OM-RUSH راجمة حركة إبداع: رؤى

OM-RUSH راجمة حركة إبداع: رؤى: فوز 'تيار القدس' في انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين مؤشر خطير

د. إبراهيم خليل

منذ تأسيس رابطة الكتاب الأردنيين في أيار/مايو 1974 بمبادرة من بعض الكتاب الذين غامروا بالكثير، وجازفوا بالوفير، من أجل أن تتكلل جهودهم بالموافقة على قيامها باعتبارها جمعية ينسحب عليها قانون الجمعيات الخيرية، وهي لا تفتأ تزهو بمواقفها السياسية التقدمية، فلم يعرف عنها، في يوم من الأيام، أنها هادنت نظاما، أو مالأت سلطة، أيا كانت. وقد دفعت ثمن ذلك الكثير من التضييق، والإغلاق، وملاحقة بعض الأعضاء، ومنعهم من السفر، أحيانا، وحبس بعضهم في السجون في أحايين أخر.

غير أنّ مسيرة الرابطة منذ سنوات عدة تشهد انحرافا ملحوظا عن هذا الاتجاه، فقبيل أربع سنوات، وفي حكومة معروف البخيت الأولى، وبعد زيارة قام بها للرابطة التي كان رئيسها وقتذاك القاص ذا الماضي الشيوعي سعود قبيلات، استدرجت الرابطة عن طريق التبرع السخي الذي يتيح لها التخلي عن مقرها التاريخي في شارع إبراهيم طوقان المتفرّع من شارع عائشة الباعونية في اللويبدة إلى مقر جديد في الشميساني، بما يمثله ذلك الانتقال من نقلة برجوازية إذا ساغ التعبير. ففي المقر الجديد توجد حديقة مشجرة، ومرافق فخمة، ومسبح إلخ.. وبأجرة تصل إلى ثلاثين ألف دولار في السنة، وهو مبلغ لا تستطيع الرابطة توفيره إلا اعتمادا على الجهة المانحة، وهي في هذه الحال الحكومة.

ولم تكن تلك المنحة إلا الخطوة الأولى في مسلسل استدراج الرابطة حتى تقع في الفخ. في فخ السلطة أولا، ثم فخ وزارة الثقافة ثانيا. وقد تجلى ذلك بصورة غير مباشرة، ولا سافرة، من خلال الدعم غير المسبوق لندوات دولية قامت الرابطة بتنظيمها: تارة باسم دورة غالب هلسا وطورا باسم دورة مؤنس الرزاز، وأغدقت على الرابطة الكثير من الأموال التي توافرت منها مبالغ كبيرة، فضلا عن نشر طبعات جديدة من كتب المؤلفين المذكورين على نفقة الوزارة كلفت عشرات الآلاف من الدنانير. هذا على الرغم من أن هذه الطبعات لا تباع، وإنما توزع غالبا على هيئة هبات، وهدايا للأشخاص، ولبعض المؤسسات.

وقد تعزز نتيجة ذلك تيار القدس في الرابطة، وفاز عن طريق جمع الأصوات التي تهيمن عليها وزارة الثقافة، والحكومة، وبعض الجهات الأخرى، وأتاحَ له هذا الفوز أن يضم للرابطة عشرات الأشخاص من موسيقيين، ورسامين، وممثلين، وفنانين، لا يمارسون الكتابة الأدبية، ولا غير الأدبية، وأصبح هؤلاء دروعا بشرية يقون الهيئة الإدارية من أي مجازفة انتخابية مستقبلا. ولهذا لم يستغرب كثيرون، ولم يفاجأ أحد، بفوز تيار القدس للمرة الثالثة، في انتخابات 8/7/ الجاري بالنسبة نفسها التي حصل عليها في الدورة السابقة، سواء من حيث عدد الأصوات، أو عدد الفائزين، أي 8 مقابل ثلاثة من التجمع الديمقراطي.

واللافت للنظر أنّ هذه الانتخابات تعد بنظر كثيرين من الكتاب والمراقبين ذات مؤشر خطير على أوضاع الرابطة ينذرُ بتحولها في مدى قصير لدائرة من دوائر السلطة. فعلى الرغم من الخلافات التي عصفت بالهيئة الإدارية المستقيلة نتيجة الموقف المتردّد من الحوادث في سورية والانتفاضة الشعبية فيها، والقمع الذي تواجه به جماهير حمص وحماة ودمشق ودرعا، مما فرض على بعض الأعضاء تقديم استقالاتهم لعدم قبولهم بموقف الهيئة المتراخي من هاتيك الحوادث، وهي هيئة سبق لها أن زغردت طويلا لانتفاضة تونس، ومصر، واليمن، والبحرين، وليبيا، ليتماهى موقفها من أحداث سورية مع موقف حزب الله، وإيران، وروسيا ظنا منها أنّ الاتحاد السوفييتي لا يزال موجودا، وإن سقوط الأمطار في موسكو يحتم عليهم أن يرفعوا المظلات في عمّان. وهذا الموقف يقتضي- كما العادة - ومثلما يحتم المنطق أن يسقط هذا التيار، وأنْ لا يفوز من مرشحيه أحد، ولكنه بدلا من ذلك حصل على نسبة كبيرة من الأصوات (8 مقاعد من 11 ) وفي ذلك ما يؤكد خطورة الموقف. لذا يرى كثيرون أن تيار القدس سوف يفوز بأي انتخابات تجرى في المستقبل، ولا تفسير لهذا إلا أن الكومبارس الذي جرى ضمه للرابطة خلال الدورتين الماضيتين، وبحسب بعض الكتاب الذي كتبوا عن الانتخابات، يحبط الآمال في تغيير الوضع إلا بإعادة حلّ الرابطة، وإنشائها من جديد، فتزوير إرادة الهيئة العامة يجري تماما مثلما تجري عملية تزوير انتخابات مجلس النواب، سواء في عهد حكومة البخيت الأولى، أو سمير الرفاعي الحفيد.

والشيء الآخر الذي يعد مؤشرا خطيرا هو أن الكاتب موفق محادين، على الرغم مما يتمتع به من شعبية في الأوساط النقابية باعتباره من نشطاء المعارضة، إلا أنه من الأشخاص الذين لا يحسن بهم أن يترشحوا لموقع كهذا، كونه من الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالأدب، فكيف يكون رئيسا لهيئةٍ الجسم الرئيس فيها من المبدعين الأدبيين؟ فهو أول رئيس يجرى انتخابه من خارج الدائرة الإبداعية الأدبية مما يضعف موقف الرابطة في نظر كثيرين في المؤتمرات الأدبية العربية والدولية، سيما وأنه لا يتمتع، وفق رأي من يعرفونه عن كثب، بطلاقة لغوية، وفصاحة لسانية، تسهل له المشاركة في مؤتمرات كهذه على الرغم من تسليمنا ببراعته في صياغة الشعارات.

ولهذا نشعرُ، ونحن نهنئ الإدارة الجديدة للرابطة، بأنّ من واجبنا امن المؤشر الخطير الذي توحي به، وتومئ إليه، النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأخيرة في رابطة الكتاب الأردنيين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نص قصيدة عماد الدين نسيمي كاملا حسب أغنية سامي يوسف

من اهم الكتب الممنوعه في الاردن: جذور الوصاية الأردنية وجميع كتب وترجمات تيسير نظمي

بيان ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا