أما أن يُستغل المناخ الديمقراطي، وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي، لبعض الأجندات الخاصة والأغراض الشخصية، والتشكيك بالمسيرة أو الإساءة إلى وحدتنا الوطنية، فذلك أمر يجب أن يُرد إلى القضاء العادل، حتى يكون الحكم والفيصل فيه.
سابعاً: إن تحسين مستوى معيشة المواطن يعد أبرز أولوياتنا وهذا يستدعي من الحكومة تنفيذ البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمة ذلك تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ورفع معدلات النمـو، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحسين البيئة الاستثمارية، وجذب الاستثمارات لإيجاد فرص العمل، وخصوصاً للشباب، ووضع الآلية المناسبة للاستفادة من صندوق تنمية المحافظات، حسب احتياجاتها وأولوياتها وذلك بالتنسيق الكامل مع الهيئات والفعاليات المحلية، إضافة إلى تعزيز كافة الجهود التي تهدف إلى تمكين المرأة والشباب وتوسيع شريحة الطبقة الوسطى.
ثامناً: إننا نسعى إلى تكريس النهج الأفضل في الإدارة الحكومية الذي يقوم على التشاور مع الفعاليات الشعبية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتحديد الأولويات واقتراح الحلول الملائمة، ومن ثم الإسراع في التنفيذ والإنجاز وفق القنوات الدستورية، وبمنأى عن التردد والتأجيل وترحيل الأزمات أو المحاباة والاسترضاء.
تاسعاً: أما قواتنا المسلحة ، وأنا قائدها الأعلى، وأجهزتنا الأمنية، وهي جميعا قرّةْ عيني وعيون الأردنيين، وموضع ثقتنا وفخرنا واعتزازنا، ولهم مني ومن جميع الأردنيين كل الشكر والتقدير على ما تحلوا به من مهنية واقتدار وصبر وضبط للنفس وخُلق أردني أصيل خلال تعاملهم مع ما شهده الوطن من المسيرات وبعض مظاهر الحراك الشعبي، ويجب أن تحظى بكل الدعم والرعاية والاهتمام، من حيث التدريب والإعداد والتسليح وتوفير سبل العيش الكريم لمنتسبيها حتى تتمكن من الاستمرار في النهوض بمسؤولياتها الجسيمة في حماية الوطن العزيز، والحفاظ على أمنه واستقراره وانجازاته، بمنتهى الكفاءة والاقتدار.
عاشراً : إن انتماءنا إلى أمتنا العربية، والتزامنا بالدفاع عن قضاياها العادلـة، يتطلب أعلى درجات التشاور والتنسيق مع أشقائنا العرب حول مختلف القضايا التي تهم أمتنا العربية والإسلامية، وتعزيز التعاون معهم وتفعيل العمل العربي المشترك، وفي هذا الإطار جاء ترحيب الأشقاء بطلب انضمام الأردن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي دعوة نقدرها لهم مثلما نقدر دعمهم المتواصل ووقوفهم إلى جانبنا، وأخص بالذكر موقف أخي خادم الحرمين الشريفين الداعم للمملكة الأردنية الهاشمية في كل المجالات، ويجب على الحكومة أن تواصل العمل مع دول المجلس، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة وترجمتها إلى واقع ملموس، يعود بالخير والنّفع على جميع الأطراف.
أما القضية الفلسطينية فهي قضيتنا الأولى وقضية كل عربي وكل مسلم، ونحن ملتزمون بموقفنا المبدئي الثابت بتقديم كل أشكال الدعم وضمن أقصى طاقاتنا للأشقاء الفلسطينيين في نضالهم من أجل استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، والاستمرار بدورنا التاريخي في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتصدي لكل محاولات العبث بها أو تهديدها.وإنني أؤكد أيضاً لدولتكم وللعالم كافة أن أي تسوية للقضية الفلسطينية لن تكون على حساب الأردن أو أن تمس مصالحنا الوطنية.دولة الأخ، إن مهمة هذه الحكومة بالدرجة الأولى هي الإصلاح السياسي، وإعداد ما يلزم من التشريعات والقوانين وفق القنوات الدستورية وإجراء الانتخابات البلدية، وبناء مؤسسات الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات والمحكمة الدستورية، وهذا يتطلب أهمية التنسيق بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وعدم تغول أي منهما على الأخرى، ووضع خارطة طريق لإنجاز منظومة الإصلاح السياسي، وفق أسس ومعايير واضحة، وإطلاع المواطنين على مراحل الإنجاز، كل إنجاز في حينه، فتحديات هذه المرحلة كبيرة ودقيقة، وهناك العديد من الاستحقاقات التي يجب أن يتم انجازها بأسرع وقت ممكن، وبالتوازي مع الاستمرار في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تنعكس آثارها الإيجابية على مستوى معيشة المواطن.إن ثقتي بك كبيرة يا دولة الأخ، وإنني بانتظار تنسيبك بأسماء زملائك الوزراء، وذلك بعد إجراء المشاورات الضرورية مع مجلس الأمة والأحزاب والقوى السياسية المختلفة، وضمن إطار زمني معقول، التي تمكنك من اختيار ذوي الكفاءة والخبرة الملتزمين برؤيتنا الإصلاحية الذين سيشاركونك حمل أمانة المسؤولية، وستجد مني وزملاؤك الوزراء كل الدعم والمؤازرة.وإنني أتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن ينعم علينا بالتوفيق لخدمته وخدمة عباده في وطننا العزيز وأمتنا العربية والإسلامية.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبدالله الثاني ابن الحسين عمان في 19 ذو القعدة 1432 هجرية الموافق 17تشرين أول 2011 ميلادية وكانت الإرادة الملكية السامية صدرت بقبول استقالة حكومة الدكتور معروف البخيت، التي رفعها إلى جلالة الملك اليوم.وأعرب جلالته في رسالة بعثها إلى البخيت عن تقديره وشكره له وفريقه الوزاري، على عطائهم وجهدهم المخلص خلال تحملهم أمانة المسؤولية.
وفيما يلي نص الرسالة:
دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه الله ورعاه أبعث إليك بأطيب تحياتي وخالص أمنياتي بموفور الصحة والسعادة والتوفيق وبعد، فقد تلقيت ببالغ التقدير والاحترام كتاب استقالتك، وما تضمنه من تعبير صادق عن الانتماء الحقيقي والشعور بالمسؤولية وهذا ماعرفته فيك وخبرته في كل المواقع التي تحملت فيها أمانة المسؤولية.وكنت قد كلفتك بتشكيل الحكومة قبل عدة أشهر، وكلي ثقة ويقين بأنك الأقدر على التعامل مع متطلبات هذه المرحلة من مسيرتنا الوطنية والظروف الاستثنائية التي تميزها عن غيرها من كل المراحل فقد كنت على الدوام جنديا من جنود الوطن المخلصين، القادرين على تحمل المسؤولية بمنتهى الأمانة والإخلاص والنزاهة، ونظافة اليد، وبروح الإيثار والاستعداد للتضحية من اجل المصلحة الوطنية.وقد كنت عند ثقتي بك، فنهضت بأمانة المسؤولية أنت وزملاؤك الوزراء بشجاعة وثقة بالنفس وحرص على تحقيق الانجاز، وبالرغم من الظروف الاستثنائية التي مرت بها مسيرتنا الوطنية خلال الشهور الماضية، فقد تمكنتم من تحقيق انجازات جوهرية ستظل علامات واضحة في مسيرة الأردن العزيز من اجل الإصلاح والتحديث وتحقيق التنمية المنشودة، وسيسجل كل الأردنيين انجازاتكم المتميزة بدءا بالتعديلات الدستورية ومرورا بكل القوانين التي تؤسس لتطوير العمل السياسي في الأردن ومرورا بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وانتهاء بمحاولاتكم الجادة والجريئة على صعيد تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وملاحقة كل شبهات الفساد، دون محاباة لأحد أو خوف من أن تأخذكم بالحق لومة لائم.وسيسجل لك الأردنيون أيضا ما تحليت به من الصبر والحكمة وسعة الصدر في التعامل مع الظروف الاستثنائية التي مر بها الوطن طيلة الفترة الماضية، فقد تعاملت مع كل أطياف المعارضة ووسائل الإعلام بروح التسامح والانفتاح واحترام الرأي الآخر وعقلية رجل الدولة الذي يقدم المصلحة الوطنية العليا على كل المصالح والاعتبارات.أما وقد تقدمت إلي باستقالة حكومتك لتأخذ نصيبك من الراحة أو لتنتقل إلى موقع آخر من مواقع العمل والعطاء، فإنني اقبل استقالتك ، وإنني إذ أعرب لك ولزملائك الوزراء عن بالغ شكري وتقديري لجهودكم الخيرة وعملكم المخلص الدؤوب طيلة الشهور الماضية، لأؤكد لك يا دولة الأخ العزيز انك ستبقى موضع الثقة والاحترام والتقدير وانك ستبقى قريبا مني كما كنت على الدوام.بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير على ما قدمتم وأعطيتم لوطنكم والله يحفظكم ويرعاكم جميعا عبد الله الثاني ابن الحسين الاثنين 19 ذو القعدة 1432 الموافق 17 تشرين الأول 2011 وكان الدكتور البخيت عبر في رسالة رفعها اليوم إلى مقام جلالة الملك عبدالله الثاني عن بالغ الشكر والتقدير لجلالته على الثقة التي أولاها له وفريقه الوزاري، منذ تشرفه بحمل أمانة المسؤولية.
وفيما يلي نص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظ الله عرشه، وحمى مجده، وعززه بنصر مبين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فقد تشرفت طيلة الشهور الفائتة، بحمل ثقة مولاي المعظم، أمانة ومسؤولية، في مرحلة هي الأكثر حيوية وتفاعلا ديموقراطيا، في مسيرة هذا الوطن العزيز، الممتدة بحفظ الله ورعايته.وكانت توجيهاتكم السامية ومتابعتكم الحثيثة، خير سند لحكومتكم، في المضي الواثق المطمئن، بالأردن الغالي، إلى أفق جديد، عنوانه الإصلاح الشامل المتوازن، وأساسه، كرامة الإنسان الأردني، وحقه المصان بالشراكة والتعبير والرأي.وخلال هذه الفترة، التي تقاس بالإنجاز النوعي، لا بعدد الأيام أو الشهور؛ حقق الأردن، بقيادتكم الحكيمة، وثبة إصلاحية وصورة نموذجية، تليق بهذا البلد الأصيل وأهله، وتتمثل رسالة النهضة العربية الكبرى، ولواء القيادة الهاشمية الفذة.. وقد قدمت المعارضة الأردنية بقواها التقليدية والجديدة، وبتعبيراتها المتنوعة، شاهدا ماثلا على المسؤولية والموضوعية، والحرص على استمرارية مسيرة الإصلاح، وسلمية أدواتها ومسارها.. فأعطى الأردن الدرس التاريخي، في التفاعل الإيجابي، وتجاوز التحديات، واحترام حق الاختلاف، وسمو قيم الحوار والانفتاح.ولقد حددت حكومتكم، يا مولاي، منذ اللحظة الأولى، برنامجها الإصلاحي، في مساراته المتوازية، والتزمت بسقوفه الزمنية، وطلبت التقييم والمساءلة على أساسها؛ فكانت البداية من تقديم قانون الاجتماعات العامة، لدعم وتعزيز حق الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي، وإعفائه من أية شروط مسبقة.كما جاء قانون نقابة المعلمين تعبيرا عن احترام الدولة لهذا القطاع الواسع والحيوي من أبناء الوطن، وتلبية لمطالب تجاوز عمرها الخمسة عقود. وكانت لجنة الحوار الوطني إطارا وطنيا متنوعا للتوافق حول الأولويات الإصلاحية؛ وجاءت اللجنة الملكية لمراجعة الدستور الأردني تعبيرا عن ثقة القائد الرائد بشعبه ومؤسساته ودعما ملكيا هو الأهم لمسيرة الإصلاح السياسي.وقد تكلل ذلك كله، باستكمال المراحل الدستورية كافة، وبتعاون مسؤول من مجلس الأمة؛ وغدت التشريعات الإصلاحية رافعة صلبة، لأية خطوات قادمة، وأساسا متينا لكل جهد مبارك.. وصولا إلى تأليف الحكومات، تاليا، على أسس برامجية وبرلمانية، وفقا لرؤيتكم الإستشرافية، والتي أعلنتموها منذ سنوات، وفي مطلع عهدكم الميمون.ولاي المعظم، ولأن الإصلاح الشامل مسيرة متوازنة، متصلة، فقد كان الإصلاح الإداري حجر الأساس، في عملية الإصلاح. وقد أعلنت حكومتكم برنامجها الواضح لإعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام وإعادة هيكلة الرواتب. وبدأت بالخطوات الأساسية، باتجاه إزالة التشوهات، وتحقيق العدالة، ووقف الهدر، وإخضاع كافة المؤسسات العامة للرقابة والمساءلة، واستعادة الولاية العامة كاملة غير منقوصة، وإعادة الاعتبار للإدارة الأردنية وأجهزتها المحترمة، التي أنجزت نهضة هذا الوطن، وشيدت مؤسساته الراسخة.وفي كل هذه المراحل والخطوات، آمنت الحكومة، يقينا، بأن هيبة الدولة هي من هيبة المواطن. وأن لا اعتبار يسمو على كرامة الأردني، لا بل على كبريائه.وإن هيبة الدولة يصونها الأردنيون، البارون بآبائهم وأجدادهم، ممن شيدوا هذه الدولة، وهم الأحرص عليها؛ وأن مؤسسة العرش هي مظلة الجميع؛ وهي مظلة لا تتيح لأحد أن يختبئ وراء الملك أو أن يستقوي به على الآخرين.وقد كرست الحكومة نهج مكافحة الفساد، واعتمدت الوضوح والعلنية، في التعاطي مع كل الملفات التي تتوفر فيها بيّنات تكفي لإحالة الملفات، دون ظلم لأحد، أو تهاون في حق الدولة والمجتمع. وكانت توجيهاتكم واضحة صريحة بأن لا أحد فوق المساءلة، ولا حصانة لأي كان.وقد قامت الحكومة، بالفعل، بإحالة الملفات التي توفرت فيها القرائن الكافية، وهي بمجملها، الآن، بين يدي القضاء العادل النزيه، بعد أن استكملت الحكومة إجراءات دعم الهيئة المختصة بكل ما هو مطلوب.مولاي المعظم، لقد اجتهدت الحكومة، وعملت بكل طاقتها، في ملف البلديات، بعد أن أسس القانون الجديد، لمرحلة متقدمة، يسود فيها رأي الناس، وتأخذ توافقاتهم الأولوية في التخطيط ورسم مستقبل التنظيم والتنمية في مناطقهم. وقد ضمن القانون توسيع قاعدة المشاركة، وهو ما مثل سابقة ديمقراطية مهمة؛ تكون معها مشروعية السياسات الحكومية من مدى رضا الناس عنها، وليس من مدى القدرة على فرضها على أرض الواقع.وقد تعاملت الحكومة، مع كافة الاحتجاجات والاعتصامات؛ بكل تفهم وإيجابية. وكان حرصنا منصبا على نجاح هذا التمرين الديموقراطي، وعلى سلمية التعبير، وحق المواطنين المصان في اختيار ما يرونه الأمثل لمناطقهم.مولاي المعظم، وبعد أن حقق الأردن الغالي، بإرادتكم وعزيمتكم، هذه النقلة الإصلاحية الشمولية، الآمنة والواثقة؛ وقد كان تشريف مولاي المعظم لي بأن أكون وزملائي الوزراء، المسؤولين دستوريا وتاريخيا، عن تنفيذ توجيهات مولاي، وترجمة رؤيته الإصلاحية واقعا ماثلا؛ متسلحين بالإيمان المطلق بحتمية الإصلاح نهجا وحيدا للتعاطي مع مختلف التحديات، ورسم ملامح الأردن الجديد؛ فإنني ألتمس إرادة مولاي المعظم، بقبول استقالة الحكومة، جنديا على العهد، وأردنيا في صفوف الأردنيين الأوفياء، أضرع معهم إلى الله العلي القدير، أن يكلأكم بعظيم عنايته، وأن يديمكم ظلا ظليلا وسندا وذخرا.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته خادمكم الأمين الدكتور معروف البخيت عمان 19 ذو القعدة 1432 هـجرية الموافق 17 تشرين أول 2011 ميلادية
كيف ولماذا أسقط العاهل الأردني البخيت والرقاد؟
بسام البدارين:
2011-10-19
عمان ـ 'القدس العربي' الربيع العربي بنسخته الأردنية هو الذي دفع مؤسسة القرار لإتخاذ سلسلة من التغييرات العاصفة على مستوى النخب وألمناصب العليا خلال اليومين الماضيين دون توفر أدلة حتى اليوم على قراءة ناضجة لمشهد الحراك الداخلي طوال الأشهر الثمانية الماضية.والفرصة كانت متاحة فعلا حتى الأسبوع الماضي لتجاهل كل دعوات الشارع لإسقاط حكومة الرئيس معروف البخيت عملا بتقليد قديم يحرم تغيير الحكومات بضغط الرأي العام.لكن المعطيات تغيرت عندما إرتكب البخيت الخطيئة البيروقراطية الأكبر فأصر ولأسباب ما زالت مجهولة على إختراع العشرات من البلديات الجديدة وفصل المئات من المجالس البلدية عن بعضها البعض رافضا حتى الرجاء الذي تقدم به نائبه المحنك توفيق كريشان وهو خبير ملف البلديات عمليا عندما قال: أرجوك دولة الرئيس لا تفعلها.لكن البخيت وكما يتضح اليوم عند التعمق بأسباب سقوطه السريع فعلها وإختار وضعا داخليا موتورا ومتوترا لتقسم بلديات أصلا كانت مقسمة فإنتقل الحراك من ساحات العاصمة عمان المسيسة ذات المطالب المحددة إلى ساحات القرى التي إنقسمت وخلال ساعات أهليا لقسمين الأول يرفض خطة البخيت في فصل بلديته والأخر يريد الإنفصال.وعلى هذا الأساس دبت مظاهر الفوضى في كل المجالس البلدية التي بقيت دوما هادئة ووادعة ومظاهر الإحتجاج هنا لم يكن لها علاقة بالملف الدستوري ولا بالإصلاح السياسي ولا بكل القضايا التي تتسلى بها نخبة عمان المعارضة وأصبحت البلاد إزاء شكل جغرافي من الإنقسام الأهلي على مستوى القرى الصغيرة فقطعت طرق وإشتعلت مقرات رسمية وأحرقت إطارات في الشوارع وفي بعض الأماكن ظهر مسلحون وأغقلت مصانع بالسلاح.كل ذلك كان يحصل فيما يقول كريشان ووزراء آخرون لرئيسهم بأن النيران تندلع على الهامش والمسألة لا علاقة لها بالحركة الإسلامية ولا بالحراك السياسي، فيما كان الرجل يصر وبإلحاح غريب على تجاهل الأمر والمضي في خطته بالتعاون مع وزير البلديات الغر والشاب حازم قشوع.وفي الأثناء حصل مستجدين لا يمكن إسقاطهما من حساب عاصفة التغيير التي إجتاحت البلاد مؤخرا، فقد إنضم المراقب العام الأسبق للأخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات لإجتماع 'أهلي' نظمه بعض الغاضبين من أبناء قبيلة بني صخر الحليف القوي للنظام في أطراف العاصمة عمان وكانت رسالة الإجتماع قاسية للغاية، فيما إجتهد أحدهم في المؤسسة الأمنية وإتخذ قرارا هو الأغبى بيروقراطيا بعنوان 'قطع رجل أحمد عبيدات ومنعه من التحرك براحته في مناطق الشمال'.إجتماع اللبن كما يوصف نسبة للمنطقة التي عقد فيها إستضافه القيادي في قبيلة بني صخر غازي أبو جنيب الفايز صعد بسقف النقد إلى ما لم يكن متوقعا أو مألوفا من البنية العشائرية التي تساند النظام مما دفع الفلاحات للإنسحاب من المكان عندما سمع من الدكتور أحمد عويدي العبادي دعوة صريحة لإسقاط النظام الملكي قبل ان يستدرك المضيف ليتحدث عن إجتماع يريد إصلاح النظام.لاحقا تبرأ الإسلاميون من هذا ألإجتماع والهتافات الحمراء التي تظهرت في الشارع وزار الديوان الملكي الالاف من أبناء وقادة بني صخر لتأكيد الولاء والإنتماء في خطوة أثارت أيضا الجدل وإعتبرت حتى من بعض رجال النظام ليست موفقة.وفي التتابع الزمني بعد أيام قليلة كان احمد عبيدات الشخصية الوطنية الأبرز في الشمال يضرب ويتعرض لإعتداء منظم في قرية سلحوب بصورة أثارت الكثير من الضجة بسبب تغطية الإعتداء أمنيا والمجازفات ألتي نتجت عن حماقة أمنية من هذا النوع.أخيرا وداخل إجتماعات مجلس الأمن القومي وعلى إيقاع فوضى البلديات وحادثتي اللبن وسلحوب جنوبا وشمالا برز مدير المخابرات الأسبق الجنرال محمد الرقاد كمدافع شرس عن البخيت وخياراته وتوارى بقية صناع القرار عن الأنظار لإن أي سياسي أو مسؤول سيخسر فورا إذا ما حاول التصدي لثنائي مؤلف من مدير المخابرات ورئيس الوزراء.وفي الأثناء كان الملك عبد الله الثاني يستمع في العقبة والعاصمة لأراء العشرات من الشخصيات الوطنية الخبيرة وتحديدا تلك التي خدمت النظام أيام والده الراحل بحثا عن إستشارة تنتهي بوصفة آمنة لإحتواء مأزق النسخة الأردنية من الربيع العربي، وهذه المشاورات شملت شخصيات كانت ملقاة على الرف منذ أكثر من عقد مثل طارق علاء الدين ومصطفى القيسي وعبد الإله الخطيب وعوض خليفات ومحمد داوودية وسميح عصفورة وسميح البطيخي وعون الخصاونة والعشرات غيرهم.والسبب أن الطاقم الحالي العامل مع القصر أصبح أساسا جزء من المشكلة ويخلو من الخبرات السياسية المنتجة، اما النصائح فكانت على الفور تجمع على ضرورة وبأسرع وقت إسقاط الثنائي معروف البخيت ومحمد الرقاد وفورا ودون تردد والتنازل عن القاعدة التي تحظر التغيير تحت الضغط.وبعد التوصل إلى هذا الإستنتاج بدأت عملية البحث السريع عن رئيس وزراء جديد يلبي طموحات المرحلة، فإستمزج الدكتور القاضي الدولي عون الخصاونة كحل منطقي ووسط بدلا من المجازفة بتسليم القيادة للرئيس أحمد عبيدات الرجل الذي يريده الشارع على أمل ان يحقق الخصاونة الإختراق الأهم ويتفاهم مع أصدقائه مثل عبيدات وليث شبيلات وقادة الجماعة الأخوانية، فيما وصلت برقية للسفير الأردني المقيم قسرا في مكان ليس مكانه في المغرب وهو الجنرال فيصل الشوبكي تقول - نقصد البرقية - إحضر فورا .وفي الهامش تماما يمكن تسجيل الملاحظة الصغيرة التالية: جميع المعارضين اليوم في الشارع وقادة الحراك هم نخبة من رجال الدولة والعشائر القوية تم إقصائهم من مواقعهم أو تزويرإلإنتخابات ضدهم أو إستهدافهم وطردهم من وظائفهم في عهد الثنائي نادر ومحمد الذهبي وعلى هامش تزوير إنتخابات عامي 2007 و1010 وهما نسختا الإنتخاب اللتين أشرف عليهما كل من الرقاد والبخيت بصورة محددة.
لماذا الأردن..؟ الأزمة الإقتصادية الخانقة
للكاتب وهيب عبده الشاعر (4)
الأربعاء, 02 تشرين2/نوفمبر 2011
النقاش الذي دار بين الكاتب ونخبة مختارة من ابناء المجتمع الأردني، في مقر منتدى الفكر الديمقراطي، مثل محفزا لا يقاوم لنشر هذه الحلقات.."لماذا الأردن..؟" كتاب جديد لإبن السلط وهيب عبده الشاعر، يتولى "المستقبل العربي نشر عرض له على حلقات، اعتبارا من اليوم، يتحمل الكاتب وحده كل المسؤولية عما ورد فيه من افكار ومواقف..ولا شك في أنه كتاب مثير للجدل، مثل سابقه "الأردن إلى أين..؟" الذي اصدره الكاتب قبل ست سنوات..نقول ذلك ليس تنصلا، وإنما توضيحا للقراء الأعزاء الذين نعتقد أن الكتاب سيقدح افكارهم تعليقا، واعتراضا في بعض الأحيان.. واحتراما لإنتاج الكاتب الجدلي، يندرج تحت بند عدم السطو على افكاره التي يظن "المستقبل العربي" أنها غير مسبوقة لجهة النشر، من قبل، بمثل هذه اللغة الجامعة والواضحة.يسجل الكاتب في بداية صفحات كتابه الـ 200 من القطع الوسط، شكره لمن ساعدوه في إعداد كتابه، الذي أنجزه في آيار/مايو 2009، ولم ير النور حتى الآن، وهم "الأصدقاء الدكتور عبد الرحيم ملحس، والأستاذ موفق محادين، والأستاذ عبد الملك ياسين، والدكتور حسني الشياب، والأستاذ أحمد النمري والباحث عبدالله حموده وغيرهم من خلال الحوارات العديدة المعمّقه في الكثير من محتوياته".الفصل الرابع من هذا الكتاب يحمل عنوان "الأزمة الاقتصادية الخانقة"، وهو يتناول بعد مقدمة، العيوب الهيكلية، الفقر والبطالة والتضخم، البعد السياسي والاجتماعي، النظام الاقتصادي، الأزمه الدولية الراهنة، النظام السياسي، وردود الفعل المحلية.
يقول الكاتب في مقدمة هذا الفصل:
يواجه الأردن الآن أزمة اقتصادية ثلاثية على خلفية قائمة طويله من العيوب والاختلالات الاقتصادية ذات الطبيعة التراكمية في أحجامها وآثارها. وتتمثل الأزمة الثلاثية الراهنة في انفجار أسعار النفط والمواد الغذائية والتي تشاركه بهما معظم دول العالم، وإن بنسب متفاوتة. وتتمثل كذلك بهبوط سعر الدولار الذي يرتبط به الدينار الأردني مما يجعل معظم مستوردات الأردن أعلى كلفة، خاصة أن مستوردات الأردن تساوي أكثر من ثلاثة أرباع ناتجه المحلي.وتتمثل ثالثا في آثار الأزمة المالية والاقتصادية الخليجية والعالمية على الاقتصاد الوطني الأردني المكشوف.فأزمة النفط العالمية هي مضاعفة عدة مرات أو أكثر في الأردن بسبب إسراف الاستهلاك النفطي الموروث، منذ أن بدأ العالم بالترشيد بعد الحرب العالمية الثانية ، واستمر الأردن في ذلك حتى في السبعينات عندما تضاعفت أسعار النفط الخام، بينما استمر تاريخياً الأردن بالدعم المفرط الذي بدأ منذ الستينات. وقد أدت هذه السياسة غير المسؤولة إلى ترسيخ إفراط الاستهلاك النفطي بمختلف أشكاله . وقد أدى ذلك بدوره إلى أن يساوي النفط ربع الناتج المحلي، بينما هو لا يزيد في أوروبا واليابان عن 3% وفي أميركا عن 5%، حتى بعد زيادة أسعار النفط العالمية.أما عنصر الأزمة الثاني، فإنه يعود إلى أن معظم دول العالم تعتمد على استيراد المواد الغذائية، ولكن بنسب تقل كثيراً عن الأردن. ويكمن السبب في ذلك في أن سكان الأردن ازداد عددهم منذ نشوء الكيان حوالي ثلاثين ضعفاً، أي من ربع مليون نسمة عام 1921 إلى أكثر من سبعة ملايين نسمة الآن، بما في ذلك الأخوة العراقيون الوافدون والعمالة الوافدة، وخاصة من مصر الشقيقة.وتجدر الإشارة، إلى أن الأردن كان في بداية نشأته يصدر الكثير من المواد الغذائية، وخاصة الحبوب والأغنام. كما تجدر الإشارة إلى سوء إدارة وتوزيع الموارد المائية الشحيحة في الأردن بسبب ضغوطات من المزارعين الكبار لسرقة المياه، وعدم السيطرة على المياه المهدورة في شبكات المدن، والاستغلال الجائر للمياه الجوفية. وذلك كله يكرر من مظاهر الفساد العميق في الإدارة العامة في الأردن. وقد أدت هذه الحال إلى أن الأردن أصبح من أكثر بلدان العالم فقراً بالمياه ، ومن أكثرها حاجة لاستيراد المواد الغدائية.ويعود عنصر الأزمة بتبعية الأردن الاقتصادية لبريطانيا منذ إنشائه ، ومن ثم إلى الولايات المتحدة منذ الخمسينات من القرن الماضي ، والتي تعززت حديثاً عبر المؤسسات التابعة لها، وخاصة صندوق النقد والبنك الدوليين، أيضاً منظمة التجارة الدولية. وبالنظر لضعف القدرة المهنية والقدرة السياسية غير المؤسسة على الإرادة الوطنية والشعبية، فقد خضع الأردن من خلال البنك المركزي ووزارة المالية لتوصيات هذه المؤسسات التي هي عبارة عن تعليمات بأن يبقى الدينار الأردني مربوطاً بالدولار، لأن ذلك يشكّل هدفاً استرايتجياً للولايات المتحدة بربط أكبر عدد من الدول بالدولار الذي تراجع عالمياً في السنوات الأخيرة بشكل كبير فضلاً عن الخصخصة والعولمة. وقد أضاف في تأزيم هذا العنصر هيكل الاقتصاد الوطني الأردني، حيث إن التجارة الخارجية من استيراد وتصدير، وخاصة الاستيراد شكّلت نسبة مرتفعة جداً من الناتج المحلي الأردني، حيث تبلغ الآن أكثر من 120% منه.
العيوب الهيكلية
وتحت عنوان العيوب الهيكلية، يقول الكاتب:
انفجرت الأزمة الاقتصادية مؤخراً على خلفية مجموعة كبيرة من العيوب الاقتصادية الهيكيلية، مما أدى إلى تفاقم وتعاظم تأثيرها وكذلك مخاطرها. وسوف يتم استعراض هذه العيوب وامتداداتها وترابطها في الفصل المخصص لمعيقات المشروع الوطني وترابطه وفرصه، مما يؤكد ضرورة أن يشمل المشروع الوطني المقترح حلولاً لها كافة، ليس فقط لضمان النجاح في تحقيق الهدف الوطني ، ولكن لأن النجاح الجزئي غير ممكن، وبذلك لابد أن يكون الحل شاملاً.
إن المحصل النهائي لهذه الأزمة الراهنة والثلاثية العناصر هو جعل حياة غالبية السكان على درجة كبيرة من الصعوبة والفقر الشديد. ويؤشر على هذا الفقر المتزايد، ارتفاع مستوى الأسعار للسلع الاستهلاكية. وتتحسس غالبية السكان من أن هذا الارتفاع في الأسعار والفقر الناتج عنه هو أكثر بكثير من الأرقام الرسمية، حيث تحاول لأسباب بديهية أن تخفف إعلامياً من حدته الفعلية. وقد كانت كافة الإجراءات الحكومية لزيادة دخول الكثير من السكان غير كافية وفاعلة كما تعيشه هذه الأكثرية، بل إنها دعائية ولا تتجاوز دور المسكنات.ولا بد من التنويه إلى أن ضعف إدارة الدولة للاقتصاد الوطني ومراقبته أفرز أشكالاً متعددة من الثغرات التي ظهرت مؤخراً في قضايا البورصات العالمية غير الواضحة الأسباب. وقد تلا ذلك هبوط بورصة عمان إلى أقل من نصف قيمتها وبخسارة تصل إلى عشرين مليار دينار .
الفقر والبطالة
وعن الفقر والبطالة، يقول الكاتب:
عندما نخوض في مؤشرات الفقر والبطالة والتضخم بعيداً عن الأرقام الرسمية المزينة نجد ما يلي:
1. تشير المعادلات الدولية في تعريف مستويات الفقر بأنها ما يقل عن نصف معدل الدخل القومي للفرد. ويعود هذا التعريف إلى شمول البعدين الاجتماعي والسياسي وليس مجرد الحاجة البشرية للمكونات الغذائية التي يحتاجها الإنسان ، والتي يعتمدها الأردن في إعلامه . فإذا كانت معدلات الدخل للفرد في الأردن في العام 2007 ألفي دينار، فإن كل من يتقاضى دخلاً أقل من نصف ذلك، أي ثمانين دينار في الشهر هو فقير. وبالنظر لكون القوى العاملة في الأردن هي أقل من ربع السكان، أي أن كل من يعمل يعيل نفسه وثلاثة آخرين، فإن معدل الدخل الشهري المطلوب للإفلات من درك الفقر هو أكثر من ثلاثمائة دينار. وفي هذا المجال تشير أرقام المشتركين في الضمان الاجتماعي الذين يشكلون أكثر من 50% من القوى العاملة ، والبالغة حوالي ثمانمائة ألف مشترك بأن 85% منهم يحققون أجراً أقل من ثلاثمائة دينار في الشهر.
2. لاتشمل هذه الحسابات العاطلين عن العمل الذين لا دخل لديهم . وتدعي الدولة أن العاطلين عن العمل هم أقل من 15% من القوى العاملة وهو ادعاء مدفوع باعتبارات سياسية معهودة، وبالنظر للتعريفات المختلفة للبطالة وسبل قياسها فإن البطالة الحقيقية مخيفة جداً، وتجدر الإشارة إلى أن الهيكل السكاني في الأردن أصبح قريباً جداً من ما هو قائم في أوروبا حيث العمالة، بما فيها العاطلون عن العمل، تشكّل 40% من السكان وليس الربع. أما الجزء الأكبر من البطالة غير المعترف بها فهي بين النساء، وخاصة خريجات الجامعات اللواتي يخفين سعيهن للعمل.
3. أما مؤشرات الفقر التي تدل عليها أرقام المعونة الوطنية التي تشمل حوالي ثمانين ألف عائلة، فهي حوالي الثلاثين دينار في الشهر للفرد الواحد. وتؤكد هذه الأرقام حجم وعمق القضية الاجتماعية المخفية المتمثلة بالفقر والبطالة المستشريين.
4. يحظى بالنصيب الأكبر من التزيين الرقمي حتى حدود التزوير ربما أرقام التضخم بأسعار السلع للمستهلك. فقد أشارت الأرقام الرسمية لسنتي 2006 و 2007 بأن التضخم تراوح بين 5 إلى أقل من 7 بالمئة. إن أهمية هذه الأرقام لا تتوقف عند تقدير ضرورة تعديل الرواتب والأجور، بل تتعداها إلى المباهاة بأرقام النمو الحقيقي في الناتج المحلي، حيث إن هنالك علاقة طردية بين أرقام التضخم والنمو الحقيقي. فبالقدر الذي تخفي الأرقام الرسمية حقيقة التضخم فهي تلقائياً تبالغ بأرقام النمو الاقتصادي الحقيقي. وقد أصبحت هذه الأرقام المعلنة مصدر الهزل والسخرية الشعبية بسبب ابتعادها عن الحقيقة التي يعيشها المواطن، ويشكل هذا سبباً آخر لفقدان الثقة والمصداقية بين الدولة والمجتمع.
5. وفي العام 2008 أشارت الأرقام الرسمية المنشورة في الإعلام المحلي إلى أن التضخم وصل في الأشهر العشرة الأولى من عام 2008 إلى 15.5%، فيما يشعر المواطن العادي، الغني والفقير، بأن ذلك يشكل تخفيفاً من الحقيقة المعاشة. وقد زاد في هذه الحدة المعيشة في الأسعار ضريبة المبيعات التي تشمل معظم الأساسيات الاستهلاكية بما فيها ما يشكل غذاء الطبقات الفقيرة.
6. أما مظاهر الثراء والاستهلاك الاستعراضي والترفي الجلية للعين المجردة لدى الفئة الفنية والقليلة جداً في المجتمع، فهي تعكس حقيقة قائمة وفعلية ومتعاظمة. وقد جاءت مصادر الثروة الممولة لهذه الظاهرة من العقار الذي تضاعفت أسعاره عدة مرات دون ضرائب، والذي أستأثرت به شريحة صغيرة من السكان. وجاء المصدر الثاني من الفساد الملموس بأكثر من شكل والذي يقود إلى تراكم الثروات، بالإضافة إلى فئات من التجار والمهنيين الناجحين "شكلاً" أو الذين يمارسون الاحتكار، والذين لا يخضعون لضريبة الدخل الفاعلة. يضاف إلى ذلك بعض المغتربين الذين جمعوا ثروات غير واضحة المصادر. وقد ازدادت هذه الوتائر بعد أن سيطرت الليبرالية الأميركية كعقيدة اقتصادية، والتي لم ينج منها حتى الأميركيون أنفسهم، حيث الفساد والنهب والفقر المدقع بموجب أرقامهم الرسمية يصل إلى حوالي 15% من السكان. ويتمثل ذلك في فقدان هذه الشريحة المنازل والعيش على الفضلات. وقد افتضح هذا الأمر في إفلاس الشركات التي يتقاضى مديروها مكافآت باهظة جداً.
البعد السياسي والاجتماعي
ثم ينتقل الكاتب إلى تناول البعد السياسي والإجتماعي ليقول:
وإذ تتسم هذه الأزمة الثلاثية الأبعاد بالصفة الاقتصادية ظاهراً، غير أن مضامينها الأخطر والأهم هي سياسية واجتماعية وأمنية، لأسباب بدهية. وينجم ذلك عن أن حجم هذه الأزمة وخطورتها يتطلب بطبيعته تجاوباً جاداً إذا كان الهدف الحاكم لتوجه الدولة هو النجاة من الانفجار والهلاك وعدم الاستقرار بأشكاله المختلفة.وعندما نعود لأساسيات الحال الأردني نجد أن ما يفاقم هذه الأزمة الاقتصادية ينبع من النظام السياسي والاجتماعي القائم، والنظام الاقتصادي المنبثق عنه، وإفرازات وتفرعات كل منهما، وكذلك الترابط فيما بينهما. ولذلك فإن سبل مواجهتهما تتطلب مشروعاً شاملاً ومترابطاً بشكل عضوي أيضاً لكي تكتب له فرص النجاح . وتتمثل عيوب هذين النظامين بالحقائق المترابطة التالية.
الاقتصاد
ويقول عن الإقتصاد:
في البعد الاقتصادي الظاهر بوضوح، ومضامينه الأخرى الأقل ظهوراً، يبدأ مشهد الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني، وحجم موازنة الدولة العامة وملحقاتها فيه. ويشكل الإنفاق العام بما في ذلك البلديات والمؤسسات الحكومية المستقلة وغير ذلك أكثر من ثلثي الناتج المحلي، حيث تشكل هذه النسبة تشابهاً مع الاقتصادات الشمولية المانعة عقائدياً لدور القطاع الخاص ، إلا في أبسط أشكاله، أو الاقتصادات النفطية حيث يغيب النشاط القطاعي الآخر، وحيث تصب الواردات منه في خزينة الدولة أو الحاكم. ولكن يتميز الإنفاق العام في الأردن عن هذين النموذجين بأنه إنفاق غير منتج باستثناء خدمات التعليم والصحه والأمن المحلي، وأن تمويله يعتمد بالأساس على الضرائب وخاصة غير المباشرة.ويحصل هذا الحجم من الإنفاق العام في الأردن رغم برامج الخصخصة التي قطعت شوطاً بعيداً منذ التسعينات. حيث لم يبق لدى الدوله مؤسسات إنتاجية . حتى أن هذه الخصخصه بدأت تطول المستشفيات وغيرها من الخدمات الحيوية. ويزيد الطين بلة الميزانية الأردنية التي تعتمد في إيراداتها على الضرائب غير المباشرة حتى أكثر من النصف تقريباً، والتي تتحملها الطبقات الوسطى والفقيرة بموجب العقيدة الاقتصادية الأميركية، حيث إن موارد الخزينة من الضرائب المباشرة لا تصل إلى 6% من الإنفاق العام أو 3% من الناتج المحلي.ولهذا الحال الحاكم - منذ نشأة الكيان والمتعاظم مؤخراً بعدما كانت بريطانيا تموله، ثم تلتها أميركا - استحقاقات كبيرة في تغذية الطبقة الثرية التي تعتمد على الموارد الريعية. وهذه الطبقة في معظمها من التجار الوافدين وشيوخ العشائر والمغامرين. كذلك فإن العجز في الموازنة الراسخ والمؤسس منذ نشأة الكيان تم تغطيته بالمساعدات وبالقروض التي رتبت أعباءً وشروطاً مفروضة من الخارج لخدمة أجندات أجنبية، تبقي الأردن تحت رحمة المانحين.فكما هو حال المجتمع الأميركي يسيطر على النظام الاقتصادي الأردني منهج التباعد الطبقي الذي يصل في منتهاه إلى نظام الأسياد والعبيد، وكذلك استحقاقات هذا النظام السياسية، حيث تشترك طبقة الأثرياء مع نخب الإدارة في نظام الحكم بشكل عضوي، ويعزز هذه الحال هاجس الاعتبارات الأمنية في اختيار النخب العليا للإدارة الأمنية والمدنية .ثم يأتي المورد الآخر الهام الذي يشكل الرافعة لهذه الحال، والذي لا يأخذ حقه الكامل من الشفافية وهو المعونات الخارجية، وبالنتيجة استحقاقاتها السياسية والأمنية، خاصة أنها أميركية المصدر والإيماء لأوروبا واليابان والدول العربية النفطية وغيرها. ويضاف لهذه الوصفة من العقيدة الاقتصادية الأميركية الخصخصة التي تضع المصالح الأجنبية في موقع المقرر للخيارات الوطنية. فقد أصبحت أجزاء حيوية من الاقتصاد الوطني الأردني في أيدي المستثمر الأجنبي مثل الإسمنت والفوسفات والبوتاس والبنوك وغيرها . ويضاف كذلك منع الدعم عن ضرورات الحياة لغالبية السكان المهمشة ما عدا المعونات الدعائية والمحدودة، وكذلك فتح الأسواق للاستيراد والاستثمار الخارجيين دون اعتبار للمصالحة الوطنية، حتى في القطاعات الاستراتيجيةأما في جانب الإنفاق العام فيبرز بشكل نافر نسبة حصة الأمن والدفاع التي تزيد عن النصف من هذا الإنفاق دون أن يستدعي ذلك اهتمام المجتمع والمراقبين، حيث أنه موضوع حسّاس لا يجوز التعرض له، وقد يكون ذلك مبرراً ومقبولاً لو كان الأردن بصدد تحرير القدس، ولكن هذا الكم من الهدر في حال من السلام والخنوع والوئام الرسمي مع الخصم الإسرائيلي ، واستحالة الصدام مع الأشقاء العرب عسكرياً، لا يمكن الدفاع عنه أو قبوله. وفي الأثناء تقوم أجهزة المخابرات بوظيفة القمع الداخلي بكفاءة تتستر عليها، رغم أن الكلفة لهذا النشاط هي الأخف نسبياً والأعلى فاعلية. وتختمر القناعة لدى الكثيرين بأن الإنفاق الدفاعي يهدف لتوظيف أبناء العشائر التي تعد دعامة أساسية لنظام الحكم. كما يعتقد البعض بأن هذه الأجهزة تشكل احتياطاً أمنياً لاحتواء أية اختلالات داخلية قد تنشأ على هذه الخلفية.ويتوج هذه الحال في القطاع العام والحكومي مجموعة من العيوب الكبيرة تتمثل بالفساد وسرقات الخصخصة الكبيرة جداً والتي لم يعد من الممكن إخفاؤهما، وكذلك ضعف الأداء خاصة في الخدمات العامة بسبب معايير انتقاء النخب على أسس أمنية من أبناء العشائر والنخب الثرية دون الانتباه للمعايير في الكفاءة والإدارة. ولكن كافة هذه المواضيع مستبعدة عن الحوار الوطني والتمحيص الإعلامي والمهني.ومن المؤشرات الاقتصادية ذات الدلالات الهامة أن القيمة السوقية للبورصة الأردنية ارتفعت في عشر السنوات الماضية من أربعة مليارات إلى أربعة وأربعين مليار دينار قبل أن تنهار مؤخراً ، وذلك دون أن تنال الخزينة نصيبا منها، خاصة أن حوالي نصف ملكية هذه الأسهم تعود لغير الأردنيين. كما أن الشركات المدرجة في هذه السوق تدفع القليل جداً من ضرائب أرباحها الكبيرة المعلنة بحجج مختلفة تشمل الإيرادات الخارجية المعفاة كالبنوك التي لها فروع في الخارج.وفي النصف الأول من عام 2008 كان مجموع أرباح هذه الشركات المساهمة يزيد على ألف مليون دينار. أما مساهمتها في أعباء الاقتصاد الوطني والمجتمع الأردني فهي لا تذكر. ويبتعد هذا كثيراً عن المعايير الدولية والغربية خاصة والرافعة الأساسية للرأسمالية بشكل محدد.
الأزمة الدولية الراهنة
ثم يتناول الكاتب الأزمة الدولية الراهنة، ليقول:
كان الاقتصاد الأميركي وإلى حد أقل الاقتصاد الأوروبي الغربي، قد بدأ يظهر مظاهر ضعف تجلت في السوق العقارية منذ صيف عام 2007، وبقي الضعف محصوراً حتى صيف عام 2008 عندما حصل الانهيار الأكبر. وقد بدأ ذلك في المؤسسات الماليه المقرضة للسوق العقارية وفي المشتقات المالية، وسرعان ما انتقل الانهيار إلى باقي القطاعات الاقتصاديه وخاصة أسواق الأسهم وبعد ذلك إلى بقية أنحاء العالم. وقبل نهاية عام 2008 تأكد الركود والانكماش الاقتصادي الطويل المدى. وقد أظهرت هذه التجربة مدى منعة الاقتصادات المحلية وقدرتها المتباينة على امتصاص هذه التحديات ومخاطرها.وقد طال الأردن حتى الآن تأثيرات كبيرة في اقتصاده نتيجة هذه التطورات شبه المفاجئة. وتتلخص هذه التأثيرات في هبوط السوق المالية إلى حوالي النصف، مما يشكل خسارة حوالي أكثر من عشرين مليار دينار. ورغم أن نصف هذه الخسارة يتحملها المستثمرون غير الأردنيين، يبقى النصف الآخر عبئاً محلياً. وبالنظر لتداخل الشركات المدرجة أسهمها في السوق المالية ببعضها، فإن هذه الخسائر ظهرت في ميزانياتها في ربيع عام 2009، مما يؤدي لمزيد من الخسائر والانهيارات. وتلا ذلك فوراً جمود السوق العقارية الذي شكل جزءاً حيوياً من الاقتصاد الوطني خاصة في السنوات الأخيرة، ولم تظهر بعد نتائج هذا الجمود بالكامل . وقد رافق هذا الجمود العقاري توقف الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الأخرى ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى ركود وانكماش اقتصادي. ومن الطبيعي أن يرافق ذلك ارتفاع مستويات البطالة والفقر، وما ينتج عن ذلك من ضغوطـات اجتماعية وأمنية وسياسية، لم تظهر بوضوح كامل حتى الآن.أما التخوف الأكبر في هذا المضمار، فهو الركود في أسواق الخليج التي تضم أعداداً كبيرة من الأردنيين يقومون بتحويلات تصل أهميتها إلى حوالي ربع الناتج المحلي. وقد بدأنا نتحسس تهديد هــذا المصـدر للحيوية الاقتصادية والاجتماعية، والتي سوف تشمل عدة دول عربية أهمها مصر ولبنان.ويبدو أن هذه التطورات شبه المفاجئة سوف تظهر الفروقات النوعية بين دول واقتصادات العالم في القدرة على التعامل معها. وفي هذا المجال يظهر الأردن مجالات الضعف الهيكلي والإداري وغياب العمق الاقتصادي والاجتماعي، وكل هذا يزيد في تأزيم الأزمة الثلاثية التي يدور حولها هذا البحث.
النظام السياسي
ويختم الكاتب هذا الفصل بالتحدث عن النظام السياسي
لقد انفجرت الأزمة الاقتصادية الراهنة أعلاه، بينما نجد في المجال السياسي أن الكثير من المواد الحيوية في الدستور مجمدة عملياً وغير معمول بها، بالإضافة للتعديلات التي أجريت عليه في السبعينات وأدت إلى تشويهه، وخاصة في مجال ممارسة السيادة المصادرة والمخطوفة وصلاحية العرش في تعليق مجلس الأمة، والتي ينص الدستور عليها بوضوح بأنها ملك الشعب. أما الحريات الإعلامية والفكرية والسياسية فإن القمع والمنع الذي تنكره المواقع العليا ، هو واضح وجلي ومغطى بقوانين تم تشريعها جزافاً. وكذلك الحال في التمايز في الحقوق بين الأصول والمنابت ما يفاقم مخاطرالمجتمع ونظام الحكم بسبب تعاظم الأصول الفلسطينية القائمة الآن والقادمة باستمرار من غرب النهر. ويشمل هذا الأمر المعروف بالحقوق المنقوصة أكثر من ثلثي المواطنين خاصة في توزيع مقاعد مجلس النواب على الدوائر الانتخابية.وهنالك التبعية للقوى الخارجية، وخاصة أميركا التي تشكل ابتعاداً عن الانتماء القومي ومستحقاته والتي يعيشها المواطن الأردني. كما أن ذلك يخدش كبرياءه وكرامته. ثم تأتي هزلية الحياة البرلمانية والانتخابات وقوانينها وإدارتها. وأخيراً قمع التحريض على المقاومة في فلسطين والعراق واتهامها بالإرهاب، وكذلك أيضاً اعتماد المعايير الأميركية في تدجين أجنحة الحركات الإسلامية ذات النشاط الاقتصادي والاجتماعي. وفي المجمل تتغول الأجهزة المخابراتية في كافة نشاطات المجتمع، بما فيها القضاء والنقابات والمجتمع المدني عامة.ومنذ أن انفجرت الأزمة الاقتصادية الراهنة وتفاقمت في السنتين الأخيرتين بسبب أسعار النفط والمواد الغذائية وسعر صرف الدينار المربوط بالدولار، لم تصدر أية مؤشرات لمراجعة النظام الاقتصادي الذي تم توصيفه أعلاه، ولم يحصل أي تغيير في السياسات الاقتصادية، بل إنها ازدادت إغراقاً وغلواً. فالإنفاق العام ما زال يتزايد كنسبة من الناتج المحلي رغم المزيد من الخصخصة، وذلك بشقيه المدني والأمني. كذلك ازداد الفساد انتشاراً وحجماً. وتمادى الأردن في العولمة في كافة المجالات، وتزايد التباعد الطبقي والمناطقي، وأخيراً ازدادت العطايا والمكارم والمنح التي لا تتجاوز المسكنات المؤقتة أو الدعائية.
يتبع..
المستقبل العربي
تعليقات